Beirut weather 20.3 ° C
تاريخ النشر May 4, 2017
A A A
هل يشعل صراع النفوذ الحرب بين السعودية والإمارات في اليمن؟
الكاتب: أحمد عبد الوهاب - سبوتنيك

لن تنتهي الصراعات في اليمن لعقود قادمة، لأن بذور الثأر والكراهية التي تمت زراعتها وريّها بدماء الشعب اليمني، ما زالت في طور النماء. نعم سالت الدماء من جديد وما زالت تجري في كل شبر من الأرض، الشمال يقاتل الجنوب، والأميركان يقاتلون القاعدة، والتحالف يقاتل أتباع أنصار الله وصالح، والدواعش ينتقلون من العراق وسوريا إلى موطنهم الجديد وفقاً للخطة الدولية.

الجميع يقاتل الجميع على أرض اليمن، والخاسر الأكبر هم اليمنيون شمالاً وجنوباً، فلم تحدث سابقة واحدة في التاريخ تقول إن دولة ما قامت بالقتال على أرض دولة أخرى وبذلت الغالي والرخيص لنصرة المستضعفين، المصالح والترتيبات هي التي تتحكم في كل التحركات، وللأسف الشديد “السياسة لا تخضع للقيم والمبادئ” والمصالح هي من تتحكم بها.

انقضى عامان منذ أن شرعت السعودية والإمارات وبعض الدول العربية في قتال “أنصار الله” باليمن، ولم تحقق تلك القوى الجبارة والتي تسيطر على سماء الشمال والجنوب أي نتائج تذكر، سوى مزيد من الخراب والدمار والدم وتحويل البلاد لمقبرة كبيرة وتأجيج الصراعات الطائفية والعرقية.

مع مرور الوقت وطوال فترة الاستنزاف، بدأت الفرقة والصراع الخفي يدب بين مكونات التحالف، خصوصاً بين المكونين الرئيسيين وهما السعودية والإمارات، كل طرف اتخذ منذ البداية موالين له وبشكل غير معلن، لتحقيق طموحاته في السيطرة على جزء من الكسب، يتصارع الكبار على أشلاء اليمنيين الجنوبيين على الأرض، ومن السماء تتراقص سدانات المدافع والقنابل والصواريخ على الرؤوس.

صراع وأزمات انفجرت في الكثير من الأوقات، وتسربت المعلومات التي تؤكدها، لكن سرعان ما تعمل آلة الإعلام الجهنمية لتكذب كل الوقائع، وتؤكد تماسك التحالف ومتانة العلاقة مع الجنوبيين، وهو ما تم تجسيده على الأرض في أحداث مطار عدن الشهرين الماضيين، لم يجنِ اليمنيون في الجنوب الكثير من تلك الحرب، بل ساءت حالتهم، ولم يكن للدعم السعودي أو الإماراتي الأثر الكبير على الأرض، فاض الكيل بالمحافظات فلجأت كل واحدة لمعالجة أمورها بالطريقة المناسبة لظروفها، ولم تعر العلاقة مع حكومة عدن اهتماماً، بل وضعت السيناريوهات المستقبلية، وبدأ المشاركون في التحالف كل منهم يستقطب المنطقة التي يرى أنها تحقق أهدافه.

وفي الأسابيع الأخيرة بدأ اللعب على المكشوف بين الرياض وحلفائها، بعد أن توغلت الإمارات بشكل غير مسبوق وبدأت تستحوذ على أكثر من نصف المحافظات الجنوبية، بل وزرعت الموالين لها في حكومة “هادي” المدعومة لوجستياً ومادياً وسياسياً من الرياض، هنا شعر السعوديين بالخطر، وقام هادي بعد مشاورات مع الرياض بإقالة “عيدروس” محافظ عدن والمعروف بولائه للإمارات وتعيين مستشاره عبد العزيز المفلحي محافظاً جديداً، وهو ما قوبل برفض من حضرموت وبعض المحافظات الأخرى، وأعلنوا الزحف نحو عدن نهاية هذا الأسبوع تضامناً مع المحافظ المقال.

المحافظ الجديد لم يتسلم مهام عمله في المدينة التي تملأها المشاكل الخدمية والصراعات السياسية، ولا يعلم أحد ما ستحمله الأيام القادمة، وهل ستشتعل حرب أهلية بين الفصائل الموالية للإمارات والموالية للرياض، وأن يحارب كل فصيل نيابة عن داعميه، الوضع متأزم بالفعل والصراع مشتد.

الحراك الجنوبي يرى أنه قدم الكثير من التضحيات والدماء منذ العام 1994 من أجل التحرر والاستقلال، ولم يجن شيئاً حتى الآن، ولذا لن يتنازل عن أي من مبادئه التي قام عليها، ولن يثنيه القمع أو السجن عن أهدافه، وفقاً لما قاله العميد علي السعدي، أحد مؤسسي الحراك، والذي أكد أن الأسس والمبادئ التي قام الحراك الجنوبي من أجلها لم ولن تتغير، وأن الجنوبيين لن يقبلوا أن تسلب حرياتهم مرة أخرى.

وفي نفس الإطار، ذهب السياسي والأكاديمي الجنوبي حسين لقور بن عيدان، مؤكداً أن “الحرب قامت تحت عنوان واحد، هو إسقاط “الانقلاب” ومنع التدخلات الإقليمية في الجنوب العربي، وكشفت هذه الحرب أن الصراع في صنعاء ليس وليد فقط “الانقلاب” وحده بل كان الشرارة التي أظهرت كل الصراعات وأسبابها، لذلك نحن لا نتحدث عن تقسيم بل عن حلول تنهي أسباب الصراع ومنها القضية الجنوبية، والتي يمثل جوهرها الأساسي، رفض أي وحدة بالقوة، وعليه فإن من حق الجنوبيين أن يستعيدوا وطنهم و يقيموا نظامهم السياسي الذي يناسب طموحاتهم”.

وأشار لقور، إلى أن “الحراك الجنوبي لم يكن وليد هذه الحرب، بل بدأت إرهاصاته بعد “احتلال الجنوب من قبل القوى اليمنية سنة 1994″، وناضل سلمياً لعشرات السنين ودفع ثمن غالي من شهداء وجرحى ومعتقلين، وطرد من العمل أغلب مناضلوه”.

كل تلك الأمور تشير إلى أن الصراع الداخلي بين الرئيس هادي وحكومته وبين قادة الحراك قادم لا محالة، ولن يتم تدارك هذا الأمر لأن القرار الداخلي لا يمتلكه طرف واحد بل أطراف متعددة، وهو الأمر الذي قد يحول الوضع في الجنوب مستقتبلاً إلى ساحة للحروب بالوكالة بدعم من قوى إقليمية لتحقيق مصالحها وتدمير البلاد.

هل ينتظر الجنوب العربي مصيراً أسود أم سيتغلب الجنوبيون بفعل ميراثهم الحضاري على تلك الأزمة، وينقذوا البلاد من المجهول؟
*