Beirut weather 22.41 ° C
تاريخ النشر December 5, 2018
A A A
هل السلسلة سبب أزمة المدارس؟
الكاتب: ابراهيم حيدر - النهار

أكثر ما يقلق هو طريقة تفكير القيمين على المدارس الخاصة ومقاربتهم لأزماتها. نتحدث عن اتحاد المؤسسات التربوية الخاصة ومكوناتها التي لا ترى في المشكلات التي تعانيها اليوم إلا ما أحدثه قانون سلسلة والرواتب 46 على وضعها، لجهة الاعباء التي تصفها بالكارثية، فتحجز بدل الدرجات الست عن المعلمين، وترفع الأقساط لسد العجز، وتحمّل الأهالي أعباء إضافية على رغم الأوضاع الحياتية الصعبة التي يمر بها البلد. حتى أن المدارس الخاصة تخوض معركة إلغاء القانون أو على الأقل الغاء بنود منه، وتحاول إقناع عدد من النواب لتقديم اقتراح قانون يلغي مفاعيل السلسلة على القطاع الخاص، متماهية مع بعض الهيئات الاقتصادية التي تسعى إلى نسف القانون برمته وحتى ضرب نظام التقاعد وتقدماته بحجة الأزمة الاقتصادية.

أياً تكن الأسباب التي تدفع المدارس الخاصة إلى العمل لإلغاء مواد من القانون أو حتى إلغائه اذا سمح الأمر، وهي تعلم أن الإلغاء يحتاج إلى قانون، فإنها تدفع الامور إلى أزمة هي أشد من وجود القانون ذاته، علماً أنه صادر عن مجلس النواب ومنشور في الجريدة الرسمية. وهذه الأزمة قد تحمل معها بوادر انفجار اجتماعي، باعتبار أن السلسلة تحققت مكاسب للمعلمين في القطاعين ولسائر الموظفين والأسلاك العسكرية في القطاع العام، فأن تلغي هذا المكسب الذي أقر بعد أكثر من 5 سنوات على المطالبة به، يعني أن تدفع الامور إلى مواجهة جديدة، لا يستطيع البلد تحمل نتائجها، وكذلك مجلس النواب المشرع للقانون، وهو أمر يحتاج إلى الهدوء ومقاربة المشكلات من زوايا أخرى، وليس تحويل الأزمة إلى صراع مع المستفيدين من السلسلة الذين باتوا يعيشون على الأساس الجديد.

لا أحد يشك في أن السلسلة أحدثت تداعيات على بنية القطاع التعليمي الخاص، لكنها لا تختصر الأزمة كلها. نعرف أن الدولة رمت بإقرار القانون 46 أثقالاً على المدارس الخاصة، من دون أن ترسم خريطة طريق للتمويل، بخلاف ما جرى مع القطاع العام الذي أمنت له التمويل، وإن كان قاصراً ولم يطل قطاعات معينة، ولا اقتحمت الدولة كهوف الفساد والهدر، أما أن يتحالف اتحاد المؤسسات التربوية الخاصة مع بعض الأصوات التي تريد نسف التقدمات بأكملها، فذلك يعني القضاء على العلاقة مع المعلمين والأهل أيضاً، وضرب المكتسبات، وعدم تحمل أي تكلفة أو أعباء، إلا من جيوب أهالي التلامذة.

لا تستطيع المدارس الخاصة الهروب من الأزمة، ولا تحميل السلسلة وحدها تداعياتها، وهي تعرف أنها تعاني أزمات في بنيتها، إذ كيف تتوسع مثلاً وتفتح مدارس جديدة في مناطق بلا دراسات جدوى ولا تحديد لمعيار الرسالة أو قياس الخسائر والأرباح. أما أن يكون فتح المدارس هدفه الربح، فتلك مشكلة أكبر خصوصاً لدى المؤسسات الكبرى.

السلسة لن تلغى… ابحثوا عن أصل الأزمة وعالجوها؟