Beirut weather 20.41 ° C
تاريخ النشر July 16, 2021
A A A
هل يُعاد تكليف الحريري بشروط دوليّة واقليميّة مُختلفة؟
الكاتب: علي ضاحي - الديار

خلط الرئيس سعد الحريري الاوراق الحكومية مجدداً مع إعلانه اعتذاره رسمياً، رغم انه لم يكن مفاجئاً، وكل القوى كانت في جو الاعتذار، وبالتالي التوقف عن متابعة المشوار بعد 9 اشهر من الكباش المستمر مع السعودية من جهة، وبين الرئيس ميشال عون ورئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل من جهة ثانية، ليصل الى قناعة منذ حوالى الاسبوعين، ان لا امكانية لمواصلة مشواره الحكومي، ولتكون الاستقالة داخلية وخارجية مع تغليب العامل الخارجي اكثر هذه المرة، وفق ما تؤكد اوساط بارزة في 8 آذار.
وتشير الاوساط الى ان كل المؤشرات، ومنذ حوالى الشهر والنصف، كانت توحي بوصول الحريري الى آخر مشواره الحكومي، ولكن «الجرعة القوية» التي تلقاها الحريري وقتذاك من رئيس مجلس النواب نبيه بري ومن ورائه حزب الله وكذلك دار الفتوى والمجلس الشرعي الاعلى، كانت كفيلة بتأجيل اعلان الاعتذار، في انتظار جولة مشاورات داخلية وخارجية، ودخول الامارات ومصر بقوة على خط تأمين الغطاء السني للحكومة، والمتمثل بدعم السعودية الذي من شأنه ان يعيد المساعدات الى لبنان، وان يوقف الحصار الخليجي على الاقل!
وتشير الاوساط الى ان هناك عتباً شديداً من فريقنا على الحريري لجهة تصرفه القاسي امس الاول، وارتكابه خطأ مميتاً من شأنه ان يستفز الرئيس ميشال عون، حين منحه 24 ساعة مهلة لقبول التشكيلة او ردها ، في سابقة دستورية في تاريخ لبنان، وتقول الاوساط ان كل من تسنى لهم الاطلاع على التشكيلة التي قدمها الحريري للرئيس عون من القوى الفاعلة، التي تشارك في تأليف الحكومة وتغطي الحريري سياسياً، لا سيما الرئيس بري و حزب الله، تفاجأوا بالاسماء الشيعية الخمسة المطروحة، حيث لم يتم التشاور فيها مع «الثنائي الشيعي» ، كما فعل الحريري ايضاً منذ ما يقارب الـ240 يوماً عندما قدم اول تشكيلة من 18 وزيراً ،ولم يشاور وقتذاك بالاسماء الشيعية الاربعة مع «الثنائي»، حيث رفضها تلقائياً، لكون من سمّاهم الحريري اقرب اليه، ومن المحسوبين عليه، ولا يمتوا الى «الثنائي» بأي صلة.
كما تقول الاوساط ان توزيع الحقائب على القوى السياسية جاء مختلفاً عن آخر لقاءات الحريري والرئيس عون، وكذلك التوزيع الطائفي للحقائب ولا سيما «الداخلية»، واشارت
الى ان مهلة الحريري لعون، وطبيعة التشكيلة كفيلتان وحدهما بتعقيد التأليف وتالياً تطييره،
اذ لم يكن من المؤمل وفق المعطيات الداخلية والخارجية، ان تسفر هذه التشكيلة عن حكومة.
وتشير الاوساط الى انه وفي ميزان الربح والخسارة، وبعد خسارة البلد لـ9 اشهر ودخوله في مزيد من السجالات والتناحر السياسي وخسارته للعديد من الفرص لوقف الانهيار الاقتصادي والمالي، خسر الحريري الكثير من رصيده الشعبي والسياسي والسني بفشله في تأليف الحكومة وصولاته وجولاته الخارجية، وقضائه اكثر من ثلثي مدة تكليفه في الخارج بين دولة واخرى، حيث لم يستطع ان يحشد الدعم الدولي والاوروبي والخليجي لنجاحه في التأليف، الا انه قد يكون استفاد معنوياً لشد العصب قبل عام من الانتخابات، وانه لم يرضخ للرئيس عون وباسيل ولم ينفذ طلباتهما وشروطهما الحكومية.
واكدت الاوساط ان الرئيس ظهر معنوياً، انه ربح سياسياً عبر عدم الاذعان للحريري ومحاولته «الاستيلاء» على صلاحياته ومنعه من ممارسة دوره كشريك في التأليف، اما ضمنيا وبعد الخسارة الشعبية، وخسارة البلد فرصة للانقاذ عبر تشكيل الحكومة ، فقد خسر عون المزيد من فرص انقاذ العهد في سنته الاخيرة، كما سرّع من فرص الانقضاض عليه من مختلف الاتجاهات عبر العداء لمعظم القوى السياسية ولا سيما الحريري.
ولفتت الاوساط الى ان الحريري فقد فرصة مهمة لعودته الى السراي بمبادرة فرنسية، فشلت هي الاخرى في تجاوز «الفيتو» الاميركي والسعودي على حكومة وازنة قد تنقذ العهد وتخفف من وطأة حصار لبنان وحزب الله.
وعن مرحلة ما بعد الحريري، تقول الاوساط ان الرئيس عون يتجه الى التريث في الدعوة للاستشارات النيابية الملزمة في بعبدا الى ما بعد عطلة الاضحى وسيقوم بمشاورات مع القوى المختلفة لايجاد بديل للحريري، وتكشف الاوساط ان بعض الافكار المتداولة في الاروقة السياسية الضيقة، والتي ترى في الحريري الشخصية السنية الاكثر تمثيلاً في لبنان وله اكبر كتلة سنية نيابية، ، فلا يمكن لاي سني من دون موافقة الحريري وتزكيته، ومن دون موافقة دار الفتوى والمجلس الشرعي والرؤساء السابقين للحكومة ان يتم تكليفه، وبالتالي نعود الى تجربة حسان دياب غير المشجعة.
لذلك ينطلق اصحاب هذه النظرية من ان الحريري الاقوى في طائفته، والاكثر تمثيلاً فما المانع من اعادة تكليفه وفق شروط داخلية وخارجية جديدة، لا سيما بعد توقيع الاتفاق النووي الايراني والذي بات منجزاً وفي انتظار توقيع الرئيس الايراني الجديد ابراهيم رئيسي على الاتفاق، وكذلك استمرار اللقاءات السعودية والايرانية في عمان والعراق، وهذا ما سيوفر غطاء دولياً واقليمياً لاعادة تكليف الحريري، ما دام وجوده حاجة شيعية وسنية وايضاً مسيحية في نهاية العهد وضرورة التحضير للانتخابات النيابية والرئاسية في جو من الضبط الامني والاقتصادي والمالي في الحد الادنى ومنع الانهيار الكامل والشامل والسريع.