Beirut weather 15.77 ° C
تاريخ النشر December 2, 2016
A A A
هكذا تحوّل داعش أكبر عدو للسنّة في الشرق الأوسط
الكاتب: ايليا ج مغناير - الراي

أقرّ البرلمان العراقي أخيراً، وبغالبية 228 نائباً من كل الطوائف والمكوّنات العراقية قانون هيئة «الحشد الشعبي» استناداً الى أحكام البند الأول من المادة 61 والبند الثالث من المادة 73 من الدستور تحت الرقم 91 ليُعدّ («الحشد») جزءاً من القوات المسلحة العراقية – شبيهاً بفرق مكافحة الارهاب – ويرتبط بالقائد العام للقوات المسلحة، اي رئيس الوزراء حيدر العبادي، حالياً. ويؤكد القرار في بنده الخامس ان «الحشد ومنتسبيه يفكّ ارتباطه عن كافة الأطر السياسية والحزبية والاجتماعية ولا يُسمح بالعمل السياسي في صفوفه».

أما الاسباب الموجبة فهي «دفاعاً عن الدولة العراقية من هجمات«الدواعش» (الدولة الاسلامية) وكل مَن يعادي العراق ونظامه الجديد… وحفظ السلاح بيد القوات المسلّحة وتحت القانون».

وبدأ هذا المسار عندما احتلّ تنظيم «داعش» الموصل وشمال العراق في منتصف العام 2014، اذ دعا المرجع الديني الشيعي في النجف السيد علي السيستاني الشعب ليحمل السلاح ويتوجّه لقتال «داعش» ووقْف تقدمه بموجب فتوى «الجهاد الكفائي» (اي الى حين يكتمل العدد المطلوب لهذا العمل بالتحديد) وخصوصاً بعدما أعلن التنظيم حربه على كل البلدان المحيطة بالعراق لتقوم «دولة الخلافة» على جثث المسلمين من كل الطوائف وعلى كل مَن خالفه في الرأي.

ولم تصوّت لمصلحة قانون الحشد كتلتان هما كتلة الاكراد التابعة لمسعود بارزاني وكتلة اسامة النجيفي، لأنهما المعنيان مباشرة برفض «الحشد الشعبي» لمشروعهما المنادي بفيديرالية العراق لمكوّن كردي وآخر في الأنبار وصلاح الدين على غرار المشروع الاميركي السابق.

%d9%87%d9%83%d8%b0%d8%a7-%d8%aa%d8%ad%d9%88%d9%91%d9%84-%d8%af%d8%a7%d8%b9%d8%b4-%d8%a3%d9%83%d8%a8%d8%b1-%d8%b9%d8%af%d9%88-%d9%84%d9%84%d8%b3%d9%86%d9%91%d8%a9-%d9%81%d9%8a-%d8%a7%d9%84%d8%b4%d8%b1

 

اذاً، لولا «داعش» لما كان هناك «حشد شعبي». ولولا «داعش» لما هوجمت مناطق السنّة التي تتواجد فيها معاقل «داعش» مثل الحمدانية وتلعفر وسنجار والموصل والبعاج وحترا والشرقاط وبيجي وطوز وتكريت والدور وسامراء وبلد والقائم والفلوجة وحديثة وهيت والرمادي وراوه والحلة وابو غريب وجرف الصخر.

وفي هذه المناطق التي شهدت حروباً ضروس دُمّرت الأرزاق والمزارع والممتلكات وزُهقت الارواح واحتُلت المدن، وكلها مناطق عراقية كان يسكنها السنّة جنباً الى جنب مع الطوائف الاخرى بسلام. وتحت عنوان داعش «الدفاع عن السنّة» أُرجع السنّة، ودفع السنّة الأثمان الباهظة، وهذ ان دلّ على شيء فهو يخالف كل التوقعات الغربية التي تنبئ خطأ بعودة «داعش». فمن المؤكد ان هذا التنظيم الدموي لن يجد بيئة حاضنة بعد اليوم في أي مدينة كانت مهما كان حاكم العراق، ظالماً ام منصفاً، لان التجربة السيئة التي مرّ بها العراقيون تسمح بالمقارنة بين التنظيم الارهابي والمؤسسات العراقية وسياستها مع الجمهور.

وبفضل «داعش»، أصبح الانتماء الى «التيار السلفي» (اي السلف الصالح) جريمة في نظر الغرب الذي لا يميّز بين الخط التكفيري الالغائي وخط الدين الاسلامي على اختلاف مذاهبه. وبفضل «داعش»، ارتفعت الأصوات في فرنسا وأميركا وفي بريطانيا وفي العالم ضد الإسلام ودخلت الاسلاموفوبيا نفقاً مظلماً أصبح معه مَن يتغنى بها يصعد الى سدة الحكم. ومَن يرِد طرْد المسلمين او منع دخولهم الى بلاد الغرب يصبح رئيساً او قاب قوسين من كرسي الرئاسة.

وبفضل «داعش»، تَشجع الأميركيون على إصدار قانون «جاستا» الذي يحاكم البلدان على أفعال مواطنيهم، ويوجّه اللوم الى دول الخليج لدعمهم «الجهاديين» في اي مكان في العالم لتصبح الحسابات المصرفية تحت المجهر الاميركي. وبفضل «داعش» أيضاً، اجتمعت الدول لتحارب على ارض الشام التي يمثّل السنّة أكثر من 70 في المئة من سكانها، لتصل كلفة الدمار في الابنية والبنى التحتية الى اكثر من 200 مليار دولار ويُقتل مئات الآلاف من المدنيين والمتحاربين.

وتحت عنوان محاربة «داعش»، دخل «حزب الله» اللبناني الى سورية ودخلت ايران علناً الى ارض المعركة وكذلك تركيا وحضرت روسيا بإمكانات عسكرية ضخمة،فيما أنشأت اميركا مطاراً في سورية ودفعت بقوات خاصة لها، وكذلك الأمر بالنسبة للوحدات الخاصة البريطانية والفرنسية في الشمال السوري.

وبفضل «داعش»، أصبح تفحص موقع الكتروني يحوي مواد عن التنظيم يعرّض الشباب للسجن والمساءلة القانونية خوفاً من «الذئاب المنفردة» التي تضرب المجتمعات العربية والغربية وتعليم الشباب طرق القتل المتعددة.

وبفضل «داعش»، انهارت الموازنات وصُرفت أموال طائلة لمحاربة التنظيم وستُصرف اموال طائلة لإعادة إعمار البنى التحتية والمنازل المهدَّمة وآثار الحروب، الا ان ليس من السهل إعادة إعمار النفوس التي مزقتها أفعال هذا التنظيم وتشريده العائلات وسبي النساء حتى المتزوجات منهن، حتى انه لم يترك عملاً يسيء للاسلام وسمعتِه إلا وجاهر به، ليُطلب من المسلمين في العالم – بعد كل عمل ارهابي – الاعتذار عما فعله تنظيمٌ يفتك بالمسلمين يومياً ويقتل منهم بقدر ما يقتل من غير المسلمين سنوياً.