اذاع البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، رسالة صوم 2020 بعنوان: “الصوم جسر بين الدنح والفصح”، جاء فيها:
”لاهوت الصوم الكبير
1 – زمن الصوم الكبير يتوسط زمني الدنح والفصح: إنه يواصل لاهوت زمن الدنح وروحانيته، ويهيئ زمن الفصح الجديد ومفاعيله. دنح المسيح يذكرنا بمعموديتنا من الماء والروح. ماء النعمة غسل خطيئتنا، والروح القدس أعطانا الحياة الجديدة. فبحسب رموز المعمودية، النزول في الماء موت عن الخطيئة مع المسيح الذي مات لفدائنا، والخروج من الماء قيامة مع المسيح الذي بقيامته أقامنا لحياة جديدة. وهكذا سر موت يسوع وقيامته هو “حجر الزاوية” للحياة المسيحية الشخصية والجماعية” (رسالة البابا فرنسيس لصوم 2020). بهذا المعنى كتب بولس الرسول إلى أهل كولوسي: “لقد دفنتم مع المسيح في المعمودية، وفيها أيضا أقمتم معه” (كول 12:2).
مرتكزات الصوم الكبير
4 – يقوم زمن الصيام الكبير على ثلاثة مرتكزات هي علامات توبتنا وارتدادنا: الصيام والصلاة والصدقة.
أ. الصيام
هو الامتناع عن الطعام وعن السوائل ما عدا الماء، من نصف الليل حتى الظهر. هو إفقار مائدتنا وسيلة للإنتصار على الأنانية، والعيش بمنطق العطاء والحب. فعندما نحرم نفسنا من شيء، غير مما هو فائض، نتعلم كيف نبحث عن آخر، هو الله الذي نراه إلى جانبنا في وجه العديد من إخوتنا في حاجاتهم. وهكذا تصبح ممارسة الصوم حبا لله كوصية أولى، وحبا للقريب كوصية ثانية (راجع مر12: 30-31).
ب – الصلاة
تولد صلاتنا أساسا من كلمة الله التي تقدمها الينا الكنيسة بشكل فائض في زمن الصوم. فإذا قبلناها في قلبنا، وتأملناها، وجسدناها بأفعال في حياتنا اليومية، تصبح صلاتنا الفاعلة. فالصلاة بطبيعتها هي جوابنا عن كلام الله، الذي يغذي فينا الإيمان. الصلاة بهذه الصفة تدخلنا في مفهوم جديد للزمن، بحيث هو انفتاح على الأبدية وسمو فوق المحسوس، لا مجرد وقت منتظم في ذاته، من دون أفق ومستقبل. بل حين نصلي نقتطع وقتا لله لكي ندخل في شركة عميقة معه ملؤها الرجاء والفرح اللذان لا ينتزعهما أحد من قلوبنا (راجع يو 22:16).
ج – الصدقة
هي إشراك الغير في حاجته مما نملك، أكان كثيرا أم قليلا. لكن الواجب يقع خصوصا على الذين يملكون الكثير. فإذا أشركوا غيرهم في خيراتهم ينتصرون على تجربة الجشع في التملك، ومحبة المال التي تناقض أولوية الله في حياتنا. هذه الآفات تولد العنف وإهمال الواجب. إن عبادة أموال الدنيا تفصلنا عن الله وعن الناس، وتغشنا بسعادة هي من سراب.
بالتصدق نفهم جودة قلب الله الأبوي، ونشهد له، وفي الوقت عينه، نفرغ قلبنا من ذاتنا لنمتلئ من الله ومن محبته ورحمته.
- توفير مساعدات مادية فورية وغذائية للعائلات.
- الرعاية الصحية الأولية في مراكزها العشرة والعديد من عياداتها الجوالة.
- تعليم الأولاد ذوي الحاجات الخاصة في مراكزها الأربعة.
- دورات تدريبية بالمعلوماتية لجميع أفراد المجتمع، وإعطاء شهادة رسمية.
- القيام بمشاريع تنموية في المناطق وتوفير فرص عمل بالتعاون مع البلديات.
- نشاطات متنوعة تقوم بها شبيبة كاريتاس الـ750 المتطوعون.
توجيهات راعوية
الصوم الكبير والقطاعة فيه وخارجه
7 – يدوم الصوم الكبير سبعة أسابيع، استعدادا لعيد الفصح. يبدأ في اثنين الرماد، وينتهي يوم سبت النور ظهرا. ويقوم على الامتناع عن الطعام من منتصف الليل حتى الساعة الثانية عشرة ظهرا، وعلى القطاعة عن اللحوم والبياض (الحليب ومشتقاته والبيض).
9 – يعفى من الصوم والقطاعة على وجه عام المرضى والعجزة الذين يفرض عليهم واقعهم الصحي تناول الطعام ليتقووا وخصوصا أولئك الذين يتناولون الأدوية المرتبطة بأمراضهم المزمنة والذين هم في أوضاع صحية خاصة ودقيقة، بالإضافة إلى المرضى الذين يخضعون للاستشفاء المؤقت أو الدوري. ومعلوم أن الأولاد يبدأون الصوم في السنة التي تلي قربانتهم الأولى، مع اعتبار أوضاعهم في أيام الدراسة.
هؤلاء المعفيون من شريعة الصوم والقطاعة مدعوون الى الاكتفاء بفطور قليل كاف لتناول الدواء.
2 – الصوم القرباني
12 – هو انقطاع الكهنة والمؤمنين عن الطعام الخفيف إستعدادا لتناول القربان الأقدس خلال الذبيحة الإلهية، أقله ساعة قبل بدء القداس الإلهي. ونذكر في المناسبة بالمحافظة على حالة النعمة والحشمة في اللباس والخشوع، واستحضار المسيح الرب الحاضر تحت شكلي الخبز والخمر.
الخاتمة
13 – الصوم الكبير هو “الزمن المقبول” باستحقاقاته الروحية والإنسانية، المتأتية من الصيام والصلاة والصدقة، ومن التوبة والمصالحة. إنه “زمن النعمة” المؤدي بنا إلى “العبور” مع فصح المسيح إلى حياة جديدة.