Beirut weather 17.99 ° C
تاريخ النشر June 13, 2017
A A A
51 حكم إعدام نفذت في لبنان… و 100 ينتظرون الموت
الكاتب: علي عواضة - النهار

أكثر من 100 حكم إعدام في لبنان تنتظر التطبيق، في قضايا مختلفة بدءاً من الأرهاب وصولاً الى جرائم الشرف والقتل المتعمد وغيرها من الجرائم التي اصدرت المحاكم اللبنانية قراراتها بإعدام الفاعلين فيها، لتعود القضية فتطرح بقوة في الايام السابقة مع ارتفاع وتيرة القتل المجاني على الاراضي اللبنانية.

رغم مشاريع القوانين المقدمة الى مجلس النواب لإلغاء قانون الإعدام، بقيت في أدراج النسيان تنتظر طرحها على اللجان النيابية، فعودة تنفيذ عقوبة الاعدام طرحت في السنوات الاخيرة لتطبيقها بحق المتهمين بقضايا الارهاب، الا انها رفضت في حينها باعتبار ان الاعدام لا يردع المجرم خصوصاً في قضايا الارهاب، لكون المنظمات المتطرفة تعتبر الموت وسيلة لتطبيق مشروعها، والقتل لا يمنعها من تنفيذ عمليات ارهابية اضافية.

تاريخ الإعدام في لبنان
في جردة سريعة لتنفيذ عقوبة الاعدام في لبنان منذ عام 1947 حتى آخر حكم بالاعدام في 17 كانون الثاني 2004، في عهد الرئيس اميل لحود بحق كل من أحمد منصور وبديع حمادة وريمي أنطوان زعتر، فقد سجل لبنان تنفيذ 51 حكما وزعت على الشكل التالي:

19 في عهد الرئيس بشارة الخوري، وقع 17 منها في عهد رئيس الحكومة رياض الصلح، بينما نفذ حكمان في عهد رئيس الحكومة سامي الصلح.

6 احكام في عهد الرئيس كميل شمعون كان اولها في 26 حزيران 1953 بحق مهدي عباس حسن الشل، وآخرها في 6 تموز 1957  بحق مجيد محمود صافي.

4 أحكام في عهد الرئيس فؤاد شهاب، كان اولها في 16 نيسان 1959 بحق ابرهيم النابلسي، وآخرها في 5  تشرين الثاني 1960 بحق وهبي حسن ضاهر بيرم.

بينما وقّع الرئيس سليمان فرنجية 4 احكام اعدام نفذت في عهد الرئيس صائب سلام، كان أولها بحق جورج حنا لولش، وآخرها عام 1972 بحق توفيق عيتاني.

وعند اندلاع الحرب الاهلية لم ينفذ الا حكم اعدام واحد في عهد الرئيس امين الجميل بحق ابرهيم طراف 7 نيسان 1983، وكان حينها الرئيس شفيق الوزان رئيساً للحكومة، حيث تولت الميليشيات اللبنانية على اختلافها تنفيذ عقوبة الاعدام الميداني بحق “خصومها”.

وبعد انتهاء الحرب اعتبر عهد الرئيس الياس الهراوي الاكثر “دموية”، إذ نفذ أكثر من 14 حكم اعدام جميعها أيام حكومة الرئيس رفيق الحريري، وكان اولها في 23 نيسان 1994 بحق بسام المصلح، بينما نفذت آخر عقوبة في عهد الهراوي في 9 ايار 1998 بحق حسن حبال.

ارتفاع نسبة الجرائم في لبنان في الاعوام الاخيرة لا يعتبر دافعاً لعودة الاعدام الى لبنان بحسب مدير البرامج في جمعية “الف” الحقوقية جورج غالي، الذي اكد ان ارقام وزارة الداخلية للجرائم عام 2015 كانت 154 جريمة، بينما انخفضت النسبة عام 2016 لتصل الى 134 جريمة، وفي الاشهر الثلاثة الاولى من السنة الجارية وقعت 23 جريمة، “مما يعني ان تنفيذ الاعدام غير مرتبط بانخفاض نسبة الجريمة. فبعض الدول نسبة الاعدام فيها مرتفعة، كذلك نسبة الجريمة، إذا المسألة تعود الى المجتمع، والاعدام لا يردع الجريمة، خصوصاً في قضايا الارهاب”، مؤكداً أن “الاعدام يخلف ضحية أخرى هي عائلة المحكوم، فاذا اقدم المجرم على فعلته فلا يكون الاقتصاص للعدالة بقتله، بل يمكن الحكم عليه بالمؤبد بدل الموت”.

