Beirut weather 22.99 ° C
تاريخ النشر November 30, 2018
A A A
هل سيُعيد التاريخ الفرنسي نفسه؟
الكاتب: سعدى نعمه - موقع المرده

“ثورة ملونة” وعمليات كرّ وفرّ شهدتها ساحات الشانزليزيه الباريسية منذ ايام تخللها خضات وفوضى ومشاهد معارك وصدامات بين الشرطة والمتظاهرين تحت مسمى “احتجاجات السترات الصفراء”.
وقد احتدمت الصدامات ما دفع الشرطة الى اطلاق الغاز المسيل للدموع ومدافع المياه على آلاف المتظاهرين الذين حطموا مطاعم وواجهات متاجر احتجاجاً على فرض ضريبة على المحروقات.
امام هذا المشهد الفرنسي المحتدم، اشار المحلل السياسي الدكتور شارل رزق الله في حديث خاص لموقع “المرده” الى ان “الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون تجرأ علانية، في حضور جميع زملائه في اجتماع في باريس، على انتقاد نظيره الاميركي دونالد ترامب، وأعلن ضرورة إنشاء جيش أوروبي للحماية من الولايات المتحدة واستعادة السيادة الأوروبية وقد يكون ترامب الداعم لهذه الاحتجاجات”.

ولفت رزق الله الى ان “الإضطرابات التي تشهدها فرنسا اليوم، شبيهة بالاحتجاجات والتظاهرات الطلابية في العام 1968، التي كانت موجهة ضد الرئيس شارل ديغول، ما أدى في حينها إلى استقالته.
فبعد 33 عاماً على نهاية الحرب العالمية الثانية، عاشت فرنسا أزمة إقتصادية خطرة ( بطالة، ارتفاع في أسعار المواد الأساسية، شريحة كبيرة تتقاضى الحد الأدنى للأجور الذي لا يؤمن متطلبات العيش الكريم…)
وجد مؤسس الجمهورية الخامسة وباني فرنسا الحديثة، نفسه يواجه التظاهرات التي سببها التدهور الاقتصادي وانتشار البطالة، فالاضرابات شلت الاقتصاد الفرنسي في حينها لأسابيع عدة مع سقوطها قتلى وجرحى. ورغم نجاح الحكومية الديغولية في توقيع اتفاقات مع النقابات برفع الحد الأدنى للأجور بنسبة 53 في المئة، استمرت التظاهرات، مما دفع بالرئيس الفرنسي الى حل البرلمان”.
واوضح أنه “جرت  انتخابات نيابية في حزيران 1968، ففاز اليمين بأكثرية المقاعد. وفي نيسان 1969، حاول ديغول أن يخرج من الأزمة، فدعا إلى استفتاء حول إصلاحات عدة،وتعهد بالاستقالة اذا لم يأتِ الاستفتاء لصالحه.
وبالفعل استقال ديغول بعدما صوت أكثر من 52 في المئة ضد الإصلاحات أما ايمانويل ماكرون، إبن الأربعين عاماً، والذي لم يخض كديغول تجارب سياسية، انفجرت في وجهه أزمة شبيهة بأزمة 1968 ومما زاد في طين الأزمة بلة، أن ماكرون المصر على تحديث الاقتصاد الفرنسي، وتحقيق ما فشل غيره في تحقيقه، أقدمت حكومته على زيادة سعر الوقود وفرض رسوم إضافية عليها. كما أن الشعب ثار على الحكومة بسبب الإجراءات التي نالت من القدرة الشرائية بدل تحسينها، مما جعل شعبيته تتراجع كثيراً. ومن المعروف أن أكثر من ثلثي الشعب الفرنسي يدعم تظاهرات الإحتجاج، وأكثر من نصف مؤيدي ماكرون يتعاطفون مع الحركة. وهذا يشير إلى انخفاض واضح في شعبية الرئيس الشاب”.
واضاف رزق الله: “بالرغم من إعلان الحكومة زيادة المساعدات، فالغضب مستمر في الشوارع، والتصعيد الشعبي يتفاقم، لاسيما بعد تمسك الحكومة بقرار زيادة الضرائب على المحروقات، مما يرجح أن الحكومة عاجزة عن إيجاد حلول ترضي الشعب.
المحتجون الذين يتظاهرون بدافع إقتصادي، يتهمون الحكومة بأنها لا تقيم وزنا للعدالة”.
ورأى رزق الله أنه “من خلال مراقبة الأحداث، فان المتظاهرين يقودون أنفسهم بأنفسهم، فلا سلطة لحزب أو نقابة عليهم، وهذا يعرقل الحوار الذي يؤدي إلى حلول تنهي الأزمة
وأظن أن التاريخ يعيد نفسه، فالشارع الذي أطاح بديغول في العام 1968، سيرغم ماكرون “ربما” كي لا نجزم على الإستقالة.

وبعد خمسين عاماً على نهاية الحرب العالمية الأولى، حيث اندلعت في فرنسا أزمة 1968. وبعد مرور خمسين عاماً
على تلك الازمة اندلعت ازمة 2018″.

والسؤال الى اين ستقود فرنسا هذه الاحتجاجات واي تداعيات قد تترتب عنها؟ لاسيما ان مجموعتين تابعتين لتنظيم داعش المتشدد نشرتا ملصقات تحرض فيها “الذئاب المنفردة” على استغلال احتجاجات “السترات الصفراء” وتنفيذ هجمات ضد المدنيين.