Beirut weather 14.41 ° C
تاريخ النشر February 10, 2024
A A A
هذا ما ورد في مانشيت “النهار”
الكاتب: النهار

مع ان تصاعد المخاوف من اتساع المواجهات الميدانية الجارية على الحدود اللبنانية الإسرائيلية مقترنا بتصعيد التهديدات بحرب على لبنان و”حزب الله” ظل يحتل الصدارة في المشهد اللبناني العام ، الا ان الاحتفال لمناسبة عيد مار مارون دفع بالاعتمال الماروني واللبناني الأعم المتفاقم على خلفية تمادي ازمة الفراغ الرئاسي الى تجاوز كل الملفات والتوقف عند تداعيات هذا الاعتمال . المناسبة بذاتها ، أي الاحتفال بعيد شفيع الموارنة ، كانت كافية لتثير إمكانات توقع مواقف ذات نبرة عالية من مرجعيات الموارنة بعد مرور سنة وأربعة اشهر على الفراغ الرئاسي . ولكن النبرة التي طبعت العظة التي القاها البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي في كاتدرائية مار جرجس المارونية في وسط بيروت اكتسبت طابعا استثنائيا بالكامل اذ تضمنت الموقف الذي يمكن اعتباره الأشد عنفا والأخطر في دلالاته لجهة نظرة بكركي الى تمادي الفراغ وتعاملها مع واقع السلطة ورئاستي مجلس النواب والشركاء المسلمين قاطبة . البطريرك الراعي ذهب البارحة الى حيث لم يبلغه موقفه من قبل خصوصا لجهة تفجيره الاتهام باقصاء مبرمج للموارنة عن الدولة كما لجهة رفضه الصارخ “حكم الدويكا” أي رئاستي مجلس النواب والحكومة في غياب رئيس الجمهورية ، ومن غير المستبعد ان يكون من الأسباب الضمنية التي ساهمت في اطلاق الراعي موقفه الصارم هذا اقدام الحكومة على تمرير تعيين رئيس لأركان الجيش بالطريقة التي تعتبر مخالفة دستورية ناهيك عن احباط الراعي المتعاظم من انعدام أي مؤشر لتبديل جوهري في مواقف القوى التي تعطل انتخابات رئاسية حرة ودستورية فيما تخاض حرب مع إسرائيل قررها فريق معروف من دون اخذه في الاعتبار وجود دولة او شركآء اخرين يخالفونه التفرد بالرأي .

وكان البطريرك الراعي ترأس امس قداس عيد مار مارون في كاتدرائية مار جرجس المارونية بيروت وسط حضور ديبلوماسي وسياسي ونيابي ورسمي وشعبي حاشد. والقى الراعي خلال القداس عظة عرض فيها لتاريخ مار مارون والموارنة وقال : “أمّا اليوم فنرانا أمام عمليّة إقصاء مبرمج للموارنة عن الدولة بدءا من عدم إنتخاب رئيس للجمهوريّة، وإقفال القصر الجمهوريّ والعودة إلى ممارسة حكم الدويكا بالشكل الواضح للعيان، وغير المقبول. وما القول عن إقصائهم وسائر المسيحيّين من الوزارات والإدارات العامّة؟ والكلّ بانتهاك الدستور عبر بدعة “الضرورة” التي يعتمدها مجلس النوّاب ليشرّع عن غير حقّ، ومجلس الوزراء ليجري التعيينات وكلّ ما يفوق تصريف الأعمال العاديّة، عن غير حقّ أيضًا. ففي غياب الرئيس يُستباح الدستور كما نرى، ولا من سلطة تصلح وتوقف هذا الواقع الشواذ. فهل أصبحنا في دولة نظامها استبداديّ يحلّ محلّ النظام المعلن في مقدّمة الدستور: “أنّ لبنان جمهوريّة ديمقراطيّة برلمانيّة” (بند ج)؟.

