Beirut weather 16.32 ° C
تاريخ النشر April 18, 2016
A A A
هولاند الشفاف
الكاتب: عمر حبنجر - الأنوار

أمضى لبنان يومين في استراحة فرنسية ازدحمت بالمواقف والوعود، وأشعلت الضوء الرئاسي مجدداً عشية الجلسة الثامنة والثلاثين، لانتخاب الرئيس والتي لن تتميز عن سابقاتها، من دون أن ترقى الى مرتبة التدخل المباشر بهذا الاستحقاق، أو أن تتجاوز عنوان التوافق الذي بات بمثابة محط كلام كل مهتم بأمر الرئاسية حتى لو كانت له غاياته الدفينة…
الملفات عينها، التي نطرحها على طاولة الحوار، وجدت نفسها محور المحادثات اللبنانية الرسمية وغير الرسمية مع الرئيس الفرنسي الذي ابدى اهتمامه بالاستحقاق الرئاسي المصادر لحساب القوى الاقليمية، وتفهمه للقلق اللبناني بشأن ازمة اللاجئين السوريين، التي انهكت بنى لبنان التحتية والفوقية، ومتابعته لملف تسليح الجيش اللبناني، بالأسلحة الفرنسية خصوصاً، وصولاً الى الارهاب الذي هو حجر العقد في الجولة الهولاندية الشرق اوسطية، والذي ضرب ضربته حتى في قلب باريس.
ومع ان هولاند شدد على ان الحل لا يكون بذهاب اللاجئين السوريين الى اوروبا، بل الى بلدهم، فان بعض القوى السياسية اللبنانية التي استقبلت زيارة الرئيس الفرنسي بوجه عابس وحاجبين معقودين، بسبب خياراته الرئاسية المضمرة في لبنان، لاحظت ان عودة اللاجئين السوريين الى ديارهم، لم ترد في تصريحات الرئيس الفرنسي بالشكل المطلوب، وكأن على الزائر الكبير الذي اختار لجولته الاقليمية، البوابة اللبنانية، ان ينصح بالعودة الفورية لهؤلاء، بمعزل عن المصير الذي ينتظرهم في جحيم الصراع الأممي الدائر على أرضهم.
وزاد الطين بلّة نأي حزب الله عن الزيارة الفرنسية، واستئنافه توجيه السهام نحو الدول الخليجية، رغم اتفاق معظم الآراء على ان الزيارة الرئاسية الفرنسية جاءت بمثابة رسالة دعم للبنان بوجه معطّلي حياته الدستورية، وحابسي سلامه الأهلي ومستقبل نظامه في نظارة مصالحهم الاقليمية الخرافية.
ونوّهت أوساط وزارية، بشفافية تعاطي الرئيس الفرنسي مع الوضع اللبناني الراهن، بدءا من إصراره على الزيارة، رغم العيب الراهن في تركيبة السلطات الدستورية المتمثل بغياب رئيس الجمهورية، وتقبّله بروتوكوليا استقباله في المطار وصولا ومغادرة على مستوى نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع سمير مقبل، حرصاً من الرئيس نبيه بري ومن الرئيس تمام سلام على ان يكون أرفع مستوى وزاري مسيحي على رأس مستقبليه، حتى لا يساء الفهم فيما لو كان أحد الرئيسين بري أو سلام في مقدمة المستقبلين أو كلاهما معاً.
وبدا ان الرئيس هولاند مصرّ علي انجاح زيارته، ولو تكلّف بعض التعديلات على برنامج الزيارة، كاستعاضته عن الذهاب الى بكركي صباح السبت، بالتمني على البطريرك بشارة الراعي الحضور الى قصر الصنوبر، احتواء لاشكالية الذهاب الى بكركي، ثم دعوة رؤساء الطوائف الآخرين اليه، ما جنّب برنامج الزيارة مواقف وحساسيات، أمكن الاستغناء عنها.
ومن هنا قول وزير البيئة محمد المشنوق في تغريدة عبر تويتر، ان هذه الزيارة للرئيس الفرنسي مكّنته من التعرّف على الحساسيات اللبنانية، وتأكد بالملموس، ان لا مجال لتفاهم مسيحي على رئيس جديد للجمهورية، ما يعني انه دون العون الخارجي لا مجال ولا سبيل لخروج لبنان من هذا النفق الدستوري المغلق.