Beirut weather 20.41 ° C
تاريخ النشر January 10, 2022
A A A
هل يمكن أن يدمر سقوط “كويكب شارد” الأرض؟ هذا التاريخ يقلق العلماء
الكاتب: عربي بوست

“صخرة مدمرة سقطت على الأرض قبل سنوات”.. تذكرنا هذه الحادثة التي وقعت في روسيا قبل سنوات قليلة بأن احتمال تعرض الحياة في الأرض للفناء جراء سقوط كويكب أو مذنب ليس أمراً مستبعداً، بل إنه سبق أن حدث بالفعل.

ورغم أنه حدث لا يقع إلا مرة كل 100 مليون عام، ولكن بالنظر إلى الآلاف المؤلفة من الصخور الفضائية التي تدور حول نظامنا الشمسي، فسيندفع كويكب أو مذنَّب عملاق يحمل اسمنا إلى طريقنا عاجلاً أم آجلاً، السؤال هو متى.

ولو تُرك دون تدخل فسيصطدم بكوكبنا، وجميع أشكال الحياة على الأرض تقريباً ستواجه المصير نفسه الذي حل بالديناصورات قبل 66 مليون سنة، وهو الانقراض، حسبما ورد في تقرير لصحيفة The Times البريطانية.

وحين يحدث ذلك فإننا -أو أحفادنا في المستقبل البعيد- إما سنكون مستعدين لهذا المتسلل ونصده، أو لن نكون مستعدين وستحدث الكارثة، حسب الصحيفة البريطانية.

سيناريو تعرض الحياة في الأرض للفناء ليس مجرد خيال هوليوودي بل حدث بالفعل
تقول إيمي ماينزر، عالمة الفلك من جامعة أريزونا: “الكويكبات والمذنبات اصطدمت بالأرض في الماضي، ومن المؤكد أنها ستفعل في المستقبل. والسؤال هو متى”.

كانت إيمي مستشارة علمية لفيلم نتفليكس الأخير Don’t Look Up أو “لا تنظر للأعلى” من بطولة ميريل ستريب وليوناردو دي كابريو وجينيفر لورانس. ويقوم الفيلم على فكرة أن صخرة فضائية مارقة ربما تُنهي الحياة على الأرض. ورغم موسيقى الفيلم الكوميدية وتلميحاته عن أزمة المناخ، فهو يسلط الضوء على بعض التحليلات العلمية وراء احتمال أن تدمر صخرة فضائية كوكب الأرض.

وصخرة فضائية يمكنها إنهاء الحياة على الأرض لا بد أن يبلغ عرضها خمسة أميال (حوالي 8000 متر) على الأقل أو نحو ذلك، على غرار الكويكب الذي قضى على الديناصورات. وهذا الجسم قادر على تحويل منطقة عرضها مئات الأميال إلى صخور منصهرة عند اصطدامه بها، ونشر صدمات مدمرة في جميع الاتجاهات. والغبار والغاز الناتجان عن هذا التصادم سيحجبان الشمس، وسيتساقط الرماد مثل الأمطار الملتهبة. ومعظم، إن لم يكن كل، الأرض ستصبح غير صالحة للسكنى.

 

إليك نسب احتمال حدوث هذا الأمر والفترة الزمنية الآمنة المتبقية لدينا
وبفضل المسوحات التي تجريها وكالة الفضاء الأميركية (ناسا) ووكالة الفضاء الأوروبية (إيسا) وهيئات أخرى، أصبحت لدينا القدرة على التحكم في معظم هذه الأجسام بهذا الحجم، ونعلم أننا في مأمن من هذا السيناريو في الوقت الحالي. يقول لوك دالي، عالم الفلك في جامعة غلاسكو: “نراقب 95% من كل شيء نطلق عليه مدمراً للكواكب. ولا شيء سيقترب منا في المئة عام القادمة”.

فحتى الآن لا يوجد كويكب معروف يزيد حجمه على 140 متراً (وهو أصغر قطر قد يؤدي إلى تعرض الحياة في الأرض للفناء) لديه فرصة كبيرة لضرب الأرض خلال المئة عام القادمة.

هل انتهى الموضوع؟ ليس تماماً. فالأمر ليس مضموناً؛ لأن عملية اكتشاف الكويكبات اكتسبت تقدماً في السنوات الأخيرة فقط، حسبما ورد في تقرير لصحيفة The Guardian البريطانية.

ورغم كل قدراتنا على التنبؤ، فنحن لا نحيط علماً بجميع الأجسام الكبيرة، خاصة تلك التي تنشأ في الفضاء البعيد عن النظام الشمسي. ورغم أن احتمالات اصطدام أحد هذه الأجسام بكوكبنا في المستقبل القريب ضئيلة جداً، فهذه الاحتمالات الضئيلة تتراكم على مدى ملايين السنين.

