Beirut weather 24.42 ° C
تاريخ النشر May 31, 2025
A A A
واشنطن تنقلب على مقترحها السابق لهدنة موقتة في غزة
الكاتب: حسن حردان - البناء

أعلن المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف عن مقترح جديد لهدنة موقتة في غزة، بعد أيام على تقديمه مقترحاً قبلته حماس ورفضه رئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو، الأمر الذي طرح سؤالاً كبيراً حول الأسباب التي جعلت نتنياهو يقبل المقترح الجديد بسرعة لافتة، وتلك التي أدّت إلى انقلاب واشنطن على مقترحها الذي سبقه، فيما أعلنت حركة حماس أنها بصدد دراسته…
بالتوقف أمام الأسباب التي دفعت نتنياهو إلى الموافقة على مقترح ويتكوف الجديد، علينا اولاً استعراض بنود المقترح:
البند الأول، يتضمّن المقترح هدنة موقتة لمدة 60 يوماً. يتمّ خلالها الإفراج عن 10 أسرى جنود إسرائيليين أحياء و18 جثة في مقابل إطلاق سراح عدد من الأسرى الفلسطينيين، يجري الحديث عن 125 من المحكومين مدى الحياة و1111 من المعتقلين منذ 7 أكتوبر، بالإضافة إلى 180 جثة فلسطينية.
البند الثاني، يتضمّن المقترح ضمانات من الرئيس الأميركي، لالتزام الأطراف، واستمرار وقف إطلاق النار لأيّ تمديد محتمل.
البند الثالث، ينص المقترح على استئناف إدخال المساعدات الإنسانية إلى القطاع بإشراف الأمم المتحدة، بدلاً من الآلية الإسرائيلية، التي بدأت العمل مؤخراً.
البند الرابع، يتحدث المقترح عن انسحاب جيش الاحتلال الإسرائيلي من مناطق سيطر عليها خلال عمليته البرية الحالية.
البند الخامس، الهدف النهائي: تشير بعض المصادر إلى أنّ المقترح يهدف إلى التوصل لاتفاق دائم لوقف إطلاق النار، وأنّ المفاوضات ستستمر خلال فترة الهدنة الموقتة.. لكن لا ضمانات تحول دون عدم استمرار المفاوضات، وبالتالي انسحاب نتنياهو منها واستئناف حرب الإبادة.
لماذا وافق نتنياهو على المقترح الجديد؟
*الضغط الداخلي والخارجي: يواجه نتنياهو ضغوطاً متزايدة من الداخل، سواء من عائلات الأسرى أو من المعارضة التي تطالبه بقبول الصفقة. كما أنّ هناك ضغوطاً دولية متزايدة على إسرائيل بشأن الأزمة الإنسانية في غزة.
*عدم وجود ضمانات واضحة لوقف إطلاق النار الدائم او انسحاب كامل من القطاع، فالمقترح الجديد لا يتضمّن ضمانات أميركية واضحة لوقف إطلاق نار مستدام، وانسحاب إسرائيلي من كلّ القطاع، بل يتحدث عن هدنة موقتة (60 يوماً). هذا يتيح لنتنياهو تسويق الاتفاق على أنه وقف مؤقت لا يتعارض مع هدفه المعلن بالقضاء على حماس، ويمكنه استئناف الحرب بعد انتهاء الهدنة إذا لم يتم التوصل لاتفاق دائم.
*المقترح الجديد يمكن نتنياهو من الاحتفاظ بالقدرة على المناورة، حيث يمنحه بعض المرونة ويسمح له بمواصلة الضغط العسكري، وفي نفس الوقت يقلل من حدة الانتقادات الدولية.
*أما لناحية تغيير آليات المساعدات فإنّ المقترح يعيد إشراف الأمم المتحدة على المساعدات، وهو ما قد يقلل من الانتقادات الدولية لـ «إسرائيل» بشأن عرقلة المساعدات.
* في المقابل فإنّ المقترح يتيح استعادة بعض الأسرى الإسرائيليين، وهو مطلب رئيسي لغالبية الإسرائيليين.
ما الذي اختلف عن المقترحات السابقة التي رفضها نتنياهو وقبلتها حماس؟
المقترحات السابقة التي قبلتها حماس ورفضتها «إسرائيل» كانت تركز بشكل أكبر على:
*وقف دائم لإطلاق النار وانسحاب كامل للقوات الإسرائيلية كشرط أساسي لأيّ اتفاق. وهذا ما رفضه نتنياهو مراراً، مؤكداً على «النصر المطلق» والقضاء على حماس.
*كانت المقترحات السابقة تتضمّن ضمانات أقوى لوقف دائم للحرب، وهو ما كان يرفضه نتنياهو لأنه يرى أنّ ذلك سيحدّ من قدرته على تحقيق أهدافه العسكرية.
في المقابل، المقترح الأميركي الجديد «محدّث» بطريقة تلبّي مطلب نتنياهو، خاصة في ما يتعلق بعدم وجود التزام صريح بوقف دائم للحرب، وترك الباب مفتوحاً أمام إمكانية استئناف العمليات العسكرية بعد الهدنة الموقتة إذا لم تسر المفاوضات نحو حل دائم.. وفي نفس الوقت يكون نتنياهو قد نجح باستعادة المزيد من الأسرى الصهاينة وخفض من منسوب الضغط الإسرائيلي الداخلي الذي يتعرّض اليه، وأكد نجاح خطته باستعادة الأسرى من دون التزام بانهاء الحرب او التخلي عن هدفه بالقضاء على المقاومة.
لهذا أعلنت حركة حماس بأنها تدرس المقترح الجديد بجدية ومسؤولية، وتجري مشاورات مع فصائل المقاومة لصياغة ردّ موحّد، ولكن المعلومات تشير إلى أنه ليس هناك رضا عنه، خاصة في ما يتعلق بمسألة إنهاء الحرب بشكل دائم، حيث ترى فصائل المقاومة أنّ الخطة الأميركية منحازة لـ «إسرائيل»… لكونها لا تحقق مطلب المقاومة الأساسي وهو وقف دائم لإطلاق النار في القطاع، وانسحاب قوات الاحتلال من القطاع ورفع الحصار وإعادة إعمار ما دمره العدوان الإسرائيلي.
من هنا فإنّ المقترح الأميركي الجديد يشكل تراجعاً من قبل الإدارة الأميركية عن المقترح الذي سبق وقدمته قبل أيام، ورفضه نتنياهو، وهو على ما يبدو قد تمّ تحت ضغط اللوبي «الإسرائيلي» في الولايات المتحدة، لتقديم صيغة مرنة بما يكفي لإرضاء نتنياهو، وتسمح له بالظهور وكأنه استجاب للضغوط من دون التخلي عن أهدافه المعلنة بشكل كامل، خاصة في ما يتعلق باستمرار الحرب حتى تحقيق ما يسمّيه «النصر المطلق».