يقولون أنّ لبنان بحاجة إلى رئيس لا يستفزّ هذا أو ذاك من الأفرقاء. فعلّق أحد المحلّلين السياسيين كاتبًا: “واقعُ البلادِ يَستلزمُ رئيسًا لا يَستفِزُّ أحدًا، ولا يتحدّى أحدًا… لكنَّ 1) إنقاذُ البلادِ يَستدعي رئيسًا يَتحدّى كلَّ من يُعطِّلُ الدستورَ ويُطيحُ الميثاقَ الوطنيَّ فيَضرِبُ صيغةَ الشراكةِ والمودة. 2) إنقاذُ البلادِ يَستدعي رئيسًا يَضعُ حدًّا لحكوماتِ الوِحدةِ الوطنيّةِ الزائفةِ ويُحيي اللُعبةَ البرلمانيّةَ في النظامِ الديمقراطيِّ اللبناني. 3) إنقاذُ البلادِ يَستدعي رئيسًا يرفض كلَّ سلاحٍ غيرِ شرعيٍ. 4) إنقاذُ البلادِ يَستدعي رئيسًا يَتحدّى كلَّ من يتطاولُ على السيادةِ والاستقلالِ لئلا يُمسيَ لبنانُ دولةَ التبعيّةِ والاحتلال. 5) إنقاذُ البلادِ يَستدعي رئيسًا يَتحدّى أولئك الَّذين يمنعون إغلاقَ الحدودِ السائبة بين لبنان وسوريا بقصدِ إبقاءِ علاقاتِ لبنان مع أصدقائِه منهارةً ومع أخصامِه مزدَهرة. 6) إنقاذُ البلادِ يَستدعي رئيسًا يَتحدّى الدولَ التي تَعملُ على توطينِ اللاجئين الفِلسطينيّين والنازحين السوريّين. 7) إنقاذُ البلادِ يَستدعي رئيسًا يَتحدّى جميعَ الشواذاتِ المنتشرةِ في الدولةِ اللبنانيّة ومؤسّساتِها ومجتمعِها الإنسانيّ. إذا لم يَستَفِز رئيسُ الجُمهوريّةِ الجديدُ جميعَ هذه الفئاتِ الخارجةِ على الشرعيّةِ، ويَتحَدَّ جميعَ هذه التجاوزات القاتلةِ، فسيَتحدّاه الجميعُ ويَستفِزُّونه. ليس لبنانُ بحاجةٍ إلى رئيسٍ يَستفِزُّ أو يُستَفَزُّ لئلّا نَدخلَ في دَوّامةِ صراعٍ مفتوحِ” .

وسرعان ما اثار موقف الراعي ردودا وكان اول المرحبين به “التيار الوطني الحر” الذي اعتبر انه “إذ وضع الإصبع على جرح الوطن برفضه حكم الدويكا وتغييب المكون المسيحي عن الحكم؛ بعملية إقصاء مُبرمجة، بدءًا من إقفال القصر الجمهوريّ وصولًا إلى انتهاك الدستور اللبنانيّ.وادانته ضرب الشراكة والمخالفات الميثاقية والدستورية للحكومة والمجلس وعلى رأسها التعيينات”.وأضاف في بيان، “لطالما نبّهنا الى وجوب عدم السكوت عن المسار الانحرافي لحكومة تصريف الاعمال او تغطيته لأنه سيوصل الى التسلط على موقع رئيس الجمهورية والسطو على صلاحياته بالكامل”.ودعا “لاعتماد كلام البطريرك اليوم منطلقًا لمرحلة جديدة، ركيزتها التفاهم العميق بين المسيحيين والتضامن الوطني وسلوك طريق الإنقاذ بدءًا من انتخاب رئيس للجمهورية وإعادة تكوين سلطة اصلاحية على اسس العدالة والحقوق والمساواة في الشراكة”.

في غضون ذلك تواصل تبادل الرسائل الإعلامية بين رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع في الملف الرئاسي فكتب جعجع امس على حسابه عبر منصة “إكس”:”إلى دولة الرئيس نبيه بري. طبعًا يحقّ لك، دولة الرئيس، وبامتياز أن تدعم مرشحك إلى الرئاسة تبعًا للقواعد الديموقراطية والدستورية وأن تتمسّك به أيضًا ، كما يحقّ لغيرك أن يدعم مرشّحًا إلى الرئاسة ويتمسّك به، إذاً ، ما الجدوى من طاولة حوار فولكلورية إذا كانت كلّ الحوارات الجانبية والتي امتدّت لأكثر من خمسة عشر شهر خلت، وما زالت مستمرة، لم تبدِّل في مواقف أي من الفريقين؟ الحلّ الوحيد، دولة الرئيس، في هذه الحالة هو في جلسة انتخاب بدورات متتالية حتى نجاح أحد المرشحين المطروحين”.
وكتب السفير الفرنسي ايرفيه مارغو الذي حضر القداس على صفحة السفارة “يؤكد هذا القداس الاحتفالي المهيب على الدور البارز للطائفة المارونية في لبنان”.

