Beirut weather 19.41 ° C
تاريخ النشر September 27, 2024
A A A
واشنطن إلى «المناورة» مجدداً: اللبنانيون «يُقتلون» بأسلحة أميركية
الكاتب: ريم هاني

كتبت ريم هاني في “الأخبار”

تشبه الممارسات الأميركية اليوم، إلى حدّ كبير، تلك التي اتبعتها واشنطن في الأيام الأولى من بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، إذ يعمد المسؤولون الأميركيون إلى «تبرير» المجازر التي يرتكبها العدو على الأراضي اللبنانية، محملين المقاومة في لبنان المسؤولية الشبه كاملة عنها، تحت شعار أنّ الأخيرة تمثل «خطراً» يجب على إسرائيل «التعامل معه»، ومحاولين الإيحاء، في الوقت عينه، بأنّ بلادهم تدفع في اتجاه حل ديبلوماسي، وبث «التفاؤل الكاذب» حول إمكانية التوصل إلى مثل ذلك الحل. وكما حصل في غزة، فإنّ المواطنين اللبنانيين يقتلون، يومياً، بـ«أسلحة» أميركية، ما جعل حدة الانتقادات إزاء استمرار تدفق الدعم العسكري الأميركي وتمويل واشنطن لـ«إبادة» جديدة في لبنان، ترتفع في الأيام الأخيرة. وفي السياق، ينقل موقع «ذي إنترسبت» الأميركي عن ستيفن سيملر، المؤسس المشارك في «معهد إصلاح السياسة الأمنية»، الذي يتتبع عمليات نقل الأسلحة العسكرية الأميركية إلى إسرائيل، قوله إنّه رغم أنه لم يتم تحديد مصدر القنابل والصواريخ المستخدمة في القصف الأخير على لبنان بدقة بعد، فمن المحتمل أن تكون الأسلحة المشار إليها أميركية الصنع، وإنّه «بعد الحصول على المزيد من أدلة الطب الشرعي في لبنان، لا ينبغي أن نتفاجأ برؤية بصمات واشنطن في كل مكان». ورغم «الحراك» الديبلوماسي الذي تقول واشنطن إنّها تقوم به، في سبيل التوصل إلى «حل ديبلوماسي»، يشير سيملر إلى أنّ واشنطن تتبع النهج نفسه في ما يتعلق بالشرق الأوسط بأكمله، إذ يقول الأميركيون إنّهم لا يريدون أن تتوسع الحرب، ويواصلون، في الوقت عينه، إرسال الأسلحة إلى إسرائيل، ما يسمح للأخيرة بتوسيع الصراع».
وعليه، وجنباً إلى جنب اندلاع تظاهرات في مدن عدة في الولايات المتحدة، وفي تورونتو ومدريد وأمستردام وغيرها من المدن حول العالم، تطالب بوقف الدعم الأميركي وقطع إمدادات الأسلحة عن إسرائيل، قدم عدد من أعضاء مجلس الشيوخ، بقيادة السيناتور المستقل، بيرني ساندرز (فيرمونت)، مشروع قرار لحظر بيع بعض الأسلحة إلى الكيان، فيما من المقرر أن يتم التصويت على مشروع القرار في تشرين الثاني المقبل. وأعلن ساندرز، عبر صفحته على منصة «إكس»، الخميس، أنه تقدم بالمشروع الأربعاء، مع عدد من زملائه، مؤكداً أن إرسال المزيد من الأسلحة إلى حكومة بنيامين نتنياهو المتطرفة، هو تصرف «غير أخلاقي وغير قانوني»، نظراً إلى أنّ تلك الأسلحة «مسؤولة عن سقوط عدد كبير جداً من الضحايا المدنيين في غزة»، ومطالباً إنهاء «التواطؤ في تلك الفظائع».
تحدثت مصادر أوروبية عن «مراوغة» أميركية لمصلحة إسرائيل في ما يتعلق باتفاق وقف إطلاق النار

