Beirut weather 19.41 ° C
تاريخ النشر September 15, 2020
A A A
هل يمكن اليوم زيادة النمو والاستثمار بالليرة بدل الدولار؟
الكاتب: ذو الفقار قبيسي - اللواء

تصريح حاكم مصرف لبنان لـ «Financial Times» ان «الاحتياطيات النقدية منخفضة لدرجة أنه لا يمكن توفير الدولارات إلا لدعم الاستيرادات الحيوية مثل القمح وفقط حتى نهاية العام»، وضع «ضوءاً أحمر» أمام الدور الرئيسي المتعارف عليه لأي مصرف مركزي في العالم: ١- تحقيق النمو ٢ – توفير فرص العمل – الاستقرار النقدي، وطرح السؤال – أمام عدم توافر الدولار في لبنان – هل يمكن تحقيق هذا الدور المثلث الأهداف باستخدام العملة الوطنية بديلا عن الدولار؟

الموضوع طرح في تشرين الأول العام ٢٠١١ في خطاب وجهه حاكم مصرف لبنان الى أساتذة مادة الاقتصاد في المدارس الثانوية حول «العلاقة الوثيقة بين النمو الاقتصادي واستعمال الليرة اللبنانية»، أكد فيه يومها أن ازدياد الثقة بالليرة اللبنانية أدّى الى ارتفاع ودائع الليرة لدى المصارف بحوالي ٣٠٠% ما شجع البنك المركزي على إعفاء المصارف من الاحتياطي الإلزامي بالليرة ومكّنها من زيادة التسليفات بالليرة في قطاعات انمائية أساسية من التكنولوجيا والابتكار الى التعليم والاسكان، وذلك في ظروف مكّنت مصرف لبنان من خفض الفائدة المصرفية بالليرة على مدى ٣ سنوات بين ٢٠٠٧ و٢٠١٠ من ١٠% الى 8,15% ومكّنت المصارف من خفض الفائدة على التسليفات الجديدة أو المجددة بالليرة خلال ٣ سنوات من ١٠% الى 8,15% . فتحوّلت العملة الوطنية من وسيلة استهلاك الى وسيلة إنماء أو كما قال سلامة «من وسيلة ادخار الى وسيلة استثمار».

 

 

واليوم؟

… عندما تعود الذاكرة الاقتصادية الى تلك الصورة المشرقة يومها عن ليرة لبنان وعن مدى إمكانية استعمالها لتحقيق الأهداف الثلاثة نفسها: تحقيق النمو وزيادة فرص العمل وسلامة النقد، يأتي رد الفعل الطبيعي والفوري ان المعطيات والأدوات تغيّرت. وما كان يمكن أن تفعله ليرة الأمس لم يمكن أن تفعله ليرة اليوم أمام حواجز وقيود منها انه في ظروف اليوم، مع انخفاض الاحتياطيات وشح الدولار، لا تتجه الليرات اللبنانية الى الاستثمار وتحقيق النمو وتوفير فرص العمل، لأن المداخيل بالليرة لا سيما لدى ذوي الدخل المحدود، فقدت الجزء الأكبر من قوتها الشرائية وما تبقّى منها لم يعد كافيا للاستثمار أو للادخار بل يتجه الى السوق السوداء بحثا عن الدولار، ولو بأسعار صرف عالية لا تبقي منها «لا شروى ولا نقير»!

وحتى عندما تتوافر القروض – إذا توافرت – من الصناديق الدولية والعربية فإن الجزء الأكبر منها سيذهب الى سد العجوزات والفجوات، لا سيما بغياب خطط انمائية واقعية وفاعلة تحوّل خطوط الاقتصاد من النهب أو الهدر أو الريع الى النزاهة والترشيد والانتاج، وبما أدركه قبل أكثر من قرن ونصف قرن الرئيس الأميركي ابراهام لينكولن: «في حدود ما أعرفه في الاقتصاد انني إذا اشتريت قميصا مصنوعا في أميركا ألبس القميص وتبقى الدولارات في أميركا. وإذا اشتريت قميصا مصنوعا في انكلترا ألبس القميص وتذهب الدولارات الى انكلترا».