Beirut weather 13.41 ° C
تاريخ النشر August 9, 2020
A A A
هل يشفي مؤتمر المانحين بيروت المفجوعة؟
الكاتب: سمير تويني - النهار

أعلن قصر الإليزيه أن مؤتمر المانحين المخصص لمساعدة لبنان عقب الانفجار المدمر الذي هدم نصف العاصمة بيروت والذي تنظمه باريس، بناء على اقتراح الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون بعد زيارته بيروت الخميس الماضي، بالتعاون مع الأمم المتحدة سينعقد أخيراً الأحد عند الساعة ١٢ بتوقيت غرينتش عبر الفيديو.
وسيتمحور حول العديد من المحاور ومن أهمها إعادة تأهيل المباني المتضررة ودعم النظام الصحي والنظام التربوي وتقديم المساعدات الغذائية.
وقد نجحت الديبلوماسية الفرنسية بعقده نهار الأحد كما كان متوقعاً بعد أن سرت شائعات مساء الجمعة عن تأجيله إلى الثلثاء أو الأربعاء نظراً إلى العدد الكبير من المشاركين وصعوبة تحديد موعد يتوافق عليه الجميع.
وسيسعى المؤتمر الذي ستشارك الأمم المتحدة مع باريس برعايته إلى الحصول على تعهدات المشاركين ومن بينهم الرئيس الأميركي دونالد ترامب والعديد من الدول العربية والأجنبية الداعمة للبنان ومنهم بالطبع أعضاء مجموعة الدعم الدولية للبنان.
ومن المتوقع أن يقرر المؤتمر كيفية توزيع هذه المساعدات الإنسانية بحيث يستفيد منها الشعب بشكل مباشر. وكان ماكرون قد زار بيروت نهار الخميس الماضي، ووعد الحشود الشعبية الغاضبة بأن المعونات التي ستخصص لإعادة بناء بيروت لن تسقط في “أيادٍ فاسدة”.
وكان الرئيس الأميركي قد أعلن في تغريدة صباح اليوم “أن المؤتمر سيجمع الرئيس ماكرون والمسؤولين اللبنانيين ومسؤولين من دول أخرى في العالم”. وكان الرئيس الفرنسي قد أجرى مع نظيره الأميركي محادثات هاتفية فور عودته من لبنان بشأن هذا المؤتمر وكيفية تأمين المساعدات اللازمة للبنان. ووضعه في صورة الاتصالات التي أجراها مع المسؤولين السياسيين واللاعبين السياسيين وممثلين عن المجتمع المدني، كما اعلمه بالاحتياجات الأساسية التي يحتاج إليها لبنان بأسرع وقت ممكن.
وستشارك المؤسسات الدولية والأوروبية في هذا المؤتمر المنظم خصيصاً من أجل تعبئة مساعدات إنسانية طارئة لسكان بيروت المتضررين من الانفجار وإلى المؤسسات الصحية والتربوية المتضررة من الانفجار، فالدعم الدولي لن يذهب “إلى الفاسدين” كما نوه الرئيس خلال زيارته لبنان.
ووفق مصدر ديبلوماسي، ستتمحور المساعدات حول الاحتياجات الغذائية والبنى التحتية المتضررة ومساعدات لإعادة ترميم المنازل المتضررة والمراكز العامة.
وتقول مصادر اقتصادية إن من المرجح أن يبلغ إجمالي خسائر انفجار ميناء بيروت المؤمن عليها لدى شركات التامين نحو ٣ مليارات دولار، وتسبب الانفجار بخسائر اقتصادية قيمتها ١٥ مليار دولار والكثير من هذه الخسائر غير مؤمنة.
فهل سينجح الرئيس الفرنسي بهذه المبادرة وتأمين المساعدات اللازمة في زمن وباء الكورونا الذي يضرب جميع الاقتصادات العالمية. وقد أعلن عند وصوله لبنان “أن لبنان ليس وحيداً” لمجابهة هذه الكارثة وعبر ماكرون خلال زيارته عن “تضامن الشعب الفرنسي وعلاقة الأخوة التي تربط البلدين”، وشدد على نيته تنظيم وصول هذه المساعدات الدولية فأعلن “سنكون بجانبكم لن نترككم”. وهناك إشارات إيجابية من جميع الدول التي استجابت سريعاً لطلب السلطات اللبنانية المساعدة.
الجميع يعلم أن لبنان أمام هذه الكارثة التي حلت به سيكون بحاجة إلى العديد من المساعدات، لكن يجب عدم الخلط بين المساعدات الإنسانية التي بدأت الدول إرسالها وهي مساعدات طبية وغذائية والمساعدات التي كانت تنتظرها السلطات اللبنانية، وهي وليدة مؤتمرات دولية كمؤتمر “سيدر”، فهذه المساعدات التي أضحت ضرورية أكثر من أي وقت مضى تنتظر الإصلاحات المرجوة من المجتمع الدولي منذ أكثر من سنتين وكان ماكرون واضحاً بهذا الشأن “يجب القيام بالإصلاحات الضرورية لأنها مطلب شعبي”. ولن نقدم إلى السلطات اللبنانية “شيك على بياض”.
بمعنى آخر إن الانفتاح الدولي الذي تتحدث عنه السلطات اللبنانية ليس انفتاحاً لتقديم المساعدات المالية المطلوبة وهي مرتبطة وما زالت باتفاق مع صندوق النقد الدولي.
وما يحصل اليوم في لبنان يتخطى الطبقة السياسية اللبنانية وطاقاتها لذلك يعود على السلطات اللبنانية الاستماع إلى صوت الحقيقة الذي أطلقه الرئيس ماكرون من بيروت وأن تتحول هذه الكارثة إلى انطلاقة جديدة ويعود كما قال “إلى وضع الخلافات جانباً” للخروج من المأزق السياسي والاقتصادي والمالي والاجتماعي.
ويعوّل على السلطات اللبنانية الاستفادة من هذه المبادرة ومساعدة الرئيس ماكرون على تنظيم المساعدة الدولية. فتستمع هذه السلطة إلى صوت الحقيقة ولتعيد ثقة الشعب بالدولة والثقة الدولية بلبنان.
لقد خسر اللبنانيون في الخريف الماضي مدخراتهم في البنوك اللبنانية وأصبحوا أسرى داخل وطنهم وخسروا في الرابع من آب منازلهم من جراء هذا الانفجار فهم اليوم بحاجة الى المساعدة قبل أن يخسروا حياتهم.