كما جدد منتقدو السياسة الأميركية دعواتهم الولايات المتحدة إلى وقف عمليات نقل الأسلحة إلى إسرائيل، ومن بينهم النائبة رشيدة طليب (ديموقراطية من ميتشيغان)، التي أكدت، في منشور الإثنين، أنّه «من الأسهل التوقف عن إرسال أسلحة إلى الحكومة الإسرائيلية للقيام بحروب الإبادة الجماعية، من إجلاء كل أميركي في لبنان». وأفاد عباس علوية، أحد مؤسسي حركة «غير ملتزم»، التي كانت تضغط على الحزب الديموقراطي وحملة كمالا هاريس لحظر الأسلحة على إسرائيل، بدوره، الإثنين، بأنّ القصف الإسرائيلي طاول قرية عائلته في لبنان، ما أسفر عن استشهاد «أم وبناتها» في بيتهم، «وكذلك المدنيين الآخرين في قرية أبناء عمومته».
لا بل إنّ مصادر أوروبية تتحدث بوضوح عن «مراوغة» أميركية لمصلحة إسرائيل، في ما يتعلق باتفاق وقف إطلاق النار المقترح مع لبنان. وفي هذا الإطار، تنقل صحيفة «ذي غارديان» البريطانية عن مصادر أوروبية قولها إنّ جهوداً كانت تقودها فرنسا وبريطانيا لتأمين «بيان مشترك» في «مجلس الأمن الدولي»، يدعو إلى وقف إطلاق النار في لبنان، تعرقلت، بسبب «الاعتراضات الأميركية»، وسط «حرص» واشنطن على تجنب تحميل إسرائيل مسؤولية التصعيد الأخير، الذي أودى بحياة مئات المدنيين. وأكد وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، بحزم، أنّ «لدى إسرائيل مشكلة مشروعة يجب حلها»، محملاً «استمرار حزب الله في شن هجماته الصاروخية منذ هجوم (حماس) في السابع من أكتوبر، اللوم» في الاعتداءات الإسرائيلية الأخيرة، بحسب الصحيفة. وتتابع الأخيرة أنّ «الخلافات» بين واشنطن وحلفائها برزت خلال عشاء «مجموعة السبع»، الثلاثاء، بعدما أطلق كل من إيمانويل ماكرون، الرئيس الفرنسي، وديفيد لامي، وزير خارجية بريطانيا، دعوات إلى وقف إطلاق النار، فيما كانت واشنطن، بحسب مصادر أوروبية، تعمل «على صيغة مختلفة وأكثر تعقيداً، تأخذ في الحسبان حساسيات إسرائيل وضغوطها»، علماً أنّ حكومة الاحتلال ترفض أي اقتراح قد «يعرقل هجومها العسكري الهادف إلى إضعاف حزب الله».
على ضوء ما تقدم، تبرز المواقف «المتضاربة»، حول إمكانية التوصل إلى صفقة وقف إطلاق النار المزعومة، إلى الواجهة مجدداً. ففي حين نقلت صحيفة «واشنطن بوست»، أخيراً، عن مسؤولين في إدارة جو بايدن قولهم إنهم يتوقعون أن يتم قبول الاقتراح «قريباً، من قبل الحكومتين الإسرائيلية واللبنانية»، فيما لن يوقع «حزب الله» بشكل مباشر عليها، أعلن وزير الخارجية الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في منشور عبر «أكس»، أمس، أنّه «لن يكون هناك وقف لإطلاق النار في الشمال. وسنواصل القتال ضد منظمة حزب الله الإرهابية بكل قوتنا، حتى النصر والعودة الآمنة لسكان الشمال إلى ديارهم»، فيما نفى مكتب نتنياهو أن يكون الأخير قد رد على أي مقترح مقدّم من واشنطن وباريس. ونقلت شبكة «إي بي سي» الأميركية، بدورها، عن عدد كبير من كبار المسؤولين الأميركيين قولهم إنّ الوسطاء بين إسرائيل و«حماس» هم حالياً أبعد، من أي وقت مضى، عن التوصل إلى وقف لإطلاق النار، علماً أنّ إنهاء الحرب على غزة هو شرط أساسي للمقاومة في لبنان، للقبول بأي وقف لهجماتها.