Beirut weather 17.41 ° C
تاريخ النشر December 19, 2023
A A A
وديعة الاميوني لموقع “المرده”: الذكاء الاصطناعي هو رحلة لبنان نحو تنظيم مستدام
الكاتب: موقع المرده

اكدت الاستاذة الجامعية والباحثة الاجتماعية البروفيسورة وديعة الاميوني في حديث لموقع المرده ان الذكاء الاصطناعي يستخدم الأنظمة والبرمجيّات الالكترونيّة بهدف تمثيل القدرات الذهنية البشرية، وتطوير التقنيات والتطبيقات المتعددة مثل أنظمة التشخيص الطبي، والروبوتات الذكيّة، وأنظمة التوصيات، وآلات الطباعة الثلاثيّة الابعاد والكثير من التطبيقات التي تهدف إلى تحسين الأداء وتبسيط العمليات في مجموعة متنوعة من المجالات.
وعن ايجابيات هذا الذكاء لفتت الى ان العقود الأخيرة تشهد تقدماً هائلاً في مجال التكنولوجيا والمعلومات والذكاء الاصطناعي الذي أعطى الأجهزة والأنظمة الحاسوبية قدرة محاكاة الذكاء البشري وتمثيله في التفكير والتحليل واتخاذ القرارات. يعتمد على مجموعة من التقنيات مثل الشبكات العصبية الاصطناعيّة والرؤية الحاسوبية والتعرّف على الأنماط، ومن مزاياه تسهيل العمليات البيانية وتحليل كميات ضخمة منها ودعم اتخاذ القرارات.
ماذا عن عيوبه؟ تقول الاميوني ان عيوبه تتحدد في تراجع الخصوصية والأمان والتحكم في البيانات الشخصية، وصعوبة السيطرة على أنظمة الذكاء الاصطناعي في حالة حدوث أخطاء أو سلوك غير متوقع، اضافة الى تبعات اقتصادية واجتماعية وثقافية وتغييرات في هياكل الصناعات والقوى المالية والوظائف البشرية والسياسات الاقتِصادية.

