Beirut weather 19.41 ° C
تاريخ النشر January 16, 2024
A A A
هذا ما ورد في افتتاحية “البناء”
الكاتب: البناء

من دون تحقيق أي إنجاز في الميدان، وفي ظل تأكيدات أن من يسيطر على شمال غزة هي المقاومة، أعلن جيش الاحتلال مغادرة قواته منطقة شمال غزة، في أول خطوة عملية تتضمن اعترافاً بالعجز عن إخضاع غزة وهزيمة مقاومتها، بينما الانفصام السياسي يسيطر على خطاب رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو ووزير حربه يوآف غالانت، اللذين يواصلان الحديث عن مواصلة الحرب حتى الانتصار وتحقيق القضاء على حركة حماس وسائر قوى المقاومة.
يحدث ذلك بينما خرجت إحدى الأسيرات في غزة، في شريط مصوّر لقوات القسام تكشف خلاله مقتل أسيرين بصواريخ جيش الاحتلال، ما حرّك الشارع الغاضب أصلاً من أكاذيب القيادات السياسية والعسكرية، حول أولوية الإفراج عن الأسرى من خلال العملية العسكرية، وكل شيء يقول إن العملية العسكرية تقتل الأسرى، بينما كانت تل أبيب تعيش ذعر عملية فدائية نفذها شاب من الضفة الغربية التي تتعرّض كل يوم للانتهاك والإذلال ويذوق أهلها مرارة الاعتداءات التي حصدت مئات الشهداء خلال مئة يوم من الحرب على غزة، وقد أسفرت عملية الطعن والدهس الفدائيّة عن مقتل مستوطنة وإصابة 19 مستوطناً آخر جراح أربعة منهم وصفت بالخطيرة.
على المستوى السياسي كان اللافت الكلام المنسوب لعضو مجلس الحرب رئيس الأركان السابق غادي ايزنكوت الذي خسر ابنه في حرب غزة، حيث أوردت صحيفة يديعوت أحرونوت أن آيزنكوت قال خلال اجتماع للمجلس الوزاري الحربي مساء السبت: “علينا التوقف عن الكذب على أنفسنا، وأن نتحلّى بالشجاعة ونتوجّه إلى صفقة كبيرة تُعيد المختطفين إلى وطنهم”. وأضاف: “وقتهم (الأسرى) ينفد، وكل يوم يمرّ يعرّض حياتهم للخطر، فلا فائدة من الاستمرار على النمط نفسه الذي يسيرون (السلطات) به مثل العميان، بينما المختطفون هناك. هذا وقت حرج لاتخاذ قرارات شجاعة”.
بالتوازي مع المأزق الإسرائيلي، مأزق أميركي بريطاني بفعل العدوان على اليمن، حيث أعلنت القوات المسلحة اليمنية استهداف سفينة أميركية اشتعلت فيها النيران، رداً على العدوان الذي استهدف اليمن بغارات أميركية بريطانية قبل يومين، بعدما تعرّضت حاملة طائرات أميركية وفقاً لبيان البنتاغون لصاروخ يمني تمّ إسقاطه بواسطة الطائرات الحربية.

