Beirut weather 17.99 ° C
تاريخ النشر December 2, 2019
A A A
هل تؤشّر قرارات اجتماع بعبدا إلى أن التكليف ليس قريباً؟
الكاتب: فرج عبجي - النهار

لا شك في أن ما جرى بحثه في اجتماع بعبدا المالي الأخير هدف إلى معالجة الأوضاع الاقتصادية والمالية المتأزمة، وكان الحديث أو النقاش على درجة عالية من الدقة، خصوصاً لجهة الصراحة التي استُخدمت في توصيف الوضع الاقتصادي كما هو على مرارته، بعيداً من حالة المماطلة التي تُستخدم في ملف التكليف والتأليف. والمسؤولية الكبرى في هذا الاجتماع أُلقيت على كاهل حاكم مصرف لبنان رياض سلامة نظراً الى قدرته على اتخاذ القرارات من دون أي إعاقة لاستقلاليته في القرارات المالية. لكنّ هامش القرارات التي من شأنها التعامل بجدية مع الوضع الاقتصادي الحالي ضيق جداً، وهذا ما يؤكد ضرورة الإسراع في تشكيل سلطة تنفيذية قادرة على اتخاذ القرارات المصيرية في أزمة صعبة كهذه.
“ليس بإمكاني أن أقوم بكل شيء”
لكن استناداً الى مصدر وزاري مطلع، فـإن “حاكم مصرف لبنان لم يتهرب من تحمّل المسؤولية”، إنما في الوقت عينه قال: “ليس بإمكاني أن أقوم بكل شيء. هناك أمور يجب أن تقوم بها الحكومة”. بمعنى آخر، ان ثمة قرارات مصيرية وضرورية لا يمكن أن يتحملها بمفرده، ما يعني أن الوضع بات في حاجة، أكثر من اي وقت مضى، إلى حكومة جديدة تتمتع بثقة الجميع، وقادرة على وضع خطة متكاملة لإخراج البلاد من الحالة التي تتخبط فيها. وأضاف المصدر أن “الوضع لا يمكن أن يستمر على الشكل الحالي، أي التعامل مع كل مشكلة بالقطعة، وإيجاد حلّ لأي مشكلة مستجدة أو طارئة، بل نحن بأمسّ الحاجة إلى خطة شاملة، وما طُرح في الاجتماع هو أمور مالية ومصرفية يمكن أن يعالجها حاكم مصرف لبنان نظراً الى الآلية المستقلة التي تعطيه القدرة على التنفيذ”.
الإصرار على تفعيل تصريف الأعمال
من جهة أخرى، استغرب المصدر ما قاله وزير الدولة لشؤون رئاسة الجمهورية سليم جريصاتي من حيث مطالبته “بضرورة تفعيل عمل حكومة تصريف الاعمال بطريقة أكبر ومنظمة أكثر”، من دون معارضة رئيس الجمهورية، فاعتبر أن هذا الطلب “يؤشر بالشكل الى أن مدة التكليف والتأليف”، بحسب رأي جريصاتي، “قد تطول والبلاد تحتاج إلى من يهتمّ بشؤون الناس الضرورية. أما في المضمون، فهذا الكلام يؤكد أن طرح اسم سمير الخطيب لم ينضج بما فيه الكفاية، وأن أسهم الحريري أو بالأحرى قدرته على تعطيل أي عملية تكليف لشخصية سنّية من دون موافقته، قوية جداً”. وهذا يؤكد أن مسألة تشكيل الحكومة لم توضع بعد على نار حامية، كما لمَّحت معظم المصادر التي تدور في فلك رئاسة الجمهورية و”التيار الوطني الحر” من جهة، وكل من كان يروّج أن الحريري كان العائق الاكبر أمام التكليف، خصوصاً أن اعلانه الاعتكاف عن ترؤس الحكومة لم يسهّل ولادة الحكومة الجديدة، ما يؤكد أن المشكلة في مكان آخر وليست لدى الحريري. والموقف الأخير للنائب محمد رعد عن ضرورة تشكيل حكومة تمثل الجميع، يشير الى أن “التكليف والتأليف لم يجهزا بعد، وأن المفاوضات جارية”.
على صعيد القرارات التي اتخذت في الاجتماع، فإن معظمها يصبّ في قبضة مصرف لبنان ويضع الكرة في ملعبه. وأكد المصدر أن “سلسلة قرارات اتخذت بناء على اقتراح من الرئيس ميشال عون، لتخفيف الضغط الاقتصادي على المواطنين، وتعزيز الثقة بالنظام الاقتصادي والمصرفي المعتمد في لبنان. هذه القرارات سيُصدر حاكم مصرف لبنان بشأنها تعاميم تترجم التدابير الجديدة مع بداية الاسبوع، وبالتنسيق مع جمعية المصارف”.
وأوضح أن “من أبرز القرارات المتخذة، خفض معدلات الفوائد الدائنة والمدينة بما يوازي 50 في المئة، ما ينعكس إيجابياً على الدورة الاقتصادية، ويخفّف الكلفة على المقترضين، كما يخفض الكلفة على الدين العام. وسيضع حاكم مصرف لبنان الآلية اللازمة لهذه التخفيضات، مع ضوابط للهوامش بين الفوائد الدائنة والمدينة”.
وأضاف: “من القرارات أيضاً، العمل على إصدار قانون يقضي بزيادة قيمة ضمان الودائع من 5 ملايين ليرة لبنانية إلى 75 مليوناً لكل وديعة، لتمكين مؤسسة ضمان الودائع من القيام بدورها عند الضرورة”.
كذلك، ذَكّر الحاكم سلامة بضرورة “التشدّد في تطبيق تعميم مصرف لبنان لزيادة رسملة المصارف ملياري دولار قبل نهاية العام، ومليارين آخرين في النصف الاول من 2020، وضخّ هذه السيولة يساعد كثيراً في إنعاش السوق”.
ومنعاً لأي استنسابية في عملية التحويلات المالية وخدمات المصارف للمودعين، قرر المجتمعون “وضع معايير موحدة بين جميع المصارف كي تكون خدمة المودع هي نفسها في أي مصرف”. وفي موضوع حماية الودائع، أكد المصدر أن “هناك شبه إجماع على حماية الودائع، وأن الـHAIRCUT غير واردة إطلاقاً، وهذا ما عاد وشدد عليه حاكم مصرف لبنان”.