Beirut weather 19.41 ° C
تاريخ النشر July 2, 2019
A A A
هل ينجح الاميركيون بفرض قوة بحرية دولية في الخليج خارج مجلس الامن؟
الكاتب: العميد شارل ابي نادر - موقع المرده

يدور الحديث عن جدية الطرح الاميركي القديم الجديد، والهادف لتشكيل قوة بحرية دولية لحماية ممرات النفط في الخليج، من دون قرار دولي صادر عن مجلس الامن، وحيث يبدو ان الموضوع استحوذ على جانب مهم من محادثات قمة العشرين الاخيرة في اوساكا اليابان، فما هي المعطيات التنفيذية لهذا الطرح فيما لو تحقق؟ وما هي تداعياته على الصعيد الدولي والاقليمي؟.
استنادا لما نشره التلفزيون الفرنسي فرانس 24 في احد برامجه التحليلية (وقفة مع الحدث )، والذي اعتمد فيه على معلومات نشرتها اكثر من صحيفة غربية واميركية بالتحديد، ستقوم اكثر من دولة اقليمية وغربية بوضع عدد محدد من سفنها العسكرية (سفن قتال ومراقبة ) بتصرف قوة بحرية شبه دولية، من غير الواضح حتى الان بقيادة من ستكون، وتتوزع هذه السفن على ثلاث مجموعات، الاولى في خليج عمان والثانية في مضيق هرمز والثالثة في داخل الخليج بين الامارات وقطر، على ان تتمركز وتنتقل في المياه الدولية، وطبعا بعيدا عن المياه الاقليمية الايرانية للكثير من الاسباب المعروفة.
لا يوجد معطيات محددة عن مهمة هذه القوة البحرية، ولكن من الطبيعي أن نستنتج انها ستقوم بمهمة حراسة للناقلات والسفن التجارية المنتقلة في قطاعها، ( بين بحر الحرب مرورا بخليج عمان ودخولا الى الخليج )، ومن الطبيعي ايضا ان تتضمن مهمتها دوريات بحرية لمرافقة اغلب الناقلات والسفن التجارية بطريقة شبه لصيقة، بهدف تأمين اكبر قدر ممكن من الحماية لها، وبمعزل عن عدد تلك الدول التي سوف تساهم بوضع سفن منها لتشكيل القوة، حيث العدد غير مهم، من البديهي ان نستنتج هوية هذه الدول، الاقليمية او الغربية، من التي تدور في الفلك الاميركي فقط، وطبعا من غير الصين وروسيا اللتان برفضهما لهذه القوة المقترحة، سيكون القرار من خارج مجلس الامن، بهدف تجاوز فيتو الدولتين المذكورتين.
في متابعة لحركة العمل والضغط الاميركي الهادف لتشكيل هذه القوة، الجمهورية الاسلامية الايرانية طبعا ليس مُرَّحَباً بها ضمنها، بالرغم من امتلاكها الساحل الاكبر المواجه للمنطقة البحرية التي ستكون بقعة عمل هذه القوة البحرية، لانها بالحقيقة هي المستهدفة من هذه القوة، او بالاحرى لانها هدف تشكيل هذه القوة، وبالرغم من انها صرحت اكثر من مرة وعلى لسان اكثر من مسؤول سياسي او عسكري، انها جاهزة للمساهمة وباكبر قدر من الامكانيات والفعالية، بتأمين امن الملاحة البحرية في الخليج وخارجه حتى مداخل بحر العرب وخليج عدن والمحيط الهندي.
من الطبيعي أن نعتبر ان هذه القوة سوف تتشكل وستبدأ عملها، وهذا وارد جدا، اولا لانه يوجد سوابق استطاعت فيها واشنطن تشكيل تحالفات شبه دولية من خارج قرارات الامم المتحدة ومجلس الامن، وثانيا لان حركة هذه القوة هي من ناحية القانون الدولي حركة مشروعة، كون قطاع عملها في المياه الدولية او مياه أعالي البحار، وهذا غير ممنوع على الدول بشكل عام، وثالثا لان العديد من الدول التي تدور في الفلك الاميركي جاهزة للانخراط في القوة البحرية المرتقبة، وربما بعضها متحمس اكثر من الاميركيين لذلك.
مسار عمل هذه القوة بالمبدأ سوف يكون مسارا عاديا وروتينيا في حالات المواكبة للناقلات وللسفن، وانتقالها سوف يشكل حماية تلقائية للملاحة في كامل قطاع عملها البحري، خاصة ان تواجدها مع قدرات متطورة في المراقبة والرصد والقتال البحري، سوف يدفع من يريد أن يستهدف السفن والناقلات و الملاحة البحرية للتراجع والابتعاد عن ذلك.
اذن حساسية وخطورة وتداعيات عمل هذه القوة البحرية لن تظهر في الحالات العادية المذكورة اعلاه، لكنها حتما سوف تظهر عند انتقال اية سفينة او قطعة بحرية ايرانية عسكرية في قطاع عملها، وحيث ان هدف القوة البحرية شبه الدولية هو التضييق على ايران وعلى حركتها البحرية الناشطة في الخليج والمنطقة، فان الاصطدام حكما سوف يقع بين الطرفين، ومن باب مهمة القوة في تأمين الحماية، عند محاولة تفتيش او توقيف القطع العسكرية الايرانية، وذلك على خلفية الاتهام الاميركي لايران بالاعتداءآت على السفن والناقلات في الفجيرة وخليج عمان.
في حالة الاصطدام هذه، والتي هي واردة وبقوة، هنا سيكون لقواعد الاشتباك ” الخاصة “، و التي سوف تضعها الولايات المتحدة الاميركية بنفسها طبعا، الدور الاساس في توسيع هذا الاشتباك ليصبح دوليا، والاستناد عليه للاعتداء على القوة البحرية الايرانية، بغطاء شبه دولي، الامر الذي سوف يؤدي حكما الى وضعه في عهدة الامم المتحدة، وليعود الى المربع الاول الذي حاول الاميركيون تجاوزه، وهو الدور الصيني والروسي الاساسيين في صدور او عدم صدور قرار لمجلس الامن بتدويل الملاحة البحرية في الخليج والمنطقة.
من هنا، يمكن ان نستنتج ان الهدف من هذه القوة البحرية شبه الدولية، والتي يعمل الاميركيون على انشائها من خارج مجلس الامن، لن يتحقق لناحية جرّ المجتمع الدولي كاملا، وخاصة روسيا والصين ضمنا، الى تبني محاصرة ايران والتضييق عليها من خلال منظومة دولية كاملة، شرعيا وقانونيا، ويبقى الحل الدولي الاضمن هو ما تقوم عليه حاليا روسيا وبدعم شبه دولي، من الاتحاد الاوروبي ومن الصين واليابان والهند، لناحية اعادة فتح باب التفاوض مع ايران حول عدة نقاط اساسية، يبدو ان الاخيرة تنظر لها بجدية بعد ان وضعت شرطا اساسيا كمدخل لموافقتها على التفاوض وهو، وقف اطلاق النار الاقتصادي عليها، او بمعنى آخر، وقف العقوبات الاقتصادية الاميركية، على الاقل تلك التي صدرت بالرزمة الاخيرة حول تصفير صادرات النفط الايراني.