Beirut weather 17.99 ° C
تاريخ النشر December 15, 2024
A A A
هل تستطيع “إسرائيل” اقتلاع جذور “حزب الله”؟
الكاتب: مرسال الترس

كتب مرسال الترس في “الجريدة”:

صحيح أن العدو الاسرائيلي قد نجح الأسبوع الماضي، أو على الأقل استفاد جداً، من انقلاب المشهد رأساً على عقب في أهم محور من دول “الممانعة”، ألا وهو العاصمة السورية التي ستكون قريباً على لائحة التطبيع مع تل أبيب، كما ألمح رئيس “إدارة العمليات العسكرية” التي ترأست السلطة في سوريا أحمد الشرع المعروف بـ “أبو محمد الجولاني”.
لكن المتابعين يجمعون على أن نتائج الحرب الاسرائيلية على لبنان في العام 2024، تختلف كلياً عن كل الحروب التي شنّها هذا الكيان على هذه الأرض التي شهدت منذ الآف السنين العديد العديد من الغزوات والحروب والصراعات، وبأشكال وشعوب وجيوش مختلفة، حتى باتت بالنسبة للمؤرخين وكأنها محور هذه الكرة الأرضية، وبالتالي فأعين الجميع عليها!
فاذا كانت الحروب على هذه الأرض في الأزمنة القديمة، من منطلق اعتبارها نقطة فصل وعبور بين الممالك والأمبرطوريات، حيث الغرب المتمثل في مصر الفراعنة والشرق الممتد من بلاد ما بين النهرين وبلاد الحثيين (تركيا الحالية) الى أراضي البلطيق وما بعدها أو على هوامشها، فإنها تحولت في القرن العشرين إلى حروب للإلغاء بدأها المستوطنون اليهود على أرض فلسطين ضد شعب متجذر في أرضه، وظهرت تداعياتها بوضوح في ما أقترفه جيش الاحتلال في قطاع غزة وما يزال من تدمير وإبادة لشعب من أجل إقتلاعه من أرضه، وربما لاحقاً سينسحب ذلك على الضفة الغربية، وكل المؤشرات توحي بذلك، تمهيداً لرسم الخرائط الجديدة للمنطقة، كما أبلغ بذلك الأمم المتحدة رئيس كيان العدو بنيامين نتنياهو من على منبرها!
ولأن ذلك قد نجح بنسبة كبيرة، بالرغم من عدم القدرة على “قطع نسل” حركة “حماس” أو إعادة المخطوفين، فإن جيش الاحتلال استطمع في تنفيذ هذه السياسة في لبنان لجهة محاولة اقتلاع جذور “حزب الله”، مستعيداً بالذاكرة ما فعله العام 1982 بمنظمة التحرير الفلسطينية التي لم تكن من أهل الأرض كما هي الحال مع الحزب المتجذر في تراب “جبل عامل” الذي كان أساساً في نشر التشيّع باتجاه العديد من مناطق الشرق الأوسط والخليج وما بعده.
إذاً، الثابت والواضح، أن الفرق كبير جداً بين التنظيمين، فمنظمة التحرير خرجت بالسفن إلى تونس بعكس ما ظهر جلياً في معارك مارون الراس وبنت جبيل عام 2006، والخيام وجوارها في العام 2024. ولذلك عمد الفكر اليهودي الإلغائي، متضامناً مع التوجهات التركية التي لم تنزع من فكرها الصورة التوسعية، إلى ترتيب واقع جديد لعله يحقق في شمال شرق لبنان ما عجز عنه الاسرائيلي عبر الجنوب. متناسياً أن مقولة إلغاء شعب لآخر لم تنجح على مر الحروب والمجازر في التاريخ، وإلاّ لكانت المانيا النازية قد أنهت أصول الشعب اليهودي!