Beirut weather 20.41 ° C
تاريخ النشر May 17, 2023
A A A
هل وقع لبنان في فخ الترسيم؟
الكاتب: رضوان عقيل - النهار

هل وقع لبنان في فخ ترسيم الحدود البحرية مع اسرائيل في الجنوب؟ وما صحة ان واشنطن لم تعد تعطي الاهتمام المطلوب لهذا الملف الذي وصل الى أعلى زخمه قبيل التوقيع على الاحرف النهائية للاتفاق بواسطة الوسيط الاميركي آموس هوكشتاين قبل ايام من انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون؟ وهل ستضيع على لبنان فرصة استخراج كميات من النفط والغاز في المساحة التي تم تحديدها في حدوده البحرية؟

كل هذه الاسئلة تشغل المتابعين والغيارى على ثروة لبنان المنتظرة في البحر من جهة اسرائيل في وقت لم ترسّم الحدود البحرية النهائية بعد مع قبرص وسوريا، وفي وقت تنهمك فيه الحكومة بسيل من الازمات على انواعها وتغرق الكتل النيابية في بحر الشغور الرئاسي وعدم قدرتها على انتخاب رئيس للجمهورية وتأليف حكومة يجب ان يكون في مقدم بيانها الوزاري ملف النفط الذي يحتاج الى مزيد من المتابعة في ظل وجود “الحوت الاسرائيلي” الجاثم في البحر، والذي لم يتوانَ عن انتهاز اي فرصة لقضم حقوق لبنان عند دخول شركة “توتال” في عملية الانتاج واتمام اعمال التنقيب. وستحضر سفينة الحفر الى المساحات المتوقع الانتاج منها في أيلول المقبل. وكانت اسرائيل قد بدأت الانتاج من حقل “كاريش” وآبار اخرى، وانضمت بالفعل الى نادي الدول النفطية في المنطقة حيث استعدت حكوماتها المتعاقبة جيدا لانجاز هذا الملف على عكس الافرقاء في لبنان الذين لم يجمعوا على اهمية هذه الثروة وما زالوا تحت الامتحان. وتوضح مصادر مواكبة لهذا الملف ان الامور “شغالة” في مراحل الاستكشاف وقبل الوصول الى عملية الانتاج حيث يتم إعداد التحضيرات المطلوبة مع الاستمرار في تثبيت قواعدها، وان الفخ الاسرائيلي الذي قد يأتي على حساب لبنان وثروته هو عند البدء بالانتاج المنتظر حيث من المتوقع ان تعمد تل ابيب الى التدخل مع “توتال” اذا تبين ان الاكتشافات النفطية تجاوزت الخط 23 وهي تملك بالفعل “فيتو نفطيا”. وتضيف المصادر انه عند تحديد الكميات التي ستُنتج يخشى ان تعمل اسرائيل على إحداث عرقلة ما، لأن “توتال” لن تستطيع الاستمرار في الانتاج إلا بعد منح اسرائيل الحصة المالية المتفقة عليها بين الطرفين، وخصوصاً اذا تجاوزت مساحة الانتاج جنوب الخط 23 وتبيان نقاط مشتركة بين لبنان واسرائيل.

ولمن لا يعلم فإن تل أبيب التي تربطها علاقة جيدة مع القبارصة لم تمكنهم الى اليوم وعلى مدار 10 سنوات من التنقيب عن حصتهم في حقل “افروديت” وهم يملكون منه 95 في المئة و5 في المئة لإسرائيل. وعلى اللبنانيين هنا ان يضعوا هذه الواقعة في حساباتهم جيداً اذا أرادوا بالفعل حماية ثروتهم النفطية. ويقول وزير الطاقة وليد فياض لـ”النهار” ان ادارة “توتال” أخبرته ان منصتها ستبدأ العمل في اوائل ايلول المقبل وتحتاج الى نحو ثلاثة اشهر لحسم مسألة وجود غاز من عدمه قبل نهاية السنة الجارية، وان ما يتعلق بوزارته يجري القيام به ومتابعته.

من جهته، يعلق الخبير الاقتصادي والنفطي زياد ناصر الدين على هذا الملف بالقول: “ان لبنان تأخر 14 عاما في مقاربته ملف النفط وتنازل عن حقوقه من الحد الادنى المطلوب بعد تعرضه لسلسلة من الضغوط السياسية والاقتصادية بدءا من الحديث عن خط هوف الى النقطة التي تم الركون اليها في الاتفاق عند الخط 23. ويمكن اعتبار ملف النفط والغاز جزءاً من الاسباب التي أدت الى انهيار الواقع الاقتصادي في البلد بسبب عدم الخضوع لتلك الضغوط في ظل الاستخفاف بحقوق لبنان واضاعة الوقت والرهان باستمرار على الانقسام الداخلي فيه. وتبدأ المحطة الثانية بكسر الحظر عن التنقيب، مع الاشارة الى ان العقود مع النفط تبدأ عند استخراجه والغاز عند استكشافه”.

ويضيف: “بعدما ثبّت لبنان الخط 23 زائد البلوك 9، هناك مستجد جديد دخل على الملف هو الاتفاق الايراني – السعودي. وسواء قبلنا ام رفضنا، فإن سياسات لبنان ترتبط بواقع الاقليم والعالم. والمطلوب اليوم هو التوقف عند الرأي العام وان من حق اللبنانيين بعد كل هذه الازمة الاقتصادية خلق مساحة من الامل والثقة والاستفادة من هذه الثروة للاجيال المقبلة مع طرح سؤال: هل سنصل في ظل الفراغ الرئاسي الى الانهيار ويستفيد العدو الاسرائيلي من هذا الامر، وسيقول التاريخ ان تأخر لبنان في هذا الملف كان جراء الازمة السياسية وعدم حصول الانتخابات وتشكيل حكومة، وان اعتماد لبنان على سياسة الخوف سيكسب الاسرائيلي ويستفيد منه وان المطلوب عندنا الاعتماد على ثقافة القوة وتحريك الملف اقتصادياً واجتماعيا وحمايته في السياسة مع التذكير بوجود سياسيين كثيرين يقعون في سياسة الخوف هذه، ويصب هذا الامر في خدمة الاسرائيلي”.

ويرى ناصر الدين ان “من الضروري عدم الاستخفاف بهذا الملف، والمطلوب الانتباه، وأي تأخير من لبنان يعتبر عاملا سلبيا، وبالتالي فان كل الفترة الطويلة من التفاوض والقوة التي استُعملت في هذا الشأن لتثبيت القوة اللبنانية ولو في حدها الادنى تكون قد ذهبت من دون اي معنى اذا لم تحصل المراقبة الجدية على توتال ومواكبة هذا الملف وفتح المجال عند عرض البلوكات الجديدة وفق قوانين وعروض افضل لمصلحة الخزينة والشعب اللبناني”.