Beirut weather 20.41 ° C
تاريخ النشر June 29, 2018
A A A
وحوش بشرية تخدش عالم الطفولة.. كيف نحمي صغارنا؟!
الكاتب: ريتا الدويهي - موقع المرده

“لازمتها لسنوات متواصلة وكانت مصدر سعادتها الا ان نورا رمت لعبتها المفضلة فجأة بعيداً، تسلل الحزن الى كيانها، وتمدد السكون في نواحي البيت، نظراتها المحنطة، كلماتها الباهتة، صوتها المرتجف، دلائل كانت كفيلة بفضح جريمة قريب لنا لم يتخيل لي بأنه سيتحول الى وحش كاسر ويتفرغ من الانسانية لشهوات آنية ويخدش براءة طفلة من ذوي الاحتياجات الخاصة”، تروي ميرنا مرارة قصتها وتكمل “لم أجد القدرة لمصارحة والدها بداية الامر رغم انه كان يقرأ افكاري وهروبي ونظراتي الشاحبة، فهذا الوباء المدمر المستفحل في مجتمعاتنا يتكتم عليه الكثيرون خشية الفضيحة أو العار الاجتماعي، لملمت اغراضنا وفضلت الهجرة الى مكان بعيد ريثما ننسى الحادثة، الا انني قررت العودة والمواجهة ورفعت دعوى قضائية بحق الجاني لكسر جدار الصمت واستئصال جريمة مدمرة لعالم الطفولة”.
هذه الجريمة ومثلها العديد من جرائم الاعتداء الجنسي توقظ جرحاً لم يندمل، فسفاح القربى والتحرش بالاطفال قضية تؤرق العالم أجمع خصوصا ان خلف عالم الإنترنت صعوبة كبيرة في السيطرة التامة على المواقع الشاذة والافلام الاباحية التي باتت تجارة مستقلة بحد ذاتها، اضافة الى المسلسلات التي تتناول مشاهد اغتصاب جماعي مستقطبةً عقولاً مريضة تعتبر نفسها بطلة قصة واجب تنفيذها، وبما انه من الصعب تقدير وقوع هذه الاعتداءات مسبقا تستمر الجرائم كطبق يومي.
وفي حديث خاص لموقع “المرده” اعتبرت الاخصائية النفسية الانسة دورا أنطون ان “التحرش الجنسي بالأطفال لم يعد خافيا على احد، ويعتبر من أخطر الجرائم التي تقع في الآونة الأخيرة اذ يشكو العديد من المجتمعات من هذا الموضوع الذي يحصل بطرق مختلفة ، ومنها الإعتداء الجنسي على الطفل (pedophilia) عبر تعريضه عمداً لمشاهدة خارجية جنسية كالصور العارية أو اثارته عن طريق اللمس بطريقة مثيرة، أو الاعتداء عليه جنسيا بأي شكل من الأشكال، وهو فعل يقوم به شخص بالغ لإرضاء رغبات جنسية مستخدما القوة والسيطرة، وهذا الفعل السيء يعدّ جريمة يعاقب عليها القانون”.
واوضحت انطون إن “آثار الاعتداء النفسية والجسدية للأسف ليست وقتية، انما تمتد على المدى الطويل وتؤثر على معظم جوانب حياة الطفل، وعلى تقييمه لنفسه واحترامه لذاته، وعلى ثقته بمن حوله، والسبب هو أن التجربة الجنسية الأولى هي الأقوى تأثيراً في تجاربه، وهذا النوع من الإعتداء يترك أضرارا بالغة من الناحية النفسية حيث تتأثر النواحي المزاجية والانفعالات (كثرة البكاء) والمشاعر وتغيير السلوك، فيصبح الطفل مضطربا نفسيا ومزاجيا وغير مستقر وقد يعاني من الخوف أو القلق أو الاكتئاب أو الشعور بالذنب في ما بعد التحرش، وقد يتعرض للأحلام المزعجة والكوابيس وكثرة الشرود، ويتوقع أيضا أن يتراجع في دراسته وسط ميل للعزلة والانفراد ورفض الطعام، والدخول في مشاجرات دائمة مع الاهل والأصدقاء”.
وحول امكانية حماية اطفالنا من هذا الوضع المريب اعتبرت انطون انه “ينبغي علينا كأهل تدريب أولادنا على الآتي وذلك للضرورة والأهمية تحسبا لما سيقابلونه من محاولات تحرش جنسي من قبل الآخرين:
– يجب عدم ترك الطفل بمفرده.
– بناء علاقة آمنة وثقة بين الطفل والأهل.
– فتح حوار معه كي يخبرنا بما يحدث معه خارج المنزل .
– أن يجري ويصرخ عاليا ويطلب النجدة اذا حاول أحد التحرش به.
– لا بد أن نعلم أولادنا قول لا أو الرفض مع أي شخص غريب وخاصة عندما يطلب منه الذهاب معه أو مساعدته أو اغراءه بالحلوى أو الهدايا أو لعبة لكي ينفرد به ويمارس جريمته”.

وختمت بالقول: “لابد أن تتأثر شخصية الطفل في حالة عدم العلاج، ومن المحتمل أن يستمر الأثر النفسي حتى سن أكبر ليتطور الى سلوكيات خطيرة تدمر حياته مثل الإدمان أو الشذوذ الجنسي”.