لا يزال كلام الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله يتصدّر المشهد الداخلي ويلقي بثقله على الكيان الصهيونيّ وعلى الأميركيين، لا سيما إعلانه بأن رسائل التهديد الأميركية – الإسرائيلية بشنّ عدوان على لبنان لا تخيف حزب الله الجاهز للمواجهة في أي حرب مقبلة.
وكان لافتاً التصعيد الإسرائيلي عقب خطاب السيد نصرالله بشن غارات مكثفة جديدة على مناطق خارج قواعد الاشتباك.
ويشير خبراء عسكريون لـ”البناء” الى أن السيد نصرالله نجح في الحرب النفسية والإعلامية والمعنوية المزدوجة ضد حكومة الحرب الإسرائيلية وجبهته الداخلية لا سيما المستوطنين، وتحديداً المهجرين من غلاف غزة وشمال فلسطين المحتلة وأهالي الأسرى لدى حركة حماس، بهدف الضغط على “إسرائيل” لوقع العدوان على غزة والبدء بعملية التفاوض حول تبادل الأسرى وفك الحصار عن غزة. وجزم السيد نصرالله الذي تحدّث باسم محور المقاومة بأن الجبهات ستبقى مشتعلة في جنوب لبنان واليمن والعراق حتى يتوقف العدوان على غزة. ولفت الخبراء الى أن حكومة الاحتلال لم يعد لديها خيارات بعد كلام السيد نصرالله سوى الرضوخ لوقف إطلاق النار والتفاوض على تبادل الأسرى ووقف الرهان على استسلام حركة حماس أو إمكانية القضاء عليها تحت ضغط المجازر التي ترتكبها ضد المدنيين من أهل غزة وتهجيرهم. كما أن حكومة بنيامين نتنياهو ستعدّ للألف قبل توسيع العدوان على لبنان، بعد كلام السيد نصرالله الذي حدّد نقاط الضعف لدى العدو ونقاط القوة عند المقاومة بقوله إننا سنخوض الحرب من دون ضوابط وسقوف. كما يشير الخبراء الى أن إسرائيل لا تستطيع خوض حرب واسعة ضد لبنان في ظل غرقها في مستنقع غزة وبعد الضربات التي تعرضت لها ألوية النخبة، إلا أن الخبراء يحذرون من حماقة يرتكبها نتنياهو للخروج من مأزقه الكبير في غزة. ولاحظ الخبراء الهدوء والاطمئنان والثقة الذي طغى على خطاب السيد نصرالله ولغة جسده، ما يعكس وفق ما يقول مطلعون على الوضع الميداني للمقاومة لـ”البناء” بأن من يحمي لبنان ليس الأميركيون ولا الأوروبيون بل معادلة الردع التي أرستها المقاومة مع العدو الإسرائيلي. وهذا ما يمنع الإسرائيلي من توسيع عدوانه على لبنان. ويؤكد المطلعون أن معادلة الردع هذه ثابتة ومحمية وفاعلة ولم تمسّ أو تتضرر. والدليل أن المقاومة ليست مردوعة بل هي من فتحت الجبهة في 8 تشرين الأول الماضي، وأن العدو الإسرائيلي مردوع ويهاب توسيع الجبهة ويبقى ضمن دائرة معينة من القصف، فيما المقاومة تردّ على كل تصعيد.
وواصلت المقاومة قصفها لمواقع الاحتلال، وأعلن حزب الله “استهداف تجمّع لجنود إسرائيليين في محيط ثكنة ميتات بالأسلحة الصاروخية وحقّق فيه إصابات مباشرة”. وأعلن استهداف موقع بركة ريشا بالاسلحة المناسبة وموقع المطلة. كما استهدف الحزب مرة ثانية “موقع بركة ريشا بصواريخ بركان وحقق فيه إصابات مباشرة”.
ونشر الإعلام الحربي في الحزب مشاهد من “عملية استهداف المقاومة الإسلامية قوة تابعة لجيش العدو الإسرائيلي في مستوطنة كفر يوفال (إبل القمح المحتلة) عند الحدود اللبنانية الفلسطينية”.
كما نشر مقطع فيديو يحتوي على مشاهد من عملياته العسكرية ضد المواقع الإسرائيلية عند الحدود اللبنانية الجنوبية، تحت عنوان “مئة يوم… وبيننا وبينكم ما بعدها من أيام”.
في المقابل واصل العدو الإسرائيلي اعتداءاته على الجنوب، وطال القصف الإسرائيلي تلة حمامص في سردا وسهل مرجعيون. كما قصفت مدفعية الاحتلال المتمركزة أطراف بلدات الضهيرة، الجبين، طيرحرفا، عيتا الشعب، وحانين وشيحين.

وأشار عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب حسن فضل الله الى أنّ “التضحيات والأثمان التي نقدّمها اليوم هي أقل بكثير مما يمكن أن ندفعه في بلدنا لو ترك العدو الإسرائيلي ينتصر على الشعب الفلسطيني، وأما الذين يقولون سواء في لبنان أو خارجه بأنّ لا علاقة لنا بما يحدث في غزة، ويمكن الاكتفاء بالتأييد السياسي والإعلامي، هم يغفلون عن أن هذا العدو لا سمح الله لو تمكّن من غزة والقضاء على المقاومة فيها، فإن كل المنطقة ستدفع الثمن، وإن بلدنا لبنان سيكون من أكثر البلدان التي تدفع أثماناً باهظة، وإن جنوبنا سيكون هو المحطة التالية للعدوان الإسرائيلي، ولذلك فإنّ المقاومة استبقت الضربة الاستباقية التي كان يخطط لها العدو، وفاجأناهم قبل أن يفاجئونا، وواجهناهم قبل أن يواجهونا”.
وشدد فضل الله على أن “الأولوية اليوم هي لوقف الحرب والعدوان على غزة، وكل الموفدين الذين يأتون إلينا يسمعون هذا الكلام بالواسطة أو مباشرة، وموقف الدولة اللبنانيّة اليوم يلتقي مع هذا الموقف الذي نعلنه، بأن المطلوب أن تقف الحرب في غزة، وإن كنّا نؤكد دائماً أن من يقرر مصير بلادنا هم أهل بلادنا، وأن العدو الذي لم نسمح له في الميدان أن يحقق أهدافه، لا يمكن لنا أن نسمح بتحقيق أي من أهدافه بالسياسة. فهو المعتدي وهو المحتل، ولن يطمئن مستوطنوه لا بالتهديد ولا بالوعيد ولا بدعوات الحرب، فلقد جرّبوا منذ العام 1978 إلى 82 إلى 93 إلى 96 حتى الـ2006، ولم يأتهم لا طمأنينة ولا أمان”.