اين لبنان من واقع الذكاء الاصطناعي؟ تجيب
يعكس واقع الذكاء الاصطناعي في لبنان مجموعة من التحديات التي تعترض تطبيق واستخدام التكنولوجيا الذكية، منها تراجع القطاع التقني والمصانع وغياب دعم الابتكار والتدريب والمراكز البحثية التي تسهم في تعزيز وتحفيز النمو الاقتصادي والمعرفي والخدمات، اضافة الى ضعف الموارد المالية التي تشكل عائقًا اساسيًا أمام الاستثمار في مجال الذكاء الاصطناعي، وتدنّي الكفاءات المحلية المتخصصة لأجل تطوير وتنفيذ تقنيات متقدمة. هذا اذا ما تحدثنا عن غياب التشريعات والقوانين والسياسات التي تنظم استخدام التكنولوجيا الذكية وتحمي البيانات الشخصية وتعزز الأمان السيبراني.
كيف بالامكان تطوير وتعزيز واقع الذكاء الاصطناعي في لبنان؟ تقول على الحكومة العمل بالتعاون مع القطاع الخاص والمؤسسات الاكاديميّة على توفير الدعم اللازم للبحث والتطوير في هذا المجال، وتوفير بنية تحتية تكنولوجيّة وصناعيّة ملائمة، والتركيز على تطوير كفاءات محلية من خلال تقديم برامج تعليمية وتدريبية متخصصة. وعلى المستوى الاقتصادي، يمكن تشجيع الاستثمار في شركات ناشئة او عالمية تعمل في مجال التكنولوجيا، وبالتالي توفير التسهيلات اللازمة لها، خاصة من خلال استحداث قوانين وتشريعات داعمة، اضافة الى ارساء اجواء سياسية وأمنية ومصرفيّة تشجع المتمولين على الاستثمار.
واذا ما تحدثنا عن القوانين اللازمة في لبنان لاجل مواكبة التطورات في مجال الذكاء الاصطناعي، نرى انه من الضروري وضع تشريعات مناسبة تنظّم وتسهم في تنمية هذا المجال بشكل مستدام ومسؤول. ونستطيع القول أنّ مستقبل التقنيات في لبنان يبقى واعدًا، خاصة أنّ لجنة التكنولوجيا والمعلومات البرلمانية، على رأسها نائب شاب هو النائب طوني فرنجيه، تصوّب اليوم نحو القوانين والتشريعات اللازمة، ووزارة التنمية الادارية تؤكد على اهمية تنفيذ الاستراتيجية الوطنية للتحول الرقمي في التطوير المجتمعي ومحاربة الفساد، علمًا انها تحتاج الى اقتراح قوانين كثيرة في هذا المجال بالتنسيق مع المجلس البرلماني واللجنة المختصة. ويمكن لنا هنا أن نعرض بعض الجوانب التي يجب مراعاتها على المستوى التشريعي:
– حماية البيانات الشخصية والخصوصية ومعاقبة المخالفين
– تنظيم استخدام الذكاء الاصطناعي في القطاع الصحي لاستخدام التقنيات الذكية في تشخيص الأمراض والعلاج، مع تحديد المعايير والإشراف على تلك التطبيقات لضمان جودتها وسلامتها
– تعزيز البحث والتطوير وتوفير التسهيلات والمزايا للجامعات والمؤسسات البحثية لتطوير مشاريع وأبحاث في مجال الذكاء الاصطناعي
– تشجيع الاستثمار والابتكار وتوفير حوافز وتسهيلات للشركات الناشئة والاخرى التكنولوجية للعمل في مجال الذكاء الاصطناعي وتطوير حلول مبتكرة
– استخدام التشريعات لتحسين الخدمات الحكومية من خلال تطبيقات الذكاء الاصطناعي، مثل تسهيل إجراءات الحكومة الإلكترونية وتحسين الخدمات للمواطنين
– تشجيع البنية التحتية التكنولوجية وتطويرها من خلال توفير الإمكانيات والتسهيلات للشركات والمؤسسات التقنية
– تعزيز التعليم والتدريب من خلال وضع سياسات لتطوير برامج تعليمية وتدريبية في مجال الذكاء الاصطناعي لضمان توفير كفاءات محلية متخصصة
– التحكم في الأخلاقيات والمسؤولية، اذ يمكن تضمين تشريعات تشدد على الالتزام بالمعايير الأخلاقية في تطوير واستخدام التقنيات الذكية، وتحديد المسؤولية في حالة حدوث أضرار أو تجاوزات
– تشجيع التعاون والشراكات وبالتالي تشجيع التشريعات على تعزيز التعاون بين القطاع العام والخاص والأكاديمي لتطوير حلول مبتكرة واستفادة أمثل من التقنيات الذكية
– توفير هيئات رقابية تنظم وتشرف وتراقب استخدام التقنيات الذكية وتضمن التزام الجميع بالتشريعات والقوانين.
باختصار، تشكل التشريعات والقوانين مدخلا هامًا في لأجل مواكبة تطورات الذكاء الاصطناعي والاستفادة من ميزاته، خاصة تلك التي تسهم في تعزيز التعاون والشراكة بين القطاع العام والخاص والأكاديمي بهدف تطوير حلول مبتكرة ودعم التقدم التكنولوجي وتعزيز التنمية المستدامة في مختلف القطاعات.

 

ختاماً اكدت الاميوني أنّ القوانين والتشريعات في لبنان تلعب دورًا حاسمًا في دعم وتنظيم قطاع تكنولوجيا المعلومات والذكاء الاصطناعي، خاصة في ما يطال حماية الخصوصية والبيانات الشخصية، واالاختراقات السيبرانية غير المشروعة وتحديد السلوكيات والتطبيقات الأخلاقية لاستخدام التقنيات الذكية، والتوجيه نحو الاستخدام السليم الذي يفيد التعليم والاقتصاد وتحسين الخدمات العامة ودعم الابتكار. والاهم من ذلك تحقيق التوازن بين التطور التكنولوجي والمخاطر المحتملة، وبالتالي توجيه العمل في التقنيات الذكية نحو أهداف استراتيجية ووطنّية، مثل تحسين الخدمات الحكومية ودعم الصناعات المحلية، وبناء الثقة بين المستخدمين والشركات الخاصة والحكومات من خلال توضيح معايير الاستخدام وحقوق الأفراد.
بشكل عام، وحدها القوانين والتشريعات في إطارها التنظيمي الواضح، تساهم في تطوير وتوجيه استخدام التقنيات الذكية بشكل مسؤول ومفيد للمجتمع اللبناني ومؤسسات الدولة على وجه الخصوص، كسبيل هام لأجل اللحاق بركاب الثورة الصناعية الرابعة ومحاربة الهدر والفساد وتحقيق الازدهار والنمو للدولة اللبنانية والمواطنين.