Beirut weather 23.41 ° C
تاريخ النشر December 17, 2020
A A A
هل تُستكمل التحقيقات بعد الإدعاءات والرسائل لتشمل الجميع أم تتوقّف ويتمّ تجميد تشكيل الحكومة؟!
الكاتب: دوللي بشعلاني - الديار

أعادت مسألة تسييس وتطييف القضاء فيما يتعلّق بالتحقيق بقضية انفجار (أو تفجير) مرفأ بيروت في 4 آب الفائت، فضلاً عن «حرب البيانات» التي تلتها، الشرخ بين رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس المكلّف سعد الحريري الى سابق عهده بعد فرط عقد التسوية الرئاسية في تشرين الأول من العام الماضي. فيما كان الشعب اللبناني ينتظر أن يتمّ التوافق بين عون والحريري بعد تكليفه تشكيل الحكومة بهدف أن تُبصر النور كعيدية للبنان واللبنانيين بمناسبة عيدي الميلاد ورأس السنة.

فادعاءات قاضي التحقيق العدلي فادي صوّان على رئيس حكومة تصريف الأعمال الحالي حسّان دياب قد طاله دون سواه من رؤساء الحكومات السابقين، على ما ترى مصادر سياسية مطّلعة، كونه الحلقة الأضعف في الطائفة السنيّة. فيما رؤساء الحكومات السابقين المعنيين مباشرة بحادثة سفينة «أم في روسوس» من نجيب ميقاتي (الذي حصلت الحادثة والمراسلات خلال رئاسته للحكومة في العام 2013) الى تمّام سلام (الذي جرى أثناء تولّيه رئاسة الحكومة نقل حمولة الـ 2750 طنّاً من نيترات الأمونيوم الى العنبر رقم 12 بين تموز 2014 وتشرين الأول 2015) وصولاً الى سعد الحريري الذي خلفهما وكان مثلهما على علم بخطورة المواد التي حوتها السفينة وجرى تفريغها في مرفأ بيروت، لم يتمّ اتهامهم بالإسم كونهم يحظون بغطاء سياسي، رغم أنّهم لم يُحرّكوا ساكناً، ويُمكن اتهامهم بالإهمال والتقصير والإخلال في واجباتهم الوظيفية.

وأضافت المصادر، بأنّه من غير المنطقي أن يتمّ اتهام الرئيس دياب (الذي لقي تعاطفاً شعبياً معه قبل تعاطف رؤساء الحكومات السابقين وتضامنهم معه رغم أنّه كانوا رافضين لترؤسه الحكومة الحالية) من دون أي وزير من حكومته، وعدم اتهام أي من الرؤساء السابقين في الوقت الذي اتهم فيه 3 وزراء سابقين. لكنّها أوضحت بأنّ لائحة استدعاءات صوّان طويلة تتضمّن 13 إسماً بينهم كلّ من المذكورين لكنّه تحاشى ذكرهم في الكتاب الذي أرسله لمجلس النوّاب، وجرى اختصارهم بالأسماء الأربعة، على أن يجري لاحقاً اتهام الرؤساء السابقين والوزراء الآخرين. ولا يُعلم حتى الآن إذا ما كان سيُتابع ادّعاءاته هذه لا سيما يعد أن أرسلت هيئة مكتب مجلس النوّاب رسالة له في هذا الشأن وتنتظر الردّ عليها.

علماً بأنّ هيئة المجلس قد حدّدت جلسة تشريعية يوم الإثنين المقبل في 21 كانون الأول الجاري لمناقشة ومقاربة إدّعاءات صوّان التي أطلقها وتُطالبه بتقديم المستندات التي أوجبت الإتهام . كما ستعمل على البتّ بعشرة بنود وبمشاريع واقتراحات قوانين عاجلة مكرّرة منها إقتراح قانون يشمل الإعفاءات الجمركية على رسوم الميكانيك، وتجديد العقد مع كهرباء زحلة، وتجديد إتفاقية الشراكة مع بريطانيا بعد البريكست أي خروجها من الإتحاد الأوروبي، وحماية النساء وسائر أفراد العائلة من العنف الأسري.

وتساءلت المصادر، إذا ما كانت الإدعاءات والإستدعاءات التي لم تصل بشكل رسمي الى المعنيين، على ما قال خليل، ولهذا رفضوا المثول أمام القاضي العدلي باستثناء الوزير فنيانوس، من شأنها أن تجعل حكومة الحريري المنتظرة في «خبر كان»، وتؤدّي الى إقفال ملف التحقيقات بدلاً من الوصول الى حقيقة انفجار المرفأ. في الوقت الذي كان يؤمل فيه الإستمرار في إخراج التشكيلة التي قدّمها الحريري للرئيس عون الذي عرض عليه اقتراحاً مقابلها، وذلك قبل موعد زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الثالثة للبنان في 22 و23 كانون الأول الجاري.

في الوقت نفسه، يقول مصدر قضائي بأنّ تسييس القضاء يضرب ما تبقّى من مصداقيته، رغم أن وزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الأعمال محمد فهمي أعلن في وقت سابق أنّ 95% من القضاة في لبنان فاسدون. ونجد بأنّ القضاء يُستخدم منذ عقود في الخلافات السياسية ويجري تسييسه لخدمة هذا الفريق أو ذاك، ما يجب أن يستدعي المطالبة العاجلة بإصلاح القضاء وفصله عن السياسة والسياسيين.

فلا يُمكن بالتالي، بحسب رأي المصدر القضائي، أن تشمل الإتهامات كلّ الطوائف والأحزاب، ولا أن تتخذ الإدعاءات طابع الخلفيات السياسية والكيديات المتعلّقة بتشكيل الحكومة، لأنّ ذلك من شأنه إضاعة التحقيق وحرفه عن معرفة الحقيقة. وإذا كان المتهمين في الوقت نفسه من طائفة واحدة، فلا يعني ذلك بأنّ هذه الطائفة هي المعنية بالإتهام بل الأشخاص أنفسهم. تبقى أيضاً قضية الخلاف السياسي والقضائي على مواد الدستور 40 و70 و71 و80 والتي يجب وضع حدّ نهائي لها من قبل المشرّعين، فضلاً عن قيام كلّ طرف بمهامه وصلاحياته بحسب ما ينصّ عليه الدستور والأصول القانونية.

من هنا، يحبّذ المصدر القضائي أن يُصار الى الإستماع الى كلّ المعنيين من سابقين وحاليين الى أي طائفة أو فريق سياسي انتموا من دون أن يكون هناك «خيمة» فوق رأس أيِ كان بهدف تحديد المسؤوليات وتبيان الحقيقة. ولا بدّ من استكمال مسار التحقيقات لاستعادة ثقة المواطنين ولا سيما أهالي وعائلات الضحايا الذين يُطالبون بكشف الحقيقة، ومعرفة من هم الذين تسبّبوا بوقوع هذه الكارثة التي أودت بحياة أشخاص أبرياء.