كتب صلاح سلام في “اللواء”
يمكن إعتبار الزيارة الموفقة التي قام رئيس الحكومة نواف سلام أمس إلى دمشق بمثابة خطوة تأسيسية لمرحلة جديدة وواعدة للعلاقات بين لبنان وسوريا، بعد مرحلة من القطيعة في السنوات الأخيرة لنظام بشار الأسد، وما سبقها من فترة الهيمنة في عهد حافظ الاسد، ووضع اليد على السلطة اللبنانية.
الملفات التي طُرحت في محادثات رئيس الحكومة مع الرئيس السوري كبيرة، وكثيرة التعقيد، لأنها تتناول قضايا متراكمة منذ خمسين سنة من الحكم الأسدي، ومعظمها يعود إلى محاولات الأسد الأب لإخضاع لبنان للتبعية السورية، سواءٌ في السياسة الخارجية، أم في أسلوب الحكم الذي تتحكم به الأجهزة الأمنية، وتفرض سطوتها على الشعب، وخاصة ملاحقة المعارضين للنظام، واعتقالهم، وإخضاعهم لأبشع عمليات التعذيب التي تودي بحياة معظمهم، كما كشفت الجرائم المرتكبة في سجن صيدنايا، وبقية مراكز أجهزة المخابرات.
تشكيل اللجنة الوزارية المشتركة بين البلدين، لا يعني أن المسائل المتعددة المعلقة بين البلدين، ستلاقي الحلول الفورية لها، لا سيّما مسألة ترسيم الحدود البرية والبحرية.
ولكن ثمة قضايا لا تحتمل التأخير، ويمكن إيجاد المعالجات الفورية لها، وفي مقدمتها إقفال المعابر غير الشرعية، ومكافحة عمليات تهريب المخدرات والسلاح عبر حدود البلدين، والتعاون على فرض السيطرة الكاملة على المناطق الحدودية، والعمل على تسهيل مرور الصادرات اللبنانية عبر الأراضي السورية، وتخفيض رسوم الشاحنات التي ضاعفها نظام الأسد عشرات المرات في الفترة الأخيرة، وتنظيم عمليات التبادل التجاري.
أما مسألة عودة النازحين السوريين المقيمين في لبنان إلى سوريا، رغم إهتمام الشرع بتسهيلها، إلا أنها تحتاج إلى إمكانيات مالية لتأمين البنية التحتية للقرى والبلدات التي سيعود إليها النازحون، الأمر الذي يبقى رهن وصول المساعدات الخارجية، والتي يجب أن يسبقها رفع العقوبات الأميركية والأوروبية عن سوريا، وإبطال مفعول «قانون قيصر» الأميركي خاصة. وفي هذا الموضوع أكد رئيس الحكومة اللبنانية على
أهمية العمل اللبناني ــ السوري المشترك لإنهاء قضية العقوبات، نظراً للفوائد التي يمكن أن يجنيها لبنان من هذه الخطوة، وفي مقدمتها عملية إستجرار الكهرباء من الأردن، والغاز من مصر، مما يساعد على التخلص من أزمة الكهرباء المزمنة في لبنان.
العلاقات اللبنانية مع الجارة السورية تحتاج إلى هندسة جديدة تقوم على قواعد الندية، والإحترام المتبادل لسيادة وخصوصية كل بلد، والإلتزام بعدم التدخل أي منهما بشؤون الآخر الداخلية، ومراعاة توازن المصالح المشتركة في كل إتفاق يتم التوصل إليه بين البلدين.
نواف سلام وضع في دمشق الحجر الأساس لبناء العلاقات الجديدة السويّة بين لبنان وسوريا.