Beirut weather 19.41 ° C
تاريخ النشر February 28, 2021
A A A
هل ينطبق القول «اشتدي يا ازمة تنفرجي» على الوضع الحكومي؟
الكاتب: محمد بلوط - الديار

كل المعطيات تؤكد ان البلاد وصلت الى مرحلة خطرة وصعبة ليس على الصعيد الاقتصادي والنقدي فحسب بل ايضا على الصعيد السياسي الذي وصل الى درجة عالية من التوتر والتصعيد، لا سيما على خلفية دعوة بكركي الى تدويل الازمة الحكومية والوضع اللبنــاني بغــض النــظر عن محاولات تجميلها وتفســيرها بأنها تهــدف الى عقد مؤتمر دولي لمساعدة لبنان شبيه بالمؤتمرات ذات الطابع المالي والاقتصادي التي حصلت سابقا.

وما زاد ويزيد الطين بلّة ان هذه الدعوة استغلتها منذ اللحظة الاولى قوى سياسية مسيحية للثأر من التيار الوطني الحر المتهم بمحاولة التفرد والهيمنة على القرار المسيحي، ولاخذ الوضع القائم الى وضع اكثر تعقيدا بطرح شعارات جديدة قديمة والتصويب على حزب الله والمقاومة بدلا من التركيز على الازمة الحكومية.

وتلفت مصادر مطلعة الى ان هذه القوى وعلى رأسها القوات اللبنانية تسعى الى التقاط هذه الفرصة لاستعادة مناخات 14 آذار وان بصيغة اخرى لتحقيق هدف اساسي هو اضعاف التيار الوطني الحر وزيادة الضغط على رئيس الجمهورية وعزله مسيحيا بغطاء دعوة البطريركية المارونية.

وتخشى المصادر من ان يؤدي هذا التصعيد السياسي الى زيادة تعقيدات الازمة الحكومية بدلا من تسهيل حلّها، اذ ان الدعوة الى التدويل تعني استنفاد المساعي الداخلية والمبادرة الفرنسية في آن معا، عدا انها تضيف عاملا خلافيا كبيرا يتجاوز موضوع الحكومة لا سيما ان هذا الطرح يلقى تجاوبا من شريحة سياسية وشعبية دون شريحة سياسية وشعبية واسعة اخرى.

وتعتقد هذه المصادر ان الدخول في هذا المسار بشكل ارتجالي وغير واقعي لن يغير في المعادلة والتوازنات وبالتالي سيطرح اشكالية جديدة اكبر حجما من اشكالية الحكومة.

ويبدو واضحا ان من انخرط في خوض غمار هذه الخطوة ونقلها الى الارض عبر التحشيد الشعبي الى بكركي يمثل قسما من الشارع المسيحي، وان القوى الاخرى التي تؤيد ضمنا موقف بكركي من طوائف اخرى فضلت عدم المشاركة واكتفت بالدعم عن بعد لاعتبارات عديدة كما فعل الرئيس الحريري في اتصاله مع البطريرك الراعي او وليد جنبلاط الذي اوفد الوزير السابق غازي العريضي الى الصرح البطريركي للغاية نفسها.

ورغم ذلك فان بكركي تملك المبادرة لعدم تحويل دعوتها مادة للاستثمار السياسي خصوصا على الساحة المسيحية، او ان يشكل موقفها مادة لزيادة الانقسام اللبناني. وهي قادرة على ان تترجم ذلك باستثمار هذا الموقف لممارسة ضغط فاعل لتشكيل الحكومة. وبالمناسبة فان الثنائي الشيعي يتلاقى مع بكركي في الضغط من اجل الاسراع في تشكيل الحكومة.

والى جانب هذا الجو السياسي المتوتر والضاغط تزداد حدة الازمة الاقتصادية والنقدية والتداعيات الاجتماعية والمعيشية الناجمة عنها بسبب الاهتراء الحاصل والفلتان المستشري في كل مرافق الدولة وتعثر تشكيل الحكومة.

كل ذلك يطرح السؤال: هل تشكل هذه العوامل حافزا او عاملا ضاغطا على الجهات المعنية للتخلي عن منطق المحاصصة وعن تعنتهم لفتح الباب جديا امام ولادة الحكومة؟

ثمة اشارات ظهرت في الايام القليلة الاخيرة تبعث على الاعتقاد ان هناك محاولات جديدة لتدارك الموقف واعادة تنشيط حركة المساعي لفكفكة العقد التي تعيق التأليف منها:

– استئناف المدير العام للامن العام تحركه وزيارته بكركي بعد بعبدا وبيت الوسط، واعلانه عن مشاركته غبطة البطريك في الجهود لدفع عملية تشكيل الحكومة. وبطبيعة الحال فإن ما قام ويقوم به ليس بمنأى عن الرئيس بري ومبادرته ولا عن حزب الله.

– بيان كتلة حزب الله النيابية الاخير الذي تضمن موقفا متقدما عن المواقف السابقة لجهة التشديد على وجوب الاسراع في تأليف الحكومة وتحذيره من الوضع لم يعد يحتمل الانتظار.

– اللقاء الذي جمع السفيرة الفرنسية برئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل في حضور اركان السفارة ومسؤولين في التيار حيث تركز البحث في موضوع الحكومة وسبل تسريع ولادتها.

– الاتصال الذي جرى بين الحريري والبطريرك الراعي حيث تناول الى جانب المواقف الاخيرة لبكركي الوضع الحكومي وسبل عودة تحريكه.

لكن هذه الاشارات الايجابية غير كافية او حاسمة، ولا تحدث تغييرا في المشهد الحكومي بسبب استمرار تصلب الطرفين الحريري وعون ومعه باسيل في مواقفهما واقفالهما حتى الان المنافذ للحلول.

ولا تستبعد المصادر ان تنشط المساعي بعد مهرجان بكركي في اجواء ضاغطة على الطرفين لاحداث الخرق الجدي في جدار الازمة الحكومية.

وتكشف عن افكار او مقترحات جديدة قيد البلورة يمكن ان تكون صيغة مقبولة ولا تحرج اي طرف من الطرفين.

فهل يحدث هذا التطور المنتظر ام ان الحكومة ستبقى اسيرة الكباش الداخلي والرهانات على العوامل الخارجية.