Beirut weather 23.41 ° C
تاريخ النشر October 27, 2019
A A A
48 ساعة مصيرية… هل تستقيل الحكومة؟
الكاتب: النهار

ارتفع منسوب الاعتبارات الأمنية على نحو ملحوظ في اليوم العاشر من انتفاضة الغضب الشعبية العارمة المتواصلة بزخم تصاعدي لافت من دون التقليل من اهمية العامل الأمني الذي برز بقوة مع حادث البداوي في طرابلس وكذلك مع الاجراءات الامنية التي تحاول القوى العسكرية والامنية اتخاذها لتأمين سلامة المتظاهرين كما المتنقلين وحرية التنقل عبر الطرق. واذ بدا صوت التظاهر وصوت الامن طاغيين على صوت السياسة، فإنّ ذلك لم يشكل مؤشرا إيجابيا لانه عكس عدم بلورة اي حل سياسي واضح بعد للخروج من الازمة المتصاعدة علما أنّ ليس هناك اي حل ممكن وقادر على ان يجعل المتظاهرين والمنتفضين يقتنعون بانهاء الاحتجاجات الا باستقالة الحكومة وهو الامر الذي تدور حوله حاليا المشاورات الداخلية والدبلوماسية على مختلف المستويات.

واذ شكل حادث البداوي مؤشراً سلبياً متقدّماً لاحتمالات الانزلاق نحو أفخاخ من شأنها ان تحرف الوضع السلمي للانتفاضة عن مسارها كما من شأنها توريط الجيش في الانجرار نحو استعمال القوة فان مسارعة الجيش الى كشف مجريات الحادث الذي تسبب به استهداف الجيش بالحجارة وإصابة خمسة جنود بجروح مما استتبع اطلاق قنابل دخانية ورصاص مطاطي ورصاص في الهواء مما ادى الى سقوط خمسة جرحى بين المتظاهرين وضع حدا سريعا لتداعيات الحادث كما ان المتظاهرين عمدوا بسرعة الى تجاوز الأثر السلبي للحادث وملأوا ساحة الاعتصام في ساحة النور كرد فوري على اي رهان باضعاف همتهم . ولم يقف العامل الأمني الطاغي عند حادث البداوي وحده اذ ان الهم المحوري الذي شغل القيادات العسكرية والامنية تمثل في الطرق المقطوعة وكيفية التعامل معها من دون التسبب بإشكالات مع المتحتجين والمتظاهرين . وكان الاجتماع الذي عقد في وزارة الدفاع وضم قيادات الجيش والاجهزة الامنية كافة انتهى الى الاتفاق على خطة امنية يجري بموجبها توزيع المهمات لتسهيل فتح الطرق من جهة وتأمين حماية المتظاهرين من جهة اخرى وبدأ تنفيذ هذه الاجراءات تباعا . وترافق ذلك مع محاولات متكررة لفتح بعض الطرق الرئيسية ولا سيما منها طريق الرينغ في وسط بيروت والشفروليه في فرن الشباك والعقيبة في جبيل ولكن المحاولات باءت بالإخفاق في ظل عمليات الكر والفر بين العسكريين والأمنيين والمحتجين الذين دأبوا على افتراش الارض والحؤول دون فتح الطرق.

ويبدو واضحاً أنّ الساعات الثماني والاربعين المقبلة ستتسم باهمية كبيرة لجهة رسم وجهة التطورات المحتملة في ظل معطيات بالغة الدقة تشير الى ان يوم غد الاثنين قد يكون موعدا حاسما لجهة مصير الحكومة كما لجهة الاجراءات الامنية . وتحدثت معلومات في هذا السياق الى ان التصريحات التي اطلقها النائب السابق الدكتور مصطفى علوش من بيت الوسط امس ولمح من خلالها علنا الى ان الوضع لم يعد يحتمل انتظارا والحاجة الى صدمة سياسية والى احتمال استقالة وشيكة لحكومة الرئيس سعد الحريري شكلت مؤشرا جديا للغاية حيال اقتراب الحريري من هذا القرار الحاسم خصوصا بعد التوجس باستهداف الحريري نفسه وإحراجه بحادث البداوي وما لم تتبدل المعطيات نحو فتح الطرق بسرعة كمدخل للبدء في وضع التبديل الحكومي على النار الحامية على قاعدة تشكيل حكومة تكنوقراط جديدة، وما لم تظهر بوادر ايجابية في هذا الصدد فان الحريري لن يقبل الاستنزاف الطويل خصوصا وسط المخاوف من توريط الجيش والقوى الامنية في مواجهات مع المتظاهرين بما يجعل الاستقالة الورقة الضاغطة بقوة في مرمى الجميع . وسيكون من الاهمية بمكان في هذا السياق رصد الحركة التصاعدية للانتفاضة الاحتجاجية في الساعات المقبلة ايضا اذ ان الدعوة الى الاحتشاد في ساحات الاعتصام اليوم كما الى تشكيل سلسلة بشرية من الشمال الى الجنوب في ساعات بعد الظهر سيكون له وقع مؤثر مع حلول اليوم الحادي عشر من الاحتجاجات وعشية اسبوع أخر يطبعه الانتظار والترقب والقلق.