Beirut weather 19.41 ° C
تاريخ النشر April 16, 2021
A A A
هذه جمهورية الفساد مستر هيل!
الكاتب: راجح خوري - النهار

لا يكتشف ديفيد هيل وكيل وزارة الخارجية الاميركية شيئاً جديداً، بعد محادثاته امس مع الرئيس ميشال عون، عندما يقول ان سوء الإدارة في لبنان أدى الى الأحوال المتردية، وان الشعب اللبناني يعاني لأن القادة والمسؤولين فشلوا في معالجة المشاكل الاقتصادية، وهذه ليست المرة الأولى يقول هذا الكلام، وهو العارف ضمناً ان هؤلاء القادة لم يفشلوا في المعالجة، لأنهم هم عقدة المشاكل الاقتصادية والسياسية والأمنية، التي باتت تهدد مصير هذا البلد وتدفعه الى الانهيار وحتى الى جهنم كما قال عون مباشرة، ليسمع شعب لبنان العظيم!
ما قاله هيل امس، سبق له ان كرره في كل زيارة قام بها الى بيروت، وكذلك فعل ديفيد شنكر، وهو ايضاً ما انتهى إليه سامح شكري وحسام زكي بعد زيارتيهما الى بيروت في محاولة واضحة للتوكيد على هوية لبنان العربية واهتمام العالم العربي بمد يد العون والدعم الى هذا البلد، عندما يقرر ان يبدأ الخروج من مستنقع الوحل والفساد والسرقات!
ليس من الضروري ان نتذكر طبعاً تصريحات وزير الخارجية الفرنسي جان – إيف لودريان عن إصرار المنظومة السياسية على سرقة البلد وتدميره نهائياً، وهي تصريحات قاربت الإهانة غالباً، لكن لا حياة لمن تنادي، ولهذا فمن العبث المراهنة على أي محاولة للخروج من نفق الموت الذي يدفعون لبنان إليه، ومن العبث طبعاً المراهنة على أي اعجوبة، يمكن ان تؤدي الى تشكيل “حكومة مهمة إصلاحية”، من خارج هذه المنظومة السياسية المهترئة والمعفنة، تكون قادرة على البدء بقلب هذه الصفحة السوداء من تاريخ لبنان.
وليس من المبالغة القول ان أي محاولة او وساطة تتجاوز فصول هذا الشريط المخجل من التراشق بالإتهامات والإهانات حتى على المستوى الرئاسي، توصلاً الى تشكيل حكومة جديدة، وفق دفاتر شروط مسبقة لضمان حصص التعطيل، سواء على قاعدة الثلث الواضح او النصف المزعوم، انما تشكل بعد كل هذه الحقبة السوداء، إهانة لكرامة الشعب اللبناني، قبل كرامة الذين سيجلسون في مقاعد أصحاب المعالي، فالشعب بعد كل هذه المآسي والكوارث التي اوصلته دولة الفساد إليها، يعرف جيداً ان الذين صنعوا الكارثة لا يجلبون الإنقاذ!
فعن أي إدارة سيئة يتحدث هيل وهو يعرف جيداً انه هنا في قعر جمهورية الفساد الفاحش، كما يعرف كل الذين حاولوا مد يد المساعدة لإنقاذ البلد. أوَلم يسمع الرؤساء يتحدثون عن غرق “تايتانيك” بمن فيها، من دون ان يحاولوا تعويمها ووقف اندفاعها الى الموت المؤكد؟
بات واضحاً ان العالم يتقزز من هذا الإندفاع المجنون في الفساد. أوَلم يقل عون شخصياً قبل اشهر لمجلة “باري ماتش” ان الطبقة السياسية هي التي تحمي الفاسدين لأنها تستفيد من ذلك بطريقة مباشرة؟ وأوَلم يقل حسان دياب “ان الفساد اكبر من الدولة”؟ ولكن ما قيمة هذا الحكي، وماذا فعلتَ فخامة الرئيس لمواجهة هذه الطبقة السياسية، التي تقرع الآن لتخويفها، طبول “التدقيق الجنائي” وانت تعرف جيداً ان هذا لن يؤدي الى أي نتيجة حتماً، لأن السؤال البديهي الذي تطرحه ضمناً كما يطرحه المواطن البسيط:
تُرى مَن سيحقق مع مَن، اذا كانت الطبقة السياسية هي الفساد وهي التي تحميه، فهل تتصور فخامتك ان “التدقيق الجنائي” لا يتطلب شمولية تطاول كل السوس الفاسد الذي ضجّت وتضج به البلاد، بما يعني استطراداً ان الشمولية تعني كل السياسيين الذين تتحدث عنهم … “وكلّن يعني كلّن”؟!