Beirut weather 22.41 ° C
تاريخ النشر September 25, 2018
A A A
«300 S» إلى سوريا: الأمر لمن؟
الكاتب: الأخبار

يشكّل الكباش الروسي ـــ الإسرائيلي المستجد حلقة أساسية في ساحة صراع أوسع تدخل فيها واشنطن ودمشق وحلفاؤها. «تبريد الرؤوس الحامية» عبر تسليم سوريا منظومة «300 S»، بحسب تعبير وزير الدفاع الروسي، ينسحب أيضاً على الرؤوس في الإدارة الأميركية. سلسلة ردود موسكو الكلامية والعملياتية تُقرأ بإيجابية في أروقة دمشق وطهران، فكل عدوان جوي إسرائيلي كان عنوانه «إيران وحزب الله». أما اليوم، وإن وضعت روسيا قرار التسليم في إطار حماية جنودها، فإنه يمسّ حتماً حرية الحركة الإسرائيلية في الأجواء السورية، كما يؤسّس لما تخشاه تل أبيب: إعادة بناء قدرات الجيش السوري. هذا البناء هو ما عزّزته دمشق وطهران في الفترة الأخيرة عبر سلسلة اتفاقات عسكرية وُضعت على سكة التنفيذ. حلفاء دمشق يتصرّفون في هذا المجال بمعزل عن التصورات الروسية، فيما موسكو تعمل على أساس ترميم صورتها «المهشّمة» بعد إسقاط طائرتها، وهي تظهر أنها معنية أولاً بإظهار هيبتها وعلوّ كعبها في حرب تقترب من إنهاء عامها الثالث في تدخّلها المباشر فيها.
لم تتأخر موسكو في ترجمة تعهّد الرئيس فلاديمير بوتين بتنفيذ خطوات «سيلحظها الجميع» لتعزيز أمن العسكريين والمنشآت الروسية في سوريا، على أرض الواقع، عبر الإعلان عن قرب تسليم منظومة «S-300» إلى القوات السورية بعد سنوات من المماطلة. الصفقة التي تمكنت إسرائيل من إحباطها مرات عدة، أحيتها حادثة سقوط الطائرة الروسية في شرقي البحر المتوسط، وسط تباين روايتي موسكو وتل أبيب في شأنها. الإعلان الروسي المختلف في طبيعته عن التصريحات السابقة حول تسليم المنظومة، جاء بإخراج لافت، إذ ترافق بيان وزارة الدفاع الرسمي مع اتصال بين الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والسوري بشار الأسد، قال خلاله بوتين إن بلاده سوف تعمل على تطوير الدفاعات الجوية السورية، وتسليمها منظومة «S-300» حديثة. وكان لافتاً في ضوء آلية هذا الإعلان أن الجانب الإسرائيلي الذي اتصل بموسكو بعده مباشرة، كان قد سوّق قبل أيام قليلة أن بوتين لم يردّ على اتصالات الأسد بسبب حادثة سقوط الطائرة. وتبنّت وزارة الدفاع الروسية أمس لهجة حادة تجاه إسرائيل، إذ أكد الوزير سيرغي شويغو أن الظروف التي دفعت بلاده إلى وقف التسليم في عام 2013 قد «تغيّرت… وليس بسببنا»، ملمّحاً إلى أن إجراءات روسية جديدة سوف تتبع في شرقي المتوسط من شأنها «إخماد الرؤوس الحامية». وعاد هذا الخطاب الموجّه إلى الجانب الإسرائيلي ليوضع في سياق أدق، في تصريح للمتحدث باسم الكرملين، قال فيه إن التسليم هو «إجراء يهدف إلى حماية القوات الروسية وليس موجهاً ضد طرف (دولة) ثالث». وبينما أكد وزير الدفاع الروسي أن تسليم «S-300» سيتم خلال أسبوعين، لفت إلى أن الطواقم السورية سبق أن أنهت تدريبات استعمالها قبيل وقف الصفقة في عام 2013، وهذا يتساوق مع معلومات عن أن عدداً من ضباط الدفاع الجوي كان قد استعد منذ أكثر من شهرين للتدرّب على منظومات دفاعية جديدة مع القوات الروسية.