Beirut weather 16.65 ° C
تاريخ النشر December 12, 2025
A A A
وصايا البابا «بالسلام العادل» موضع تباين بين لبنان وكيان الاحتلال
الكاتب: غاصب المختار

 

كتب غاصب المختار في “اللواء”

 

خرج لبنان حتى الآن من كل زيارات الوفود الأميركية والفرنسية التي زارته والطروحات التي قدمتها من «المولد بلا حمص»، بحيث لم يحصل على ما يريده برغم كل التقديمات – إن لم يكن التنازلات – التي قدّمها، سواء عبر تلبية المطالب الأميركية بجمع السلاح أو تعيين عضو دبلوماسي في لجنة الميكانيزم، أو الموافقة على التفاوض المباشر، وغيرها من مطالب خارجية فرضت عليه. ذلك ان ما حملته الوفود وآخرها الفرنسي جان إيف لودريان لم تشفِ غليله لجهة تفعيل لجنة الميكانيزم لوقف الاعتداءات الإسرائيلية، وتحديد موعد لعقد مؤتمر دعم الجيش ومؤتمر دعم تعافي لبنان الاقتصادي، بعدما تم الاتفاق الدولي على عدم التجديد لقوات اليونيفيل العام المقبل وطرح استبدالها بقوات دولية متعددة الجنسيات وبقيادة أميركية.

تلقّى لبنان من الوفود نفس التعليمات والشروط: الإسراع بجمع السلاح في كل لبنان، الذهاب للتفاوض السياسي ولاحقاً الاقتصادي مع كيان الاحتلال الإسرائيلي توصلاً لتطبيع العلاقات إن لم يكن للسلام، وتم ربط تحقيق هذه الشروط بوقف العدوان وهو ما عبّر عنه السفير الأميركي ميشال عيسى عند الرئيس نبيه بري بقوله ان إسرائيل تفصل بين التفاوض وما يمكن التوصل إليه وبين عملياتها العسكرية، ما يعني ان قذائف العدوان ستبقى مسلّطة على لبنان حتى الرضوخ. بينما لم تحصل السلطات اللبنانية ولو على قدر قليل من تحقيق مطالبها الأمنية. وذهبت هباءً وصايا البابا ليو الرابع عشر بالحوار بدل السلاح لتحقيق السلام، مع انه لم يحدد في وصاياه معايير وأسس هذا السلام سوى تحقيق العدالة، وهي معيار له مفاهيم مختلفة بين لبنان والعرب وبين كيان الاحتلال. بل كانت وصاياه بمثابة دعوة مباشرة للتفاوض مع من دون أي ضمانات سوى التعهد بإجراء الفاتيكان اتصالاته الدولية لمساعدة لبنان، مع ان غيره من دول «كان أشطر» ولم يصل الى أي نتيجة مع كيان الاحتلال.
على هذا ستكون المرحلة المقبلة رهن ما يمكن أن تبذله فرنسا والولايات المتحدة اللتين وضع لبنان كل بيضه في سلّتهما من دون فائدة حتى الآن، ما يعني استمرار الضغوط والمخاطر من تصعيد العدوان الإسرائيلي ربما مطلع العام الجديد كما سرّبت مؤخرا وسائل إعلام عبرية. بينما المبادرات الموعودة لا زالت تدور في الحلقة المقفلة في نفس الدوائر ونفس المواقف. ولم يبقَ أمام لبنان سوى المساعي العربية الضاغطة وآخرها المسعى المرتقب لسلطنة عُمان الذي راهن عليه كثيرون بعد زيارة الرئيس جوزاف عون الى مسقط وتلقّيه وعداً من السلطان هيثم بن طارق ببذل مساعيه. فهل تنجح عُمان بعلاقاتها الدولية المتينة لا سيما مع الإدارة الأميركية، وهي التي كانت موضع ثقة ونجحت في أكثر من وساطة وتسوية؟
لكن أيضاً يبدو أن الرهان على مساعي الأشقاء العرب مرهون بتجاوب الإدارة الأميركية التي لها وحدها إمكانية الضغط الفعلي على الكيان الإسرائيلي للتراجع عن تهديداته وعدوانه، وفتح المجال أمام التفاوض الذي يمكن أن يؤدي الى استقرار على جانبي الحدود ولو مؤقت لحين فتح أبواب وأشكال أخرى من التفاوض، يجب أن يكون سقفها كما يريد لبنان تطبيق اتفاق الهدنة للعام 1949 أو تعديل بعض مندرجاته بما يراعي التطورات التي حصلت خلال السنتين الماضيتين لجهة انسحاب الاحتلال من النقاط المحتلة وضمان أمن لبنان، ومنع العمليات العسكرية من الجنوب ضد قوات الاحتلال الإسرائيلي المقابلة… والباقي يأتي لاحقاً حسب مسار الأوضاع الإقليمية والى أين يمكن أن تصل الاتصالات العربية مع دول القرار بالنسبة لتسوية القضية الفلسطينية وهي التسوية التي تنعكس حكماً على لبنان. كما ترقّب مصير التفاوض السوري – الإسرائيلي ومصير التفاوض الغربي مع إيران الذي يمكن أن يؤدي إذا نجح في تهدئة دول المنطقة كلها بما فيها الجنون الإسرائيلي.