Beirut weather 17.41 ° C
تاريخ النشر December 2, 2020
A A A
هـــل أُقفل بـــاب الـمزايدات فـــي التدقيق الـجنائــي؟
الكاتب: هيام عيد - الديار

يجزم وزير سابق وخبير قانوني، بأن ما من كتلة نيابية وافقت على قرار التدقيق الجنائي في كل مؤسّسات الدولة ستكون قادرة في المرحلة المقبلة، على العودة عن قرارها مهما كانت الظروف، بصرف النظر عن أن الإلتزام كان معنوياً وأخلاقياً أمام الرأي العام. فالحسم وإقفال باب المزايدات السياسية، هو ما تحقّق أخيراً على هذا الصعيد، ولكن يكشف المصدر نفسه، أن القرارالنيابي بمفرده، وكما صدر، لن يحل المشكلة المطروحة في التدقيق المالي، كونه توصية لا تشمل من الناحية القانونية سوى إدارات الدولة ومؤسساتها، فيما تبرز إشكالية بالنسبة للمؤسسات الأخرى. ويوضح في هذا الإطار، أنه من الناحية القانونية، فإن طبيعة هذا القرار القانونية غير واضحة، خصوصاً لجهة إمكانية الطعن به كونه قراراً وليس قانوناً، وبالتالي، لا يجوز أن يكون القرار أعلى رتبة من القانون، مع العلم أنه لا يوجد «قرار» في المجلس النيابي بل «قانون».
ومن شأن هذه الإشكالية أن تطرح العديد من الأسئلة حول الطبيعة القانونية للقرار النيابي، حيث أن تفاصيله وآلياته غير موجودة، وهو يُخضع المصرف المركزي والوزارات والمؤسسات العامة والإدارات والمصالح المستقلة والصناديق والمجالس للتدقيق الجنائي، ولكنه لم يحدّد آلية تنفيذية، وبالتالي، من الضروري الحديث عن الإشكالات التي سوف تنشأ لاحقاً، لا سيما على مستوى كيفية تعاطي القضاء مع هذا الإستحقاق، وذلك بالنسبة للتعارض بين القرار والقانون، لأن عدم إصدار قانون بالتدقيق الجنائي يعني من الناحية العملية، وبالأحرى القانونية، أن القرار غير ملزم من حيث التطبيق، وبالتالي، فهو قرار مبدئي.

ويؤكد المصدر الوزاري السابق، أن الأمور ليست بهذه البساطة، ذلك أن كل الأفرقاء السياسيين وافقوا على التدقيق الجنائي في الحسابات العامة، ولكن عملية تعطيل هذا القرار قد تبقى مستمرة انطلاقاً من الصعوبة التي تقف أمام تنفيذه. وفي هذا المجال، فإن مسار ومصير التدقيق الجنائي سيتحدّد في الأيام القليلة المقبلة، وذلك بعد حسم الجدال الجديد الذي يتناول عملية نسف عقد التدقيق مع شركة «ألفاريز ومارسل»، وذلك بعيداً عن كل ما يجري من تصفية حسابات، لأن المطلوب هو تحديد المسؤولية عن الإنفاق، وإعطاء الأجوبة على عشرات الأسئلة المطروحة حول الحساب العام، وليس مواصلة السير في استراتيجية الإصطفاف السياسي والإنتقائية في الإجراءات على المستوى المالي.

ومن هنا، فإن كل ما تم إنجازه يرتدي طابع الإلتزام المعنوي، بعدما وضعت رسالة رئيس الجمهورية ميشال عون، مجلس النواب أولاً، والقوى السياسية على مختلف مشاربها ثانياً، أمام مسؤولياتها المباشرة مع الشارع، الذي لا يريد سوى رفع السرّية عن الحسابات التي أدّت إلى هدر أموال المودعين، وإلى الإنهيار المالي الخطير الذي وصل إليه الشعب اللبناني. ولذلك، يتركّز البحث اليوم حول سبل استعادة التفاوض مع شركة التدقيق التي فسخت العقد، أو الذهاب إلى التفاوض مع شركة جديدة، وبالتالي، فإن ملف التدقيق برمّته ينتظر اتفاقاً جديداً قبل البدء بأي حديث أو خطوات أو إجراءات قانونية وقضائية متعلّقة بالتدقيق الجنائي المطروح.