Beirut weather 19.41 ° C
تاريخ النشر July 3, 2020
A A A
وإلّا، فلا…
الكاتب: الياس الديري - النهار

قصّة لبنان ليست قصّة بسيطة، أو قصّة خلاف داخل حكومة، أو خارجها، أو عليها بكاملها. بل هي الآن، وبوضوح دولي وعربي، قصّة مصير. لقد حصلت الانهيارات التدميريَّة التي تسهِّل الطرق إلى الأهداف التي لم تعد خلف الأبواب. وعلى هذا الأساس يجب التصرُّف والتصدّي.

صحيح أن حروباً قاسية ومُدمِّرة مرَّت على هذا اللبنان، وحطَّمت كل ما كانه في مرحلة الزمن الجميل، إلّا أنّ العنصر الأساسي الذي يُشكِّل عنصر كل الأشياء كان مزدهراً وطافحاً. بوجوده. وهل نسيتم كيف كان المال ينتشر بكثافة تحت وابل القصف وفي كل الأرجاء؟
لكن لبنان اليوم مختلف جدّاً. لقد وضعوا أيديهم على “عنصر الحياة” فيه، بل عنصر الصمود، والقوّة، والمواجهة، والثبات، وما يُحرّك اللجوء إلى الحقائب وجوازات السفر.
وفي أجواء مُختنقة بالخلافات، والتداعيات، والتسابقات، وأحاديث المليارات التي غابت عن الوجود وغاب معها لبنان عن الوعي. لقد نام مليونيراً واستيقظ مديونيراً. اختفت المليارات بأساليب وطرق لا تزال مجهولة، وإن كانت الأحاديث تأخذ وتعطي حول مَنْ أعطي ومَنْ أخذ. غير أنّ ذلك لم يمنع سقوط لبنان في مهوار الإفلاس. فالليرة تنطُّ يوميّاً من “عرشٍ” إلى آخر، ولا تزال داعسة.
هذا واقع ليس جديداً، إلّا أنّه يُشكِّل النواة الأساسيَّة التي وزَّعت على اللبنانيّين، وبكثافة، خيرات الإفلاس من كل حدب وصوب. وفي كل الحقول والمجالات. ولم تبقَ تجارة، أو مهنة، أو مؤسَّسة إلّا وتباركت بزيارة غير خاطفة من الإفلاس والتعتير…
هذا النموذج لم يسقط من الغيوم فجأة، إلّا أنّ أحاديثه أَمست هي الموضوع الأساسي، والهمّ الأساسي، والقلق الأساسي. وهذا الوضع الذي يتراجع بحدَّة يوماً بعد آخر أصبح هو موضوع الأحاديث المُنتشرة من الناقورة إلى النهر الكبير.
بالطبع لا جديد في هذا الكلام، إلّا أنّه يأخذ معظم الناس إلى طرح الأسئلة حول سبل الخلاص والخروج من هذا المأزق الخانق. فالإفلاس يزداد قوّة وانتشاراً، والوضع على حاله، والمخاطر بارزة.
وبعض الأحاديث يرى أن لا أمل في الخلاص من هذه الأزمة المصيريَّة إلّا بإعادة النظر في واقع الحال والبحث عن سبل التغيير. لقد برهنت الإنهيارات أنّ الشفاء من هذا الورم الخطير يحتاج إلى إعادة نظر في أمور مُتعدِّدة، وكذلك الوضع من جذوره.
فالمطلوب، كي يصل اللبنانيّون إلى هدف الإصلاح المنشود والشامل، إجراءات أساسيَّة تغييريّة وفق الآراء التي بدأت تندثر في الأحاديث الدائمة حول وضع بلغ أسوأ وأخطر ما مرّ به لبنان وعرفه، من الزاوية المصيريّة.
وتغيير حال كهذا يحتاج إلى مراجع جادّة، وإلى مواقف فعّالة، وإلى انتقال من هذا الحال الوعر إلى حال يعرف الأمان والاستقرار.
وإلّا، فلا…