Beirut weather 22.99 ° C
تاريخ النشر April 16, 2016
A A A
هولاند اللبناني ولبنان الاقليمي
الكاتب: رفيق خوري - الأنوار

الرئيس فرنسوا هولاند يكسر التقاليد في زيارات الرؤساء، ولو كانت من نوع زيارة عمل. فلا رئيس يستقبله. ولا هو، بصرف النظر عن مساعيه المستمرة منذ نحو عامين لملء الشغور الرئاسي وحماسته للأمر أكثر منّا ورؤيته لمخاطر الفراغ بما يتجاوز رؤيتنا، يحمل في حقيبته اسم مرشح يحاول أن يفتح أمامه طريق القصر الجمهوري. واذا أخذنا بما قرأناه وسمعناه على مدى الأيام الماضية، فان كل شيء في الزيارة يبدو معروفاً سلفاً: ما سيقوله الضيف الكبير. وما سيسمعه من المسؤولين وغير المسؤولين.
لكن بيروت تستحق زيارة على طريقة القول القديم في فرنسا ان باريس تستحق قداساً. وأهم ما في الزيارة هو البعد الرمزي لها: تطمين اللبنانيين الخائفين ولفت أنظار اللاعبين الاقليميين المخيفين الى ان لبنان له صديق يستطيع الاعتماد على دعمه في الملمات. صديق يتمسّك بالثوابت التاريخية في العلاقة مع لبنان الصديق لفرنسا، مهما تغيّرت الدنيا وموازين القوى وموازين المصالح وأحجام الدول وحساباتها. وليس قليلاً ما تغيّر في فرنسا وأوروبا والعالم، وما تغيّر في لبنان وحوله منذ كان يرى ان فرنسا أمّ الدنيا عموم.
لكن الثابت في السياسات الفرنسية هو المعادلة التي عبّر عنها الجنرال ديغول بالقول: فرنسا ليست دولة عظمى، لا عسكرياً ولا اقتصادياً، ولذلك يجب أن تكون لها سياسة عظمى.
والرئيس هولاند ليس الزائر الاوروبي الوحيد الذي يحث اللبنانيين على أخذ أمورهم الداخلية بأيديهم، ويحذرهم من الخطورة والعبثية في ربط انتخاب رئيس للجمهورية بتطورات وعلاقات اقليمية. فلا أحد يعرف متى تنتهي حرب سوريا وكيف. ولا شيء يوحي، حتى احتجاج الرئيس حسن روحاني على بيان الجلسة الختامية للقمة الاسلامية، ان العلاقات بين الرياض وطهران مرشحة للتحسن في المدى المنظور.
غير ان الرئيس الفرنسي يعرف أكثر من سواه أن فصل انتخاب الرئيس عن صراعات المنطقة مهمة صعبة. فالشغور الرئاسي الذي يبقى جزءاً من ازمة لبنان، هو بدوره جزء من صراع المحاور الاقليمية. والجهد الذي بذلته باريس في البحث عن مفتاح اللعبة المغلقة انتهى الى التوقف امام جدار اقليمي. اذ قيل للفرنسي الزائر ان المفتاح في ايدي اللبنانيين، مع معرفة الجميع ان التركيبة السياسية الداخلية، على العموم، منقسمة بين العواصم الاقليمية ومرتبطة بالقرار فيها.
والخيار الافضل، ما دامت قضية الرئاسة صعبة، هو البحث مع هولاند في ما يستطيع تقديمه للبنان حالياً: من تسليح الجيش الى المساهمة في حلول سريعة تخفف من اعباء النازحين السوريين على طريق العودة الآمنة الى سوريا.