Beirut weather 22.41 ° C
تاريخ النشر July 6, 2018
A A A
هل يكون اجتماع القمة الروسي – الاميركي مدخلاً لحل الازمة السورية؟
الكاتب: العميد المتقاعد شارل ابي نادر- موقع المرده

تتوجه الانظار الى لقاء القمة المرتقب في هلسنكي ( فنلندا ) في السادس عشر من تموز الحالي، بين الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والاميركي دونالد ترامب، خاصة في ظل التشنج الذي كان قد ساد مؤخرا العلاقة بين الدولتين على العديد من الملفات، وحيث لا يمكن القول ان هذه القمة قادرة على مقاربة وحلّ جميع تلك الملفات الخلافية بطريقة وافية، كملف اوكرانيا وجزيرة القرم، او ملف الانتخابات الاميركية الرئاسية الاخيرة، او ملف سباق التسلح الذي ظهرت بعض بوادره مؤخراً في اوروبا الشرقية، ربما يتوصل الرئيسان الى مقاربة معقولة لبعض الملفات التي اصبح من الضروري ايجاد الحلول لها، نظرا لتفاقمها و خطورتها على العلاقة بين الدولتين، او نظرا لتسارع التطورات والاحداث فيها، ومنها الملف السوري برمته.

حساسية الملف السوري انه يرتبط بالعديد من الملفات الاساسية في الصراع الدولي والاقليمي، منها الصراع العربي – الاسرائيلي، والايراني – الاسرائيلي، والعربي ( الخليجي ) – الايراني ، بالاضافة طبعا لملف النفوذ الايراني في الاقليم والشرق الاوسط، وارتباطه بملف الاتفاق النووي الايراني، كما تراه الولايات المتحدة الاميركية واسرائيل، او كما استطاعتا ان تقنع بعض الدول للربط بين الملفين.

من هنا تأتي معطيات و عناصر مقاربة الملف السوري بين القوتين العظمتين، والتي سوف تتطرق حتما في هذه المقاربة الى المعطيات التالية:

ثبات الدولة السورية

من الطبيعي ان يتم التطرق في القمة الى عدم جدوى استمرار النظرة الاميركية السلبية ضد النظام السوري او ضد الرئيس الاسد، والذي اثبت بما لا يقبل الشك، قدرة مميزة في ادارة الحرب على بلاده بمواجهة تحالف واسع من الدول، بالاضافة الى انه، و في ظل ضغوط ضخمة من التواجد الارهابي المسلح، والمدعوم بفعالية واسعة من تلك الدول، نجح الجيش العربي السوري بقيادته، وبدعم صادق و فعال من محور المقاومة، وعلى رأسه ايران وحزب الله، في دحر الهجمة الارهابية الشرسة على سوريا، و الاخيرة اليوم على الطريق لان تصبح محررة بالكامل .

ايضا، يستدعي هذا الموضوع ( ثبات الدولة السورية ) تحرير الضغوط الاميركية او نزعها، عن الدول القريبة من سوريا جغرافيا، والتي من الواضح ان قرارها بمقاطعة الدولة السورية ارتبط او تأثر مباشرة بالقرار الاميركي، ومن هذه الدول الاردن ومصر وبعض دول الخليج غير المتورطة بالحرب على سوريا، وحيث كانت علاقة هذه الدول جيدة بسوريا سابقا ، الامر الذي يجب العودة اليه وبتنسيق اوسع ، على الاقل لضرورته على صعيد الامن الاقليمي والعالمي المشترك بمواجهة الارهاب.

التواجد العسكري الخارجي في سوريا

من المفترض ان يتم التطرق الى مستقبل التواجد العسكري لوحدات التحالف الدولي بقيادة الاميركيين على الارض السورية، في ظل رفض الدولة الشرعية صاحبة السيادة لهذا التواجد، وفي ظل قرب انتهاء الحرب على الارهاب، والتي كانت عنوان تبرير هذا التواجد من خارج منظومة الامم المتحدة، او من خارج قرارات مجلس الامن الدولي .

