Beirut weather 14.1 ° C
تاريخ النشر April 8, 2021
A A A
هل حان أوان اللجوء الى احتياطي الذهب؟
الكاتب: ذو الفقار قبيسي - اللواء

مع أزمة الكورونا، وتقلص احتياطيات مصرف لبنان النقدية، وازدياد الحاجة الى استيراد المواد المعيشية، والأجهزة والمعدات والمواد الطبية، يعود الحديث الآن عن احتمال اللجوء الى الاحتياطيات الذهبية، لا سيما إذا تعرقلت المفاوضات في ملف «اليوروبوندز» مع الدائنين الأجانب، أو اقتصرت الاتصالات مع صندوق النقد الدولي على مجرد المشورة التقنية والإدارية بدون القروض المالية.

والملفت انه قبل الأزمات والتطورات الراهنة، كان مجرد الحديث عن استخدام الذهب، «هرطقة» اقتصادية، تسيء الى سمعة لبنان المالية والثقة العالمية بعملته الوطنية. أما الآن، مع اشتداد الأزمة المالية والصحية، بات الحديث عن استخدام الذهب في بيعه أو رهنه، يثار في كل مناسبة. وسط اعتبار البعض ان الأزمة النقدية والمالية الراهنة سوف قد لا تصل بالضرورة الى علاج «الكي بالمعدن الأصفر»!

خصوصاً ان الاحتياطيات الذهبية لم تعد وحدها العامل الرئيسي في التقييم المالي والاقتصادي لأي دولة، وذلك منذ أن فصلت الولايات المتحدة في عهد الرئيس نيكسون الدولار عن الذهب وأطلقت «رصاصة الرحمة» على اتفاقية «بريتون وودز» الجامعة بين الاثنين في رباط وثيق، ودخلت بعدها في تقييم أي عملة عوامل أخرى منها قوة الاقتصاد، وحجم الناتج الاجمالي، والثروات الطبيعية والموارد التصديرية والخدماتية والسياحية التي كان يرد الى لبنان منها قبل محنته الاقتصادية ما يغنيه حتى عن مجرد الحديث عن استخدام الذهب أو بيعه أو رهنه.

والدليل انه حتى في ذروة حرب الـ١5 عاما جرى «تحييد» الذهب عن السياسة والسياسيين ومنع استخدامه بأي شكل من الاشكال وذلك بموجب القانون ٤٢ الذي أقرّه مجلس النواب العام ١٩٨٦، واستمر لبنان بعده وما يزال، الدولة العربية الثانية بعد المملكة العربية السعودية، والدولة الـ١٨ بين ٩٦ دولة، في حجم احتياطي الذهب الذي بلغ في لبنان ١٠ ملايين و١٦ ألف و٥٧٢ أونصة في 286,6 طنا تجمعت منذ الاستقلال وعلى مدى ٧٧ عاما، قبل أن ينتقل ٧٥% منها الى مخزن «فورتنوكس» في ولاية «كانتاكي» الأميركية، (مع جزء ربما في سويسرا؟) والباقي في مصرف لبنان.

والسؤال الآن، هل يمكن للبنان استرداد كل احتياطه الذهبي أو حتى جزء منه من الولايات المتحدة؟

هنا تتباين الآراء فهناك من يعتبر ان الولايات المتحدة غير الراضية عن توجهات لبنان السياسية، قد تستخدم العجز المعلن من قبل الدولة اللبنانية عن دفع ديونها، والتصنيفات الدولية المتدنية لأوضاع لبنان المالية والاقتصادية، كذريعة للتريث في الموافقة على طلب لبنان استرداد الذهب بعيداً عن الاحتمالات القضائية، لا سيما إذا لم تتوصل الدولة اللبنانية الى تسويات أو أي ترتيبات لجدولة أو إعادة هيكلة لسندات «اليوروبوندز».

وهذه الذريعة الأميركية المحتملة شبيهة باجراءات الحجز الاحتياطي التي تبدأ عادة قبل البدء بالمقاضاة أو لدى الطعن في انتقال ملكية ما من فريق الى فريق آخر في حال اثبات وجود تعثر مالي لدى الفريق الأول الأصلي بعد اجراء عملية نقل الملكية. وهذا الطعن قد يحصل قبل المقاضاة، فكيف إذا حصلت الآن من قبل الدائنين الأجانب ضد الدولة اللبنانية التي ينصحها المستشارون الحاليون بأحد الحلّين: اما أن تسارع الى استرداد الذهب من «الخزان» الأميركي قبل حصول اعتراضات أو مقاضاة تعرقل هذا الاسترداد لأسباب قانونية أو ربما سياسية أو مالية من جانب الولايات المتحدة، أو أن تواجه أي مقاضاة من قبل الدائنين الأجانب بالتأكيد على أن مصرف لبنان، وليس الدولة اللبنانية، هو المالك الوحيد للذهب المسجل باسمه لدى الولايات المتحدة بما يفشل أي محاولة لاحتجازه أو وضع حجز احتياطي عليه مقابل الديون المستحقة على الدولة وليس على مصرف لبنان المالك الوحيد للذهب.

علما ان الولايات المتحدة سبق ان امتنعت عن إعادة أجزاء من الذهب لدول عدة، وتحت ذرائع وأسباب متعددة، منها ألمانيا وهولندا وتركيا وفنزويلا.

احتياطيات الذهب بالأطنان

الهند 560      روسيا 1909
هولندا 612      فرنسا 2436
اليابان 765      ايطاليا 2451
سويسرا 1040       المانيا 3371
الصين 1842        أميركا 8133

علماً ان لبنان هو الدولة 19 بين 96 دولة في احتياطي الذهب.

 

احتياطي الذهب في البلاد العربية بالأطنان

السعودية 322     لبنان 286
الجزائر 173      ليبيا 143
الكويت 79       مصر 75
المغرب 22      الأردن 12
قطر 12          تونس 6
البحرين 4           اليمن 1

علما أنه إذا احتسبنا نسبة احتياطي الذهب الى مجموع الاحتياطيات النقدية والذهبية في هذه البلدان فإن لبنان احتل المركز الأول في اللائحة. حيث بلغ مخزون الذهب لديه حوالي 50% من مجموع احتياطياته الاجمالية من العملات والذهب، ويليه مصر التي يشكّل مخزون الذهب لديها 24% من مجموع احتياطياتها الاجمالية.