Beirut weather 19.41 ° C
تاريخ النشر April 11, 2023
A A A
هل هناك تقدّم نحو انجاز الإستحقاق الرئاسي؟
الكاتب: كمال ذبيان - الديار

في الاستحقاقات الرئاسية، لا سيما في العقدين الاخيرين، كان اسم رئيس «تيار المرده» سليمان فرنجيه، يطرح كمرشح لرئاسة الجمهورية، التي كاد ان يصل اليها في الدورة السابقة، لكن ظروفاً قاسية لا سيما الداخلية، تتعلق بترشيح حزب الله للعماد ميشال عون، ابعدت فرنجيه عن القصر الجمهوري.

وميزة فرنجيه، انه واقعي في السياسة، او ما يسمى بـ «البراغماتي»، فهو لا ينكر بانه من الاسماء المتداولة لرئاسة الجمهورية وهو يرغب بذلك، لكن ينظر الى الظروف اللبنانية والعربية والاقليمية والدولية التي تتحكم بانتخابات رئاسة الجمهورية في لبنان، وقد تأمنت له الكثير من الظروف في العام 2016، بتأييد داخلي له من كتل نيابية وازنة يرأسها كل من الرئيس نبيه بري والرئيس سعد الحريري ورئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط ونواب آخرين، واتصل به الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند داعماً، لكن عاكسه وعد الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، بان هذه الدورة هي للعماد عون، الذي يساويه فرنجيه ويكون مرشحاً بعده وهذا ما حصل، فسمى بري رئيس «تيار المرده»، الذي حظي بدعم حزب الله.

وفي هذا الاستحقاق الرئاسي، فان فرنجيه لم يغيّر من قناعته بان الظروف هي التي تساعده على ان يصبح رئيساً للجمهورية او لا يكون، لذلك هو تأخر في اعلان ترشيحه رسمياً، والذي غير ملزم دستورياً به، وان آخرين قد يرشحونه او يرشحون سواه، وهو ما حصل في الجلسات الـ 11 لانتخاب رئيس الجمهورية، اذ جرى ترشيح اسماء والاقتراع لها، دون علم المرشح احيانا، اذ تقول مصادر في «تيار المرده» بان رئيسه ليس مستعجلاً لترشيح نفسه قبل ان تنضج الطبخة الرئاسية، لانه يضع في احتمالاته ان يخرج من السباق الرئاسي في اللحظة الاخيرة، وهذا ما جرى مع المرحوم حميد فرنجيه عام 1952، اذ سماه بعض اقطاب المعارضة الذين تجمعوا في «الجبهة الوطنية الاشتراكية» التي فرضت الاستقالة على الرئيس بشارة الخوري، لكن تطورات حصلت داخل الجبهة وسمت كميل شمعون لرئاسة الجمهورية، الذي نال تأييدا بريطانيا ومن سوريا التي كان رئيسها اديب الشيشكلي.

من هنا، فان تريث فرنجيه باعلان ترشحه رسمياً، هو نتاج تجربة مرّ بها في الدورة السابقة، كما قرأ ما حصل مع مرشحين كانوا على مسافة قصيرة من رئاسة الجمهورية او «نام احدهم رئيساً، ليستفيق على حصول متغيرات فرضت اسماً غيره».

لذلك، فان فرنجيه هو مرشح الظروف، او يتم ترشيحه، ويُعتبر من الاسماء البارزة لرئاسة الجمهورية، ينافسه اسم آخر هو قائد الجيش العماد جوزاف عون، اضافة الى النائب ميشال معوض، الذي ما زال يلقى تأييد «القوات اللبنانية» و «الكتائب» ونواب مستقلين، الا ان المعلومات تشير الى ان فرنجيه يتقدم على الآخرين، وهو ما افصح عنه من رشحه بري، الذي اعلن ان 55 صوتاً تأمنت لفرنجيه، ولم يكشف عن الكتل النيابية او النواب الذين يؤيدونه خارج الثنائي، وقد سبق لعضو «كتلة التحرير والتنمية» النائب علي حسن خليل ان قال، بانه تجري عملية «بوانتاج لحصول فرنجيه على 65 صوتاً، اي حيازة النصف زائداً واحداً كما نص الدستور في الدورة الثانية، اذا تأمن لها النصاب الدستوري بـ 86 نائباً.

وبذلك يكون فرنجيه وصل الى «مستديرة الصياد» في الحازمية، ويلزمه عشرة نواب ليصبح في قصر بعبدا، وتجري اللقاءات والاتصالات للحصول عليهم، وفق ما تؤكد المعلومات، اذ ان العاملين لوصول رئيس «تيار المرده» يبدون متفائلين بان رئاسة الجمهورية لفرنجيه اصبحت في متناول اليد، وان لقاءاته في باريس مع مسؤولين فرنسيين لا سيما مع الموفد الفرنسي الى لبنان باتريك دوريل، كانت ايجابية ومريحة، حيث جرى استكشاف فرنجيه فرنسياً، وتوجهاته في الملفات الاساسية، لا سيما الاصلاحية منها، والتي يركز عليها الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون منذ اكثر من عامين، بعد ان وضع الملف اللبناني في عهدته، والذي يرى في لبنان، مصالح لفرنسا، سياسياً واقتصاديا.

ولا تتستر فرنسا على انها تنحاز الى فرنجيه، وترى فيه شخصاً منفتحاً على كل الاطياف الداخلية، حتى انه تصالح مع «القوات اللبنانية» التي كانت وراء مجزرة اهدن ومقتل عائلته، وهو من الاربعة الذين جلسوا على طاولة في بكركي برعاية البطريرك الماروني، واتفق الاقطاب الموارنة ميشال عون وامين الجميل وسليمان فرنجيه وسمير جعجع، انهم يؤيدون وصول احدهم الى رئاسة الجمهورية، فكان عون، وهذه المواصفات ما زالت قائمة، يقول مرجع قريب من بكركي، التي جمعت ليس النواب الموارنة، بل المسيحيين للاتفاق على مرشح رئاسي، لكن هذا لم يحصل، لان البطريرك اراد من «الرياضة الروحية» مراجعة ذاتية، وسأل النواب لماذا لا ينتخبون رئيسا للجمهورية؟ فرمى الكرة في ملعبهم، تاركاً لضميرهم المسيحي والوطني ان يستفيق لانقاذ لبنان من كوارثه وشعبه من عذاباته.

فزيارة فرنجيه الى باريس حملت اجواء ايجابية، وان «اللقاء الخماسي» ثم الاتفاق السعودي – الايراني، وبدء تنفيذه من خلال الاجتماع الذي جمع وزيري خارجية البلدين في بكين، واستعجال الدول لانتخاب رئيس للجمهورية، يشاركه رئيس حكومة على تحقيق اصلاحات، يؤشر الى ان تقدما بدأ يحرز نحو انجاز الاستحقاق الرئاسي.