Beirut weather 19.41 ° C
تاريخ النشر February 16, 2019
A A A
وارسو يفشل في إسقاط التفاهم النووي وتظهير صفقة القرن

في ظل بلوغ التجاذب الأميركي الداخلي درجة السخونة بين الرئيس دونالد ترامب والكونغرس على خلفية تعطيل الحكومة وإعلان حال الطوارئ، والحرب في اليمن والانسحاب من سورية، ظهرت واشنطن المتورطة في معركة جديدة عنوانها إسقاط الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو بلا خارطة طريق تؤدي للهدف، تنتقل في الحشد لمواجهة محور المقاومة من البوابة الإيرانية إلى حصاد هزيل في وارسو مثّله حضور 70 دولة بدلاً من 130 حشدتهم واشنطن لحربها الأولى على محور المقاومة من البوابة السورية قبل ست سنوات، في مؤتمر أصدقاء سورية في تونس عام 2012، وبدا التراجع أكبر من مجرد الأرقام، بنوعية المشاركين ومستواهم التمثيلي، وهوية الغائبين وهم حلفاء واشنطن التقليديون والوازنون، وخصوصاً أوروبا وتركيا، ولم يعوّض ذلك المشهد الكوميدي العربي المتهالك نحو «إسرائيل»، لكن العاجز عن تخطي مكانة القضية الفلسطينية، والعاجز بالتوازي عن إيجاد شريك فلسطيني يغطي التورّط في التخلّي عن القدس، فبدا مؤتمر وارسو منبراً للكلام أكثر مما هو حلف سياسي أو جبهة عسكرية، بعدما حدّد نائب الرئيس الأميركي مايك بنس الأولوية بانسحاب أوروبا من التفاهم النووي مع إيران، كان الردّ الأوروبي سريعاً بإعلان التمسك بالتفاهم رغم الملاحظات الكثيرة في ملف العلاقات مع إيران.

بالتوازي كان مقابل حلف المهزومين في الحرب على سورية المنعقد في وارسو، ومعهم الخائفون من تداعيات الهزيمة بانتعاش القوى المنتصرة وعلى رأسها روسيا وإيران والحركات التحريرية في المنطقة وقوى المقاومة والحكومات المستقلة في العالم، حلف المنتصرين ومعهم الخارجون من حلف المهزومين ينعقد في سوتشي، حيث روسيا وإيران تمثلان روح النصر في سورية، وتركيا تمثل نموذجاً يشبهه حال أوروبا للذين قرروا مغادرة المركب الأميركي الغارق والالتحاق بمركب قادر على الأخذ بهم إلى بر الأمان. وبعكس وارسو حيث كلام وكلام للكلام، في سوتشي خطط عمل وخارطة طريق، تبدأ بالتوافق على الحسم المتدرّج مع جبهة النصرة في إدلب بقضم مناطق سيطرتها بالنار وتقدّم الجيش السوري وتراجع الأتراك ومَن معهم تسهيلاً للمهمة، وبالتوازي إنعاش لمسار تركي باتجاه القبول باتفاق أضنة إطاراً للحفاظ على الأمن عبر الحدود مع سورية، وما يعنيه ذلك من تحضير لتنظيم مستويات من الحوار السوري التركي بشراكة روسية إيرانية وصولاً للتسليم التركي العلني باعتماد العلاقة بالدولة السورية إطاراً لحفظ أمن الحدود، واعتبار ملء الفراغ الناتج عن الانسحاب الأميركي مسؤولية حصرية للجيش السوري.