كتب مرسال الترس في “الجريدة”
منذ الاستقلال في العام 1943، غالباً ما كانت العلاقة بين رئاسة الجمهورية والسلطة التنفيذية المتمثلة برئاسة الحكومة، قبل الطائف وبعده، تمر بـ “بارومتر” مضطرب يتأثر بالمنخفضات السياسية والأمنية التي تهب على البلد الصغير بمساحته، والمتعدد بتنوعه الديموغرافي، فتنعكس على الأداء العام للدولة إيجاباً أو سلباً!
بالنسبة للإيجاب، إذا تجانس الطرفان، كما حصل على سبيل المثال لا الحصر بين الرئيس سليمان فرنجية ورئيس الحكومة أمين الحافظ في منتصف سبعينيات القرن الماضي، أو بين الرئيس أمين الجميل والرئيس شفيق الوزان في منتصف الثمانينيات، كان المغرضون يتهمون رئيس الحكومة بضعف الشخصية ويعملون على تفشيل الحكومات “أو فرطها” بأبسط السبل.
أما بالنسبة للسلبية فالأمثلة كثيرة، ويمكن أن تبدأ بين الرئيس فرنجية والرئيس الشهيد رشيد كرامي بعد بداية حرب السنتين، حيث كان الأول يأخذ برأي قائد الجيش آنذاك العماد اسكندر غانم بوجوب القضاء على التنظيمات الفلسطينية المسلحة في مهدها داخل المخيمات، كما حصل في الأردن وحملت تسمية “أيلول الأسود”، بينما كان الثاني يعارض خوفاً من إنقسام الجيش، مروراً بالعديد من الأمثلة، ووصولاً الى عهد الرئيس إميل لحود وتناحره مع الرئيس الشهيد رفيق الحريري، منذ تسلم الحكم في أواخر تسعينيات القرن الماضي وحتى استشهاده في العام 2005، حول أساليب الحكم ودور المقاومة في لبنان. والأمثلة تطول وتتفرع وتتمدد…
وها هو مشهد السلطة لبنان اليوم، وبعد “طوفان الأقصى” و”حرب الإسناد” وما خلفتا من شهداء وجرحى ودمار، أمام سيناريو قد يكون متقارباً:
فرئيس الجمهورية العماد جوزاف عون يشدّ باتجاه حوار مع “حزب الله” من أجل تسليم “سلاحه المتميز” والذي كان يخوّف به العدو الاسرائيلي. فيما هناك توجّس من أداء رئيس الحكومة نواف سلام لجهة تركيزه على وجوب إنجاز المهمة بأسرع وقت ممكن، مؤيداً النظرية التي تطرحها بعض الجهات اللبنانية الداعية لتحديد روزنامة سريعة ومحددة للتسليم. حتى أن كلام الرئيس سلام لا يقتصر به على الصالونات السياسية، بل يجاهر به من أعلى المنابر العربية والدولية، الأمر الذي دعا نائب الأمين العام لـ”حزب الله” الشيخ نعيم قاسم ورئيس كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب محمد رعد إلى عدم التعليق، ومن أمام قصر بعبدا بالتحديد، على ما يردده الرئيس سلام والاكتفاء بالإجابة “حتى لا نفسد في الود قضية”!
الواضح أنه مكتوب على جبين لبنان أن لا تلتقي الإرادات السياسية، حتى في أشد ظروف العواصف والتغيرات المناخية. وكُتِب له أن يتمسك بديمقراطية الحكم الحافلة بالتجاذبات، وأن لا يصل يوماً إلى مماثلة أنظمة حكم تنعم بالاستقرار والطمأنينة!