Beirut weather 19.41 ° C
تاريخ النشر August 17, 2017
A A A
يا للعار!
الكاتب: الياس الديري - النهار

 

لماذا يراودني هذا الحزن وهذا البؤس على هذا اللبنان؟ اني أدري. أني أرى الحكام والأحزاب والمتزعّمين كيف يهدّمونه حجراً بعد طينة، وسقفاً بعد جدار. ومن غير أن يرفّ لهم جفن، أو يتحرَّك ضمير.

يتسابقون، فقط، على المكاسب والمغانم والمناصب!

مارتن لوثر كينغ قال: لدي حلم اليوم، من قمة كل جبل دعوا الحريَّة تدق أجراسها. أما أنا فلدي حلم بأن أرى كل هذا المشهد اللبناني البشع، بكل أبطاله، قد أُزيل إلى الأبد. يا للعار!

أين يا أطلال جند الغالب وجند المغلوب؟ أين “لؤلؤة الشرق” وأولئك الكبار من القادة وأصحاب القامات؟

لا تندهي ما في حدا. لا في لؤلؤة، ولا في وطن يدعى لبنان كان على كل شفّة ولسان، وكانت ربوعه لكل مُبدعي الأرض وشاغلي العالم: كبار المسؤولين، كبار السياسيّين، كبار الأدباء والشعراء، كبار الفنّانين الرسّامين، كبار السينما، كبار الطرب، كبار المسرح، كبار الابداع في شتَّى الميادين…

راحوا، مثل الحلم راحوا. وراح كل شيء معهم. كلّ ما كان يميِّز هذا اللبنان الذي أنسى الناس جنة عدن. وراح “سويسرا الشرق”، ومعه “ست العواصم” ومُبْهِرة باهري العالم.

أصحاب الشهوات، المتعطِّشون إلى السلطة والثروة والوجاهة والعنطزة، أضاعوا كل ما كان. دمَّروا الأسطورة، واللؤلؤة، و”سويسرا الشرق”، ومقصد مشاهير الصالونات والشاشات والمسارح والصالات… في سبيل الكراسي والثروات!

كيف يمكن أن ننسى؟ وكيف يمكن أن نسامح؟ وكيف يمكن أن نتفرّج على الذين يعبثون بالاطلال المتبقيّة من تلك الجنّة، من غير أن ندبَّ الصوت على اصحاب المروءة، إذا وُجدوا، ليردعوا مَنْ يسعون لتدمير البقية الباقية من “لؤلؤة الشرق”، وازالة آخر مَعْلَم من معالم لبنان الزمن الجميل وآخر أمل في استرجاع ما ضاع؟

حتى إنهم لا يبكون كالنساء “جنّة” لم يحافظوا عليها كالرجال. يمتطون طائرات الهجرة، أو يمتطون طائرات السياحة كفرس النسيان. القول إن لم يبنِ ربُّ البيت، فعبثاً يتعب البنّاؤون، ينطبق نصّاً وواقعاً على لبنان.

يقولون على نفسها جنت براقش. وسيقولون غداً على نفوسهم جنى اللبنانيّون. أُعطوا ما لا يستحقّون. وما زالوا إلى هذه الساعة يعبثون بالبقيّة الباقية من وطن تغنّى به كبار الأرض في الشرق والغرب. تحوَّل “أسطورة” موجودة منتشرة على مساحة لا تتجاوز عشرة آلاف وأربعمئة واثنين وخمسين كيلومتراً مربّعاً.

لا بدَّ أن يتساءل أحدهم “لماذا” هذه المرثاة اليوم، وعند هذه البلبلة على كل المستويات؟

الخوف على البقية الباقية من ذاك اللبنان هو السبب الأوّل. والغضب من حكّام وقادة وسياسيّين وحزبيّين ومتحكّمين كونهم حوّلوا “الوطن الرسالة” “صندوق فرجة” عن حكايات مبكية.، لا مضحكة. الى غد.