Beirut weather 20.41 ° C
تاريخ النشر July 2, 2016
A A A
هل سيقبل الاسد بوقف القصف للفصائل السورية المعتدلة ؟
الكاتب: رأي اليوم

تنسيق اميركي روسي مشترك بضم “جبهة النصرة” الى جانب “الدولة الاسلامية” في الحرب على الارهاب.. فهل تؤدي تفجيرات مطار اسطنبول الى انضمام تركيا الى هذا التنسيق؟ وهل سيقبل الاسد بوقف القصف للفصائل السورية المعتدلة المدعومة اميركيا؟
*
تتحدث تقارير اخبارية نشرتها صحف ووكالات انباء عالمية من بينها وكالة “رويترز″ عن خطة تبحثها الادارة الاميركية حاليا مع روسيا لتنسيق مواقف البلدين لخوض حرب ضد “جبهة النصرة” و”الدولة الاسلامية” معا، مقابل قيام السلطات الروسية بإقناع الرئيس السوري بشار الاسد بوقف هجمات جيشه على “المعارضة المعتدلة”.

قصف طائرات روسية وسورية لمواقع تابعة لما يسمى بالفصائل المعتدلة، اثار خلافات عميقة بين الجانبين الاميركي والروسي في الايام الاخيرة، حتى ان جون كيري وزير الخارجية الاميركي ابدى غضبه من هذا القصف الذي اعتبره انتهاكا لوقف اطلاق النار، ودفعه الى التهديد بلجوء حكومته الى الخطة “ب” في سورية اي التدخل العسكري المباشر.

الرد الروسي على هذه الاتهامات الاميركية تلخص في القول بأنه من الصعب التفريق بين “جبهة النصرة” المدرجة على قائمة الارهاب، وبين الفصائل الاخرى بسبب وجود تحالفات بين الطرفين اولا، والتداخل الجغرافي بين المواقع التي تسيطر عليها هذه الفصائل مع تلك الخاضعة لسيطرة “جبهة النصرة”.

القيادة الروسية تعتبر “جبهة النصرة” المدعومة من بعض الدول العربية مثل قطر والسعودية تنظيما “ارهابيا” خارج اي اتفاق لوقف اطلاق النار، بينما يعتبر النظام السوري كل فصائل المعارضة المسلحة، بما في ذلك “جبهة النصرة”، تنظيمات ارهابية، يجب قتالها دون تردد.

في مقابلته الاخيرة التي نشرت امس مع محطة تلفزيون “اس بي اس″ الاسترالية، اكد الرئيس بشار الاسد ان الوزراء الذين انشقوا عن الحكومة السورية فعلوا ذلك بضغط من السعودية وفي بعض الاحيان من فرنسا، وقال انه لا يمكن التوصل الى حل للازمة في سورية دون محاربة الارهاب، مشيرا الى ان “الدول التي تدعم الارهابيين مثل قطر وتركيا والسعودية لا تريد التوقف عن ارسال جميع انواع الدعم لاولئك الارهابيين”.

عودة العلاقات الروسية التركية الى طبيعتها مجددا، واللقاء الذي تم اليوم (الجمعة) بين سيرغي لافروف وزير خارجية روسيا مع نظيره التركي مولود جاويش اوغلو في سوتشي، ربما يغير الكثير من المعادلات في الملف السوري، وميادين القتال خاصة.

الوزير لافروف قال ان البلدين “قررا اعادة اطلاق مجموعة العمل حول مكافحة الارهاب التي كانت مجمدة منذ تشرين الثاني الماضي وان الاتصالات العسكرية ستزداد عمقا”.

التفجيرات الارهابية التي ضربت صناعة السياحة التركية وكان اخرها الذي استهدف مطار اتاتورك في اسطنبول، ربما يؤدي الى حدوث تغيير جذري في موقف السلطات التركية، ليس تجاه الفصائل الاسلامية المتشددة مثل “النصرة” و”الدولة الاسلامية” من حيث الانخراط في الحرب ضدها، وانما التقارب مع النظام السوري نفسه ايضا، عبر البوابة الروسية.

من الواضح ان تفجيرات اسطنبول هذه، هي احدث حلقات الحرب التي تعلنها “الدولة الاسلامية” ضد تركيا، التي تتهمها بالانحياز الى المعسكر الامريكي والتراجع عن مواقفها الداعمة لاي جهد يرمي لاطاحة النظام السوري، مما يعني ان هذه التفجيرات قد تتصاعد في المرحلة المقبلة وتزداد خطورة، وبما تتمدد الى المنتجعات السياحية التركية في الساحل الجنوبي الاكثر جذبا للسياح الاوروبيين.

الادارة الاميركية كانت تتردد في شن حرب ضد “جبهة النصرة” لصالح اعطاء الاولوية لاجتثاث “الدولة الاسلامية” وتجنبا لاغضاب دول عربية، وتركيا الداعمة لها، ولكن يبدو ان هذه الوضعية تتآكل حاليا، في ظل المقايضة الروسية الاميركية القديمة المتجددة، التي يتم الترويج لها حاليا، ولعل ترحيب الرئيس الاسد في مقابلة مع المحطة التلفزيونية الاسترالية يعكس هذا التنسيق الاميركي الروسي في هذا المضمار، مثلما يعكس التغيير في الموقف الاميركي لمصلحة ضم الاسد الى هذا التنسيق.

وضع “جبهة النصرة” في سلة واحدة مع “الدولة الاسلامية”، من قبل الاميركيين والروس، ودون اي معارضة تركية، وموافقة رسمية سورية مبطنة، ربما يغير قواعد اللعبة كليا على الصعيدين السياسي والعسكري في سورية، وتقدم الحل العسكري على الحلول السياسية، والتعايش مع الرئيس الاسد وحكومته في المستقبل المنظور على الاقل، ولهذا ليس من قبيل الصدفة ان يتوقف السيد عادل الجبير وزير الخارجية السعودي عن تكرار مقولته الشهيره عن رحيل الاسد اثناء زيارتيه الاخيرتين، لكل من الولايات المتحدة وفرنسا، في معية الملك السعودي غير المتوج محمد بن سلمان، ولي ولي العهد، ووزير، الدفاع ورئيس المجلس الاقتصادي الاعلى.