والكويكبات والمذنبات الأصغر حجماً -الأولى بقايا صخرية من الكواكب، والثانية رفيقتها الجليدية التي تشكلت في النظام الشمسي على مسافات أبعد بكثير- لها تحدياتها، فمن الصعب تعقبها، وعددها أكبر بكثير، وتأثيرها لا يزال كبيراً إذا ضربت كوكبنا، فقد تمحو مدناً أو حتى بلداناً بأكملها.

 

روسيا شهدت حادثة مدمرة قبل سنوات
فعام 2013، انفجرت صخرة فضائية بحجم منزل فوق بلدة تشيليابينسك في روسيا. ونتج عن هذا الانفجار، الذي يعادل 440 ألف طن من مادة تي إن تي، تحطيم النوافذ، وتدمير المباني وإصابة 1600 شخص.

الأمر المثير للقلق، أن نيزك تشيليابينسك كان غير متوقع تماماً. كان صغيراً جدا ، ما يعني أن نظم الرصد في المكان المناسب لكشف الأجسام القادمة لم تره.

كان النيزك يتحرك بسرعة تفوق 60 ألف كيلومتر في الساعة (40 ألف ميل في الساعة). عندما تطايرت الصخور في الغلاف الجوي أدى الاحتكاك إلى تسخينها وتوهّجها أكثر من الشمس، بطريقة أضاءت السماء فجأة بشكل كرة نارية.

أطلق الانفجار فوق تشيليابينسك ما يعادل انفجار 500 ألف طن من مادة تي إن تي، ومعظم الإصابات كانت جراء الزجاج المتطاير من النوافذ المحطمة.

في فبراير/شباط 2016، اخترقت صخرة ضخمة من الفضاء الغلاف الجوي للأرض قبل أن تحترق فوق المحيط الأطلنطي.

وأحدثت الصخرة انفجاراً هو الأشد منذ انفجار “تشيليابينسك” في روسيا قبل أعوام، ورصد الانفجار قبالة ساحل البرازيل، في السادس من فبراير/شباط، وأطلقت الصخرة فور احتراقها ما يعادل انفجار 13 ألف طن من مادة تي إن تي.

الكرة النارية فوق الأطلنطي سقطت على الأرجح دون أن يلاحظها أحد، إذ إنها احترقت على مسافة تصل إلى نحو 30 كيلومتراً أعلى سطح المحيط على بعد ألف كيلومتر من الساحل البرازيلي.

 

هل يمكن حماية الأرض من التدمير؟
لتجنب مصير الديناصورات ومنع تعرض الحياة في الأرض للفناء، يراهن العلماء على جهود تحسين قدرات البشر على تتبع الكويكبات والمذنبات، باستخدام أدوات مثل تلسكوبات “fly-eye” التي طورتها وكالة الفضاء الأوروبية، والتي ستجري مسوحات أسرع بكثير لسماء الليل بحثاً عن الأجسام الخطرة لا تزال مستمرة.

والهدف النهائي هو “مسح سماء الليل بالكامل مرة كل ليلة” ومراقبة أي شيء قادم في طريقنا، مثلما يقول ديتليف كوسشني، القائم بأعمال رئيس مكتب الدفاع الكوكبي التابع لوكالة الفضاء الأوروبية.

وفي حال وجد العلماء صخرة فضائية خطيرة قادمة في اتجاهنا، فبإمكان البشر أن يفعلوا ما هو أكثر من مجرد الجلوس والدعاء؛ وربما نتمكن من إنقاذ أنفسنا. فإذا توفر الوقت الكافي قبل حدوث اصطدام، ربما خمس أو عشر سنوات، فيمكننا دفع الجسم بدرجة طفيفة، قبل وقت طويل من اصطدامه المتوقع، لنضمن أن يمر بنا دون أن يؤذينا. وهذا ليس ضرباً من الخيال.

 

ناسا تختبر آلية لإبعاد كويكب عن الأرض
ففي سبتمبر/أيلول 2022، ستصطدم مركبة فضائية تابعة لوكالة ناسا بكويكب صغير بهدف تحريف مساره.

تسمى هذه العملية اختبار إعادة توجيه الكويكبات المزدوج (Dart)، حيث ستصطدم بكويكب صغير يسمى ديمورفوس يدور حول رفيقه الأكبر، ديديموس. والهدف هو معرفة إن كان بإمكاننا تقصير مدار ديمورفوس ببضع دقائق فقط، وهي مدة ضئيلة، لكنها كافية لإثبات أنه يمكننا تحويل مسار كويكب قادم إذا لزم الأمر.

