Beirut weather 20.21 ° C
تاريخ النشر February 4, 2017
A A A
هل دخل العرب مرحلة سلام جديدة مع واشنطن؟
الكاتب: وليد عوض - الأفكار

نزل الرئيس الأميركي الجديد دونالد ترامب الى الميدان بثوب المحارب. جلس الى طاولته في المكتب البيضاوي داخل البيت الأبيض وأمسك بقلمه، ودائماً وهو بربطة العنق الحمراء المصنوعة في الصين، ضمن برنامج (أميركا أولاً)، ووقع على قرارات تمنع رعايا مسلمين في سبع دول من دخول مطارات الولايات المتحدة، وهي من العراق وسوريا وإيران والسودان وليبيا واليمن والصومال، لمدة أربعة أشهر بحجة انه التدبير الذي يساعد على حماية المواطنين الأميركيين من الهجمات الارهابية، واعتبر هذا التدبير مؤقتاً.

وحدهم المسلمون السوريون منعوا في قرار الرئيس ترامب من دخول الولايات المتحدة الى أجل غير مسمى.

من هذه البلدان السبع تستوقفنا تلك التي نحن على علاقات اقتصادية معها، وهي سوريا والعراق والسودان واليمن والصومال. ويعني ذلك منع الرئيس السوداني الفريق عمر البشير، الملاحق من قبل المحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب في اقليم دارفور. وسد طرقات المطارات الأميركية أمام رئيس مجلس الحكم الليبي فايز السراج بسبب أحداث ليبيا، ورئيس جمهورية إيران حسن روحاني، والرئيس السوري بشار الأسد والرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، وكلهم مسلمون ويوحدون الله ويؤمنون بنبيه. فكيف ستتعامل هذه الدول السبع مع ادارة ترامب الجديدة؟! وكيف ستنقذ رعاياها من حصار المطارات الأميركية لمجرد ورود كلمة (مسلم) على جوازات سفرهم؟!

ما من شك في أن مباحثات بعيدة عن الأضواء تجري في الكواليس للفصل بين المسؤولين في هذه الدول السبع، والادارة الأميركية الجديدة التي لم يقع اختيارها بعد على وزير الخارجية الذي سيخلف جون كيري الذي تشبه سياسته سياسة الحاج حسين العويني رئيس الوزراء الراحل المعروفة بسياسة (الهيك وهيك). فوجود وزير خارجية يخفف من كمية المشاكل المنقولة الى المكتب البيضاوي في البيت الأبيض. وقبل أن يتعرف العالم الى شخصية وزير الخارجية الجديد الذي يذكّر العالم بهنري كيسنجر، لن تكون الحلول في متناول ادارة البيت الأبيض. فمن هو المنقذ الآتي؟!

سابقة الملك سلمان!
لأول وهلة يبدو ان العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز لا يلم تماماً بشخصية الرئيس الأميركي الجديد الجمهوري دونالد ترامب برغم حذاقة المستشارين، ويستعين لقراءة شخصيته بالوسطاء، خصوصاً وأن ترامب رجل أعمال وصاحب شركات للمواد المستوردة، ولاسيما المأكولات الغذائية، ولكنه لم يجالسه حتى يدخل في رأسه ويتعرف الى طريقة تفكيره، وما درى ما إذا كان ترامب يفكر على طريقة دوايت أيزنهاور أو جيمي كارتر أو بيل كلينتون أو باراك أوباما على أقل تقدير. هل هو مع العرب كحليف؟! هل هو مع خارطة الطريق للحل الفلسطيني ــ الاسرائيلي كما يقترح طوني بلير وزير خارجية انكلترا الأسبق؟! ايضاحات لا بد من تقديمها للجالس في المكتب البيضاوي أمام الرئيس دونالد ترامب.

ولئن كان أوباما قد استولى على عقل رئيس وزراء اسرائيل بنيامين نتانياهو زائره في الأسبوع المقبل، وصار يوجهه تماماً كما يريد، ولو بطريق لعبة تحت الطاولة ولعبة فوقها، وما كان يريده أوباما ينفذه رئيس حكومة اسرائيل نتانياهو. وما كان جورج بوش الأب يريده مع إسحق شامير في مؤتمر مدريد عام 1996، وجيمي كارتر من الرئيس المصري أنور السادات في اتفاقية كامب دايفيد عام 1979، كان لا بد أن يخرج الى النور. فهل يتكرر المشهد، ولو بطريقة مختلفة بين دونالد ترامب والعاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز؟!

