Beirut weather 25.41 ° C
تاريخ النشر August 26, 2024
A A A
“يوم الأربعين” يُربك إسرائيل.. “وإن عُدتم عُدنا”!
الكاتب: غسان ريفي

كتب غسان ريفي في “سفير الشمال”

منذ إغتيال القائد الجهادي الشهيد فؤاد شكر في الضاحية الجنوبية، حرص حزب الله على أن لا يشكل رده ذريعة لرئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو للدخول في حرب شاملة مع لبنان، خصوصا أن هذا ما يسعى إليه في مسيرة الهروب الى الإمام التي يعتمدها منذ الإخفاق الأمني والعسكري الكبير في عملية طوفان الأقصى، خوفا من المحاسبة والمحاكمة والسجن الذي ينتظره مهما طال الزمن.

لذلك، فقد إبتعد الحزب عن الأهداف المدنية والمرافق الحيوية والبنى التحتية بالرغم من أنها تحت مرمى نيرانه وسهلٌ عليه تدميرها، كما سبق وأكد السيد حسن نصرالله بأننا “نستطيع تدمير كل مصانع منطقة شمال فلسطين البالغ كلفتها 131 مليار دولار في نصف ساعة”، وإختار هدفا عسكريا معقدا من أجل إحراج العدو وكسر هيبته أكثر فأكثر أمام مجتمعه، وتأكيد فشله الاستخباراتي والأمني والرقابي، ولمنعه في الوقت نفسه من الرد بحرب واسعة على لبنان.

بالأمس، ردّ حزب الله على قيام إسرائيل بإغتيال الشهيد فؤاد شكر، في عملية نوعية أطلق عليها إسم “يوم الأربعين” إستهدفت قاعدة الاستخبارات العسكرية “غيليلوت” الواقعة على بعد 1500 مترا من تل أبيب، وعلى بعد 110 كيلومترا من الحدود اللبنانية، وقاعدة سلاح الدفاع الجوي في عين شيما التي تبعد 40 كيلومترا عن تل أبيب ونحو 75 كيلومترا عن الحدود اللبنانية وأربكت إسرائيل، كما رد أمينه العام السيد حسن نصرالله على إدعاءات العدو الكاذبة والتي تخطت السيناريوهات الهوليودية في نسج روايات التصدي لستة وثمانية آلاف صاروخ وإفشال عملية رد المقاومة، وذلك لإستعادة بعضا من الثقة التي فقدها المجتمع الاسرائيلي بعد عملية طوفان الأقصى.

وضع السيد نصرالله النقاط على الحروف وكشف زيف إدعاءات إسرائيل بالوقائع والدلائل والبراهين، مفندا أسباب تأخير الرد الذي كان جاهزا بعد يوم تشييع السيد فؤاد شكر، مؤكدا أن المقاومة إستخدمت صواريخ الكاتيوشا والمسيرات الهجومية الانقضاضية، ولم تستخدم أية صواريخ أخرى من “بالستية ودقيقة” والتي قد تستخدمهم في وقت لاحق، لافتا الى إطلاق 340 صاروخ كاتيوشا بإتجاه قاعدة عين شيما لإشغال الدفاعات الجوية الاسرائيلية التي سقطت صواريخها خطأ في بعض البلدات الفلسطينية المحتلة، بما يسمح للمسيرات الانقضاضية بشق طريقها نحو الهدف الأساسي وهو قاعدة غيليلوت” وإصابتها بشكل مباشر.

لا شك في أن إختيار حزب الله لهذا الهدف العسكري له دلالات هامة أبرزها:

أولا: عدم خروج حزب الله من إطار قواعد الاشتباك، وحصر معركته مع إسرائيل في الأهداف العسكرية بما فيه الرد الانتقامي لإغتيال السيد فؤاد شكر.

ثانيا: الحرص على تجنيب المدنيين في لبنان أي إعتداء إسرائيلي، قد يتخذ نتنياهو من الرد ذريعة للقيام به.

ثالثا: ضرب المنظومة الأمنية والاستخباراتية الاسرائيلية مجددا، حيث نجح الحزب بإشغال الدفاعات الجوية، وتأمين طريق المسيرات نحو هدفها في واحدة من أهم قواعد الاستخبارات العسكرية.

رابعا: التأكيد على معادلة ضاحية بيروت مقابل ضاحية تل أبيب، فمن إستطاع الوصول بالمسيرات الى قاعدة “غيليلوت” التي تبعد عن تل أبيب 1500 مترا فقط يستطيع حتما الوصول إليها وقصف أهداف حيوية فيها عندما تدعو الحاجة.

خامسا: حرص الحزب على الرد بالكاتيوشا والمسيرات، لإظهار قدرات المقاومة على تحقيق الاختراقات وضرب الأهداف بالأسلحة التقليدية، فكيف إذا وصل الأمر الى الرد بالصواريخ الباليستية والدقيقة.

سادسا: تكذيب السردية الاسرائيلية بتفاصيلها، وقد سبق أن كذبتها وسائل إعلام العدو التي طلبت من حكومة نتنياهو الاعلان عما جرى قبل أن يطل السيد نصرالله، كما أصبحت هذه السردية مدعاة للسخرية بين معارضي نتنياهو والمجتمع الاسرائيلي الذي غالبا ما يصدّق نصرالله أكثر مما يصدق حكومته.

سابعا: إعلان السيد نصرالله أن إطلاق الصواريخ والمسيرات حصل من جنوب الليطاني وشماله والبقاع، وذلك في رسالة واضحة بأن الحديث عن المناطق المنزوعة السلاح والآمنة وعن إبعاد قوات حزب الله الى شمال الليطاني هو لزوم ما لا يلزم.

ثامنا: إغلاق ملف الرد على إغتيال الشهيد فؤاد شكر في حال تأكدت المقاومة أن الضربة حققت هدفها المطلوب، والاستمرار في جبهة الاسناد التي تقوم بواجب الدفاع عن غزة والتي لن تتوقف إلا بوقف حرب الابادة عليها.

نجحت المقاومة أمس في رسم معادلات جديدة قائمة على تفعيل قوة الردع وتعزيز توازن الرعب، وإذا كان ملف إغتيال الشهيد فؤاد شكر قد أقفل بإستهداف قاعدة “غيليلوت” قرب تل أبيب، فإن أي حماقة جديدة قد ترتكبها إسرائيل سيكون الرد عليها موجعا على قاعدة “وإن عُدتم عُدنا”.