 

على الصعيد الرسمي أشار وزير الخارجية عبدالله بوحبيب بعد لقائه القائم بأعمال سفارة الولايات المتحدة السفيرة ليزا جونسون في قصر بسترس الى أننا “تلقينا بارتياح جهوزية الولايات المتحدة الأميركية للتوسط في تخفيض التصعيد وإعادة الهدوء والاستقرار الى الجنوب”. وأضاف: “نتحاور مع الجانب الأميركي بانفتاح وروح إيجابية للوصول الى حلول مستدامة تحفظ سيادة لبنان وسلامة أراضيه، وتضمن الحقوق والأمن والاستقرار بالأخص لأهالي الجنوب”.
وبرز حراك للسفير السعودي وليد بخاري الذي زار دار الفتوى وبحث مع مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان القضايا العامة التي تخص لبنان والعدوان الإسرائيلي المستمر على غزة والشعب الفلسطيني. وشدّد السفير السعودي في تصريح على “أن المملكة العربية السعودية مع لبنان شعباً ومؤسسات ولن تألو جهداً في تقديم أي مسعى وجهد لحل ما يعانيه لبنان من أزمات متعددة”، معلناً “وقوف المملكة مع القضايا العربية والإسلامية كافة، وبخاصة ما يعانيه قطاع غزة والشعب الفلسطيني من عدوان مستمر على أرضه ومقدساته وشعبه”. من جهته، أمل المفتي “أن تسفر جهود المملكة واللجنة الخماسية في إيجاد حل في أقرب فرصة ممكنة للمساعدة في انتخاب رئيس للجمهورية لتكون هذه الخطوة الأولى نحو نهوض الدولة ومؤسساتها”.

واستقبل المفتي دريان نواب كتلة “الاعتدال الوطني” الذي زار عين التينة أيضاً، وتم البحث في الشؤون اللبنانية والعربية. وتم “التشديد خلال اللقاء على تحريك الملف الرئاسي وانتخاب رئيس للجمهورية والعمل الدؤوب لإنجاز هذا الاستحقاق الذي يتطلب تضافر الجهود لمصلحة لبنان واللبنانيين، وتم التأكيد على أن العدوان الإسرائيلي على غزة وجنوب لبنان والإطاحة بالقرارات الدولية هو من سلسلة الجرائم التي يرتكبها العدو الصهيوني”.

وتحدثت مصادر “البناء” عن حراك سعودي في الملف الرئاسي عبر المسؤولين في لبنان وعلى صعيد اللجنة الخماسية التي ستجتمع خلال وقت قريب للبحث في إعادة تحريك استحقاق رئاسة الجمهورية قبيل زيارة الموفد الفرنسي جان إيف لودريان الى لبنان.

واستقبل الرئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط وعقيلته السيدة نورا جنبلاط في كليمنصو، رئيس “تيار المرده” سليمان فرنجيه وعقيلته السيدة ريما فرنجيه، والنائب طوني فرنجيه وعقيلته السيدة لين زيدان، في حضور رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب تيمور جنبلاط وعقيلته السيدة ديانا جنبلاط، السيد جوي الضاهر وعقيلته السيدة داليا جنبلاط، وعضو كتلة “اللقاء الديمقراطي” النائب وائل أبو فاعور وعقيلته السيدة زينة حمادة، و”كان بحث على مائدة العشاء في مختلف الشؤون العامة”، بحسب بيان للتقدمي.
وعلمت “البناء” أن اللقاء لم يكن وليد الساعة، بل سبقته سلسلة اتصالات ووساطات عدة من قبل مرجعيات سياسية رفيعة عملت لعقد هذا اللقاء.. وإن سادت اللقاء أجواء عائلية لكن لا يحجب أبعاده السياسية في تقريب وجهات النظر بين جنبلاط وفرنجيه للتمهيد لالتقاء الطرفين عندما تنضج ظروف التسوية الرئاسية. ولفتت المعلومات الى أن أسهم فرنجيه لا زالت الأعلى لكونه المرشح الجدّي الأوحد مقابل غياب بقية المرشحين، كما قال رئيس مجلس النواب نبيه بري في تصريحه منذ أيام.