Beirut weather 21.41 ° C
تاريخ النشر February 23, 2017
A A A
هل من فراغ جديد؟
الكاتب: الياس الديري - النهار

تعالوا نتصارح وسط هذه الهيزعة الجديدة: هل المطلوب “ضمناً” من التعقيدات المشهودة قانون انتخاب أم فراغ جديد في بداية عهد يراهن عليه العرب الغيارى على لبنان ودوره قبل اللبنانيّين أنفسهم؟
أما أنَّ الغاية تشعيل مشكلة سياسيّة تضيف شللاً فوق شلل، يجعل المراهنين على عودة لبنان يقطعون الأمل؟
لدى كل “الطبقات” في بلد الثماني عشرة طائفة مخاوف، وحذر شديد، وقلق ليس عليه من مزيد. حتى ناس المال والتجارات والمصانع لم يتردَّدوا في المجاهرة والمصارحة: البلد لا يحتمل حفلة فراغ جديد…
كان لبنان يشكِّل حالة خاصة، تركيبة نادرة ضمن هذه المنطقة. لقد جعله الجهلة والأنانيّون والمغرضون غارقاً في جروح الثورات والحروب والأزمات والفراغات منذ العام 1958 حتى اليوم… مع مرحلة مزدهرة ومميَّزة انتهت ذات أحد في بوسطة عين الرمانة. وتحديداً بعد ظهر 13 نيسان 1975.
من ذلك الأحد إلى هذا الخميس لم يعد لبنان الوطن الرسالة، ولا قطعة سماء، ولا لبنان الأخضر. انهدم. دُمِّرت كل المعالم التي كانت تشكِّل تميّزه وجاذبيّته…
ولكن، وعلى رغم كل ما تعرَّض له هذا اللبنان وما يتعرَّض له اليوم، تبقى الحالة اللبنانيّة الخاصة وسط المنطقة العربية “حالة مميَّزة” يعتبرها العرب بصورة عامة “ضرورة ملحَّة”. وهذا ما يشكِّل شيئاً من الأمل.
لا تمنعنا هذه “الحالة”، شاء البعض أم أبى، اقتنع أم رفض، من تذكير الجميع بأن لبنان التعدّدي هو بلد تفاهم وتوافق. بل أنه بلد اللاغالب واللامغلوب… ولا تستطيع فئة أن تستأثر به أو تضع يدها عليه أيّاً تكن الأسباب والوسائل.
لهذا اللبنان، في هذا المشرق، أصدقاء تشدّهم إليه تعدّديته، كما نظامه الذي يحاول بعضهم أن يدمِّره، كما فضاء الحريَّة وجذورها وجنودها. أصدقاء وأشقّاء.
غير أن ذلك كلّه، وكل ما تعرَّضت له “الصيغة الفريدة”، لا يمنع هذا الفريق أو ذاك من محاولة فرض القرارات، وفرض الرؤساء، وفرض الحكومات، وفرض القوانين، وربما فرض تأجيل الانتخابات النيابيّة على غرار الانتخابات الرئاسية.
الموازنة “الموقوفة” في سجن انفرادي منذ عشرة أعوام لن يكون مشوارها سهلاً، ولن تكون أكثر حظاً من قانون الانتخاب. والاصلاح والتغيير لن تتوافر لهما العوامل “الصالحة” على كل الصعد، وخصوصاً لجهة التسيُّب والفلتان وتحويل الدولة دكاناً.
من حق اللبنانيّين أن يفشّوا خلقهم بالنسبة إلى كل ما يجري، خصوصاً مع أو ضد قانون انتخابي يحاول كل فريق أن يكون قانونه ومطيّته.
إنّما ليتذكَّر الجميع دائماً أن لبنان بلد اللاغالب واللامغلوب.