Beirut weather 14.65 ° C
تاريخ النشر December 17, 2025
A A A
هل منعت أميركا حرباً إسرائيلية وشيكة؟
الكاتب: البناء

– لا يعترف الذين ملأوا لبنان بمواعيدهم الافتراضية عن حرب إسرائيلية قادمة لا محالة أنّهم كانوا أغبياء أو في أحسن أحوالهم منافقين، وهم يخترعون لنا كذبة ثانية ويقولون إن الحرب كانت وشيكة وإن أميركا منعتها، ولكنهم لا يقولون لنا لماذا هذا الحنان الأميركي المفاجئ؟
– أميركا هي مَن قالت إن لـ”إسرائيل” الحقّ بشنّ حرب ما لم يقُم لبنان بنزع سلاح المقاومة ولو أدّى ذلك إلى حرب أهلية، وهي مَن قالت إن حدود سايكس بيكو، يعني حدود دول المشرق أصبحت بلا قيمة وإن الأمن الإسرائيلي وحده مَن يرسم الحدود البديلة، وأميركا هي مَن قالت إنّها غير راضية عن أداء الدولة والجيش وقائده والرؤساء بلا استثناء وجماعة سفارتها من النواب تطاولوا على رئيس الجمهورية وقائد الجيش، فهل نصدّق حكاية الضغط الأميركي لمنع حرب وشيكة على لبنان لمجرد أن الحرب لم تتمّ ولا يبدو أنّها مع الخبرية الجديدة كانت سوف تتمّ أو أنّها سوف تتمّ؟
– الجواب سوف نجده في سورية، لأن أميركا رئيساً ووزراء ومبعوثين تُبدي إعجابها المتكرّر بالرئيس السوريّ في الحكم الجديد بخلاف موقفها من الرؤساء اللبنانيين، وتُبدي ثقتها بالتعاون مع جيشه بخلاف جيشنا، وفي سورية لا قضية مطروحة على الطاولة اسمها نزع سلاح وحصر سلاح، وأميركا لا ترى مشكلة بتعدّد السلاح خارج الدولة شمالاً وجنوباً ولا تراه انتقاصاً من مفهوم سيادة الدولة رغم أنه سلاح يمنع الدولة من الانتشار والتمدّد في مناطق سيطرته، ويستولي على موارد الدولة الاقتصادية ومؤسساتها الإدارية لمجرد أنه لا يزعج “إسرائيل”، وفي سورية ليس هناك من يتحدّث عن اشتراط الانسحاب من كامل أراضي سورية المحتلة، ويقبل غض النظر عن وجود أرض سورية محتلة تمّ ضمّها من الجانب الإسرائيلي وحصل الضمّ على تغطية أميركية، ولم يمنع ذلك قبول الحكم السوري الجديد بمفاوضات مباشرة وسياسية على أعلى المستويات، وهذه كلها مواصفات لا يستطيع لبنان بلوغها، ولا حتى أميركا يمكن أن تطلب منه مثلها، والضغط الأميركي المطلوب لوقف توغل القوات الإسرائيليّة في سورية مع هذه الاعتبارات لا يمكن مقارنته بـ الضغط اللازم لوقف قرار حرب على لبنان كانت أميركا تروّج لها، وتستهدف فصيلاً تصنفه أميركا إرهابياً، فهل يمكن لأحد أن يشرح للناس لماذا تضغط أميركا لوقف الحرب على لبنان، ولماذا ينجح الضغط بمنع حرب وشيكة، كما يقولون، ولم تضغط أميركا لوقف التوغل الإسرائيليّ المتمادي في سورية، وهذا أقلّ بكثير من وقف الحرب بالمواصفات والمعطيات التي تخص لبنان، وسورية بلد أكثر ملاءمة بكثير من لبنان، أو لماذا ضغطت ولم تنجح؟
– الجواب لأن حكاية الضغط كذبة كبيرة كما حكاية الحرب كذبة كبيرة، وما فات أصحاب الروايتين أن اللقاء المنتظر بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب ورئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو بعد أسبوعين ولم ينعقد بعد، ومثل هذه النقاشات الأميركية الإسرائيلية يجب أن تناقش في هذا الاجتماع، ثم ما هو تفسير اللهجة الجديدة بالحديث عن استحالة القضاء على المقاومة وعن الاحتواء بدلاً من المواجهة، وعن تجميد السلاح بدلاً من نزعه، وعن المبادرة المصريّة والمبادرة الفرنسيّة، أليست كلّها تعبيرات عن حقيقة أن الحديث عن الحرب كان جزءاً من خطة نزع السلاح التي فشلت؟
– ما يثير السخرية أن بعض السذج بلغوا في استغباء الناس مرتبة القول إن الحرب سقطت لأن سفيراً سابقاً التحق بلجنة مهمتها محصورة بمراقبة وقف النار؟!