كل ما يكتنف المشهد الآن بين الملك سلمان بن عبد العزيز ودونالد ترامب ان الأول سابق حكام العالم مجتمعين في أعقاب الانتخاب الرئاسي الجمهوري يوم الجمعة 8 كانون الثاني الماضي بتهنئة الرئيس ترامب بزعامة البيت الأبيض، لم يسأل ما إذا كانت هذه التهنئة سترتد سلباً على العلاقات العربية ــ الأميركية. كانت هذه التهنئة قفزة في الهواء، لكنها تحولت الى سابقة ايجابية بين الرياض وواشنطن. فقد تلقى الملك سلمان من الرئيس الأميركي يوم الجمعة الماضي اتصالاً هاتفياً توافق فيه الرجلان على تأييد إقامة مناطق آمنة في الشمال السوري والشمال اليمني، وعلى ضرورة التطبيق الصارم للاتفاق النووي الإيراني. والمناطق الآمنة اقتراح سبق أن طرحه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.

وجاء الاتصال التليفوني بين ترامب والملك سلمان قاعدة اتفاق على ضرورة التصدي للأنشطة الإيرانية التي تزعزع السلام في منطقة الشرق الأوسط ومحاربة الاسلام المتطرف الذي يتبرأ منه الدين الحنيف. ويأتي هذا الاتصال في وقت يخضع فيه كتاب الرئيس دونالد ترامب في البيت الأبيض للتنفيذ الفوري. لا أسابيع ولا أشهر للتنفيذ بل خير البر عاجله. وإذا كان هناك من وسيط لتطويق أزمة المهاجرين والمهاجرات في المطارات الأميركية، فهو الملك سلمان والدور السعودي. ولا مخرج خارج هذا الإطار.

خط واشنطن ــ الرياض
وحسب وكالة رويترز استغرق الاتصال التليفوني بين سيد الخليج وسيد البيت الأبيض أكثر من ساعة من الزمن، وتم الاتفاق خلال الاتصال على مستقبل العلاقات بين البلدين، ومن ذلك تعزيز مشاركة البلدين على نحو واسع في محاربة الارهاب والتطرف وتمويل هذه الحرب، بكل ما توفر من وسائل. وهكذا تخوض المملكة السعودية حربين: حرب ائتلاف دولي في اليمن ضد الحوثيين وحليفهم الرئيس السابق علي عبد الله صالح، والحرب ضد الارهاب من اليمن الى مملكة البحرين، الى العراق ، وسوريا ولبنان.

الخط الموصول بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب والملك سلمان كان بداية الحماية للعلاقات الأميركية ــ السعودية، ونستذكر لقاء الملك عبد العزيز آل سعود باني المملكة ورائدها عام 1945 مع الرئيس الأميركي فرانكلين روزفلت على ظهر الباخرة في قناة السويس، وفتح باب لأفضل العلاقات بين البلدين.

من ذلك الزمان، والبلدان في أرقى العلاقات، ولعل أهمها مبادرة الملك فيصل عاهل السعودية الى قطع النفط عن الغرب عام 1973، وإجبار عساكر اسرائيل على الانسحاب من صحراء سيناء عام 1967. والمبادرة الثانية وقادها الملك عبد الله بن عبد العزيز يوم كان ولياً للعهد عام 1989، وقدم الى اللبنانيين أهم هدية تاريخية وهي اتفاق الطائف الذي أنهى الحرب في لبنان وأدخل المنطقة في مرحلة سلام وصولاً الى انتخاب الرئيس ميشال عون عام 2016.

هل تشتتت العاصفة؟!
بالطبع لا. فما زال العرب أمام أقدار صعبة وعواصف، ولاسيما العواصف الرعدية السياسية، والعرب في حاجة الى مزيد من التكاتف والتلاقي حتى يواجهوا القدر الآتي.
وأول ما يتوجب في هذا المجال تظليل لبنان بكل أنواع الحماية، ودعم الرئيس ميشال عون بعد زيارتيه للمملكة السعودية ودولة قطر. وبلد قوي مثل لبنان أفضل إعلام للمنطقة اقليمياً ودولياً.
والأنظار الآن مصوبة الى مؤتمر جنيف 3 يوم 20 شباط الجاري.
وكلنا تحت ألطاف القدر!