ايضا، من الطبيعي والمؤكد ان الاجتماع سوف يتطرق الى الوجود الايراني في سوريا، والذي طالما صوّب عليه الاميركيون، والذي هو ايضا مدار بحث معمق ومتواصل بين الروس والاسرائيليين، وحيث سيشدد الرئيس الاميركي على ضرورة انهائه، سوف يحاول الرئيس الروسي ربطه بقرار الدولة السورية، والذي سيستند على موضوع الوجود الارهابي المسلح في سوريا، حيث كان من الاسباب الرئيسة للوجود الايراني ولوجود حزب الله، بالاضافة لمحاولة الرئيس الروسي ايضا ربط هذا التواجد ( الايراني وحزب الله ) بالوجود العسكري للتحالف الغربي على الارض السورية.

الحل السياسي في سوريا

سوف يحاول الطرفان الانطلاق من نقطة مشتركة في مقاربة ملف الحل السياسي المقترح داخل سوريا، وهي الموضوع الكردي وشبه الادارة الذاتية التي يتمتع بها حاليا الاكراد في الشرق السوري، وحيث كان الروس غير بعيدين عن دعم وتسويق فكرة الادارة الذاتية للاكرد بشرط احترام سيادة الدولة السورية كاملة، مع تأمين بعض الخصوصيات الكردية في اللغة او الادارة او الثقافة دون المس بالقوانين والانظمة والثوابت الرسمية للدولة السورية، لم يكن الاميركيون ايضا بعيدين عن ذلك لناحية الادارة الذاتية، مع فارق اساسي في انحيازهم لعدم احترام سيادة الدولة السورية شرقا، الامرالذي سوف يكون من اهداف الرئيس بوتين في تغيير وجهة نظر الادارة الاميركية حول ذلك.

لا شك ان ما يجري في الجنوب السوري، وخاصة لناحية الضغوط الاردنية الرسمية على المسلحين للسير بالتسوية التي يعمل عليها ويرعاها الورس، يمكن اعتبارها مؤشراً جديا على اقتناع الاميركيين بالحل الروسي للجنوب السوري، والذي هو عمليا لا يتعارض مع انتشار وبسط سلطة الدولة السورية تباعا وبشكل غير منقوص على الجنوب.

ويبقى في ملف الحل السياسي في سوريا نقطة اساسية، تتعلق بالوجود المسلح الارهابي وغير الارهابي في ادلب وبعض المناطق شمال سوريا، وحيث ستكون مدار بحث ايضا بين الرئيسين، مع ربطها بالدور والنفوذ التركي، وامكانية تثبيت اتفاق خفض التصعيد الذي ترعاه روسيا وايران وتركيا، مع امكانية الحصول على دعم اميركي لهذا الاتفاق، بما يتضمنه من اقتراحات جدية للحل السياسي ومسار الاصلاحات والانتخابات.

ايضا، لا يمكن غض النظر عن القرار الاسرائيلي اللافت، والذي يتمحور حول المطالبة بعودة اتفاق فك الاشتباك مع الوحدات السورية الشرعية في الجولان المحتل، وبعودة القوات الدولية لمراقبة خط الهدنة وخط وقف النار ( الاندوف ) الى الجبهة الفاصلة مع الجولان المحتل، الامر الذي يؤشر ايضا الى رضوخ اسرائيلي لسلطة الدولة والجيش في سوريا .

من هنا ، جميع هذه المؤشرات الميدانية والسياسية والديبلوماسية التي تطبع المسار السوري، لا بدّ و ان تفرض نفسها على الاجتماع المرتقب بين الرئيس الاميركي ونظيره الروسي، ومن الطبيعي ان تكون، فيما لو تمّت مقاربتَها بطريقة منطقية وطبيعية، مدخلا لحل الازمة السورية.