وأطلق المسبار في 24 نوفمبر/تشرين الثاني 2021، ويتكلف قيمة 330 مليون دولار، ويمثل ذروة الجهود البشرية لمنع تعرض الحياة في الأرض للفناء.

وكويكب “ديمورفوس” المستهدف، الذي يعادل حجمه ملعب كرة قدم، لا يمثل تهديداً للأرض، ولكنه يمثل فرصة فريدة لاختبار قدرة البشر على تغيير مسار الكويكبات.

وDART هو مشروع مشترك بين وكالة ناسا ومختبر جونز هوبكنز للفيزياء التطبيقية (APL). يُدار من قبل مكتب تنسيق الدفاع الكوكبي التابع لناسا، ويقدم العديد من مختبرات ومكاتب ناسا الدعم الفني.

ويساهم الشركاء الدوليون للمشروع، مثل وكالات الفضاء التابعة لوكالة الفضاء الأوروبية (ESA) ووكالة الفضاء الإيطالية (ASI) وجاكسا اليابان، في مشاريع ذات صلة أو لاحقة.

في أغسطس/آب 2018، وافقت وكالة ناسا على المشروع لبدء مرحلة التصميم والتجميع النهائية. تم إطلاق المركبة الفضائية DART بنجاح في 24 نوفمبر/تشرين الثاني 2021، مع تحديد موعد الاصطدام في 26 سبتمبر/أيلول 2022.

تتمثَّل الخطة في أن تصدم مركبة فضائية آلية القمر الصغير ديمورفوس بسرعة 1500 ميل في الساعة، وذلك لتغيير مسار القمر على نحوٍ بسيطٍ فقط.

وإذا نجحت المهمة، فسوف يعني ذلك أن وكالة الفضاء الأميركية ووكالات الفضاء الأخرى يمكنها تحويل مسار كويكبٍ مُتَّجهٍ نحو الأرض وتجنُّب اصطدامٍ كارثي بالأرض.

من المُفتَرَض أن تقدِّم صور القمر الإيطالي LICIACube، إضافةً إلى ملاحظات التلسكوب من الأرض، بعض المؤشِّرات حول ما إذا كان مدار ديمورفوس قد تغيَّر أم لا. والهدف هو فقط تحريكه لجزءٍ بسيطٍ من النقطة المئوية.

ما يبعث على الاطمئنان- أن ناسا لن تقوم في أيِّ وقتٍ قريب بإنزال رائدي فضاء إلى سطح الكوكب ليحفرا حفرةً ويسقطا فيها قنبلةً نووية ثم يحاولا الفرار بعيداً بأسرع ما يمكن، كما يحدث في أفلام هولويوود، حسب تعبير صحيفة The Guardian.

الفكرة أنه إذا كان كويكبٌ يهدِّد الأرض بالفعل، فسوف يكون من الجيِّد التعرُّف عليه في وقتٍ مبكِّر وحرفه عن مساره، لأنه كلَّما أمكن إجراء هذا التغيير في مساره في وقتٍ أبكر، ينتهي به الأمر أبعد عن الأرض، حسبما نأمل.

قال ليندلي جونسون، ضابط الدفاع الكوكبي في وكالة “ناسا”، إن مفتاح الحلِّ في تجنُّب كويكبٍ مدمِّر هو اكتشافه في وقتٍ مبكِّرٍ والاستعداد بوسائل تغيير مساره. وقال: “لا نريد أن نكون في موقفٍ يتَّجه فيه كويكبٌ نحو الأرض، ثم يتعيَّن علينا اختبار هذا النوع من القدرات”.

هناك الكثير من الأفكار الأخرى، بما في ذلك تشغيل مركبة فضائية إلى جوار الكويكب واستخدام الليزر أو المحرِّك الأيوني النفَّاث أو أيِّ نوعٍ آخر من أجهزة الشعاع لإحداث تأثير طفيف في المسار، يكون ذا أهميةٍ مع مرور الوقت. أو يمكن لمركبة هبوط روبوتية البحث عن المعادن ثم استخراجها من السطح (تأثير المحرِّك الشامل)، باستخدام قانون نيوتن الثالث للفعل وردِّ الفعل، بغرض تغيير المسار. ويمكن رفع الأشرعة الشمسية في مكانٍ قريب لعكس ما يكفي من ضوء الشمس ليكون له تأثير على الكويكب.

ولكن في حال تضاؤل فرصة التحرك، ربما مجرد أشهر فقط كما في فيلم “Don’t Look Up”، قد تظهر الحاجة لقوة متفجرة من الرؤوس النووية، ليس لتدمير الجسم وإنما لدفعه بعيداً عن مساره بطريقة أكثر حسماً. وليس واضحاً إن كان بإمكاننا حشد القوة الكافية لتنفيذ هذا الهروب العظيم، ولكنها في النهاية قد تكون أملنا الوحيد.