وشدد غالي أن “الرادع الاساسي لتخفيف الجرائم في لبنان يكون بتشديد تطبيق القانون ومحاربة العديد من الآفات، كالمخدرات وتجارة السلاح وغيرها من الجرائم التي سمحت بهذا التفلت الامني في غياب اي محاسبة. فعلى سبيل المثال عند تطبيق قانون السير التزم معظم المواطنين القانون واحترم جميعهم اشارات السير خوفاً من العقاب، مما يعني ان الرادع الاساسي هو الخوف من العقاب والغرامة المالية الضخمة في حال مخالفة السير”.

الاعدام في القانون اللبناني
يُسند البعض فكرة مشروعية الابقاء على عقوبة الاعدام إلى الخصوصية التي تتمتّع بها بعض الدول، رغم انضمامها إلى شرعة حقوق الإنسان. ويعتبر البعض الآخر أن الدول التي لا تزال تعاني ذيول حروب أهلية تحتاج إلى فرض عقوبة الإعدام على مرتكبي أعمال العنف، أقله الى حين بلوغ البلد حالة الأمن والاستقرار، كما أن البعض يخشى محاذير الحكم بغير عقوبة الاعدام، لجهة ما قد ينجم عنه من تفلّت المجرم من العقاب .

ورغم صدور اكثر من 100 حكم بالاعدام غير منفذة الا ان في حال تطبيقها، ستحدث “مجزرة”، فالعقوبة ما زالت قائمة ولكن تنفيذها يبقى معلقاً، وفي حال تغيير نظام الحكم في لبنان وقدوم طبقة سياسية مختلفة قد تعيد تطبيق الاعدام بحق العديد من المجرمين، وهو ما يدفع بالعديد من المنظمات الحقوقية والمنظمات الدولية بالعمل على الغاء قانون الاعدام. واعتبر رئيس جمعية justicia الحقوقية المحامي بول مرقص أنه “لم يكن الحكم بالإعدام السبب الوحيد الذي أثار سخط المدافعين عن حقـوق الإنسـان، داخليـاً وخارجياً، وإنما أيضاً الممارسات التي تتبع مثل هذا الحكم، وهي بنوع خاص: العلنية التي تتبع عمليـة تنفيذ الحكم وطريقة تنفيذ العقوبة. واكد انه غداة انتهاء الحرب عام 1990 في لبنان، صدر القانون الرقم 302/1994 – الذي حرم القضاء سلطته التقديرية في تطبيق الأسباب التخفيفية، بحيث أصبحت جرائم القتل على اختلافهـا توجب الحكم بإعدام فاعليها، بما فيها تلك المنصوص عليها فـي المـادتين 547 و548 مـن قـانون العقوبات، بصرف النظر عن الأسباب التي حملت الجاني على ارتكاب جريمته. إلا أنه مع استتباب الأمن، صدر في 2 آب 2001 القانون رقم 338 الذي نصّ على إلغاء أحكام القانون رقم 302/1994 واعادة العمل بأحكام مواد قانون العقوبات التي كانت نافـذة سابقاً.

ورأى مرقص أنه “لا يمكن اعتبار هذه الخطوة تطوراً كافياً على صعيد حقوق الإنسان، ذلك أنها لـم تلـغِ عقوبة الإعدام، بل اكتفت بإعادة العمل بالأحكام السابقة، خصوصاً أنه في الممارسة، وبعـد تعليـق تنفيذ عقوبة الإعدام لمدة أكثر من خمس سنوات، عادت السلطة اللبنانية ونفذّت عقوبة الإعـدام، مما يعني ان السلطات اللبنانية قد تنفذ حكم الاعدام في السنوات اللاحقة، بينما اليوم المطالبة باعادة الاعدام ليست سوى “فوعة” يمكن اعتبارها انتخابية واجتماعية للمطالبة بالثأر من المعتدين. وإذا كان مفهوم التذرع بالظروف الأمنية قد اعتُمِدَ لفرض عقوبة الإعدام في صورة استثنائية، إلاّ أنه مع استتباب الأمن، وبدل إلغاء عقوبة الإعدام نهائيا، جـاء القـانون 338/2001 ليلغي أحكام القانون 302/1994 فقط، مبقياً على عقوبة الإعدام في الحالات المعينة في المـادة 549 من قانون العقوبات.