 

التصعيد الإسرائيلي ..وايران
وميدانيا تواصل القصف الإسرائيلي جنوباً، مع توعّد الجيش الإسرائيلي بالاستعداد لتوسيع الحرب على الحدود مع لبنان. وقد أعلن قائد المنطقة العسكرية الشمالية في الجيش الإسرائيلي، الجنرال أوري غوردين، أن الجيش يواصل الاستعداد لتوسيع العمليات القتالية والتحول إلى الهجوم شمالي البلاد في منطقة الحدود مع لبنان.

ونقل المكتب الإعلامي في الجيش الإسرائيلي عن غوردين قوله: “هدفنا هو تغيير الأوضاع في مجال الأمن في الشمال بطريقة تمكننا من توفير عودة آمنة للسكان إلى منازلهم. كلنا عزم على تغيير الواقع في مجال الأمن ونواصل الاستعداد لتوسيع الحرب (في الشمال) والتحول إلى الهجوم، هذه هي مهمتنا”. وأضاف: “سنواصل العمليات الدفاعية وتوجيه ضربات لحزب الله”.

وبعد سلسلة غارات إسرائيلية على العديد من البلدات والقرى الحدودية أفادت وسائل إعلام إسرائيلية مساء ان دفعة كبيرة من الصواريخ أطلقها “حزب الله” نحو الجليل الأعلى. وتحدثت معلومات عن اطلاق “حزب الله” اكثر من خمسين صاروخا في اتجاه شمال إسرائيل فيما قالت وسائل إعلام إسرائيلية ان وابل الصواريخ من لبنان في الصلية الأخيرة لم نشهده منذ عام 2006 .

كذلك سجل تطور ميداني لافت تمثل في اعلان “حزب الله” للمرة الأولى قصف ثكنة كيلع التابعة للجيش الإسرائيلي في الجولان السوري المحتل بعشرات صواريخ الكاتيوشا .

ووسط هذا المناخ وصل بعد ظهر امس الى مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت، وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، في زيارة الى بيروت تستمر يوما واحدا، يلتقي خلالها رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي ووزير الخارجية في حكومة تصريف الاعمال عبد الله بو حبيب، اضافة إلى لقاءات مع شخصيات سياسية ودينية

وقال من المطار : “بعد مضي اربعة أشهر من الإبادة الجماعية والاعتداءات الصهيونية ضد غزة والضفة الغربية، نحن نشهد ان تل ابيب لن تحقق ايا من اهدافها المعلنة. وما نشهده اليوم تحقق بفضل الله سبحانه وتعالى وقوة المقاومة في لبنان وفلسطين والمنطقة، وان قادة المقاومة في فلسطين ولبنان، سواء في المجال الميداني والعملي وأيضاً في المجال السياسي، قاموا بعملهم بكل بصيرة ودراية”.

واضاف: “نحن وبصوت عالٍ ومنذ بداية هذه الأزمة، أعلنا أن الحرب ليست هي الحل، وان استمرار اميركا في دعمها للكيان الصهيوني ولنتنياهو لن يجلب الا الفشل الحاصل لهم. وان الكيان الاسرائيلي يتطلع نحو أميركا ليوقعها في مستنقع الحرب في الشرق الأوسط ويغرقها في هذا المستنقع “. وقال: “نؤكد مرة أخرى ان على اميركا اليوم ان توقف دعمها للكيان الإسرائيلي القاتل للأطفال، وان حزب الله والمقاومة في لبنان قامت بكل شجاعة وبكل حكمة بإيفاء دورها الرادع والمؤثر، واننا نترحم على ارواح جميع شهداء المقاومة الفلسطينية وفي المنطقة ولا سيما في لبنان، واود ان ابلغ التحيات الحارة لإيران، حكومة وشعباً الى لبنان جيشاً وحكومة وشعباً وأيضاً الى المقاومة في لبنان”. وختم عبد اللهيان: “ان الجمهورية الإسلامية الإيرانية ستستمر في دعمها القوي للمقاومة وللبنان، ونحن نعتبر ان أمن لبنان من أمن ايران والمنطقة”.