رحل ميلاد أبشي بهدوء بعكس حياته التي كان اي عدو لزغرتا اهدن يرتجف عند سماع اسمه.
رحل الى حيث لا وجع الى ملاقاة من امضى ردحاً من حياته يعمل في سبيل قضيتهم.
قد تاق الى الاستشهاد مرات ومرات من اجل زغرتاه واهدنيته ومن اجل ارضه وعزتها وكرامتها لكن الله اراد له ان يكون الفارس الشجاع الذي يقود بصمت وحنكة حتى الانتصار.
رحل بطل قاتل، دافع، صمد ولم يتهاون لحظة في تأدية الرسالة التي اختارها بكل ثقة وتصميم.
في رحيل ميلاد أبشي لن ينطفىء الاسم انما يغادر الجسد فقط لا غير لتبقى الذكريات والروايات عن بطولات خطها بقلب شجاع.
من موقع المرده الف تحية لروحك ولروح من سبقك من رفاقك الابطال.
المحامي الاستاذ زياد الخازن نعى ميلاد أبشي بكلمات مؤثرة حيث كتب:
ميلاد طنوس أبشي… المارد الصامت الذي لم يخذل زغرتا
ترجّل اليوم فارس من فرسان زغرتا بصمتٍ يشبه صمته حين كان في الميدان، لكن الأرض التي دافع عنها ستروي لأجيالٍ قصصاً عن رجلٍ لم يكن يحب الكلام، بل كان يُجيد الفعل.
ميلاد طنوس أبشي، أو كما يلقبه من عرفه “بالريس ميلاد”، غادرنا اليوم تاركاً وراءه سيرة من نور وملاحم من نار، سيرة رجالٍ وقفوا حراساً لكرامة الأرض وشرف الانتماء.
لم يكن “أبو طنوس” من أولئك الذين يبحثون عن الأضواء، لكنه كان من القلائل الذين يُضيئون الطريق بصلابتهم، بإيمانهم، وبتفانيهم.
من ساحات القتال إلى مفارق العزة ومواقع الكرامة، بقي وفياً للعهد الذي قطعه على نفسه زغرتا أولاً… وزغرتا دائماً.
شهدت إهدن وزغرتا على شجاعته. لم يتراجع يوماً، لم يتأفف من تعب، لم يساوم على ثوابت.
جسده كان خط الدفاع الأول، وضميره لم يكن يعرف التردد. عاش بصمت المحاربين، ورحل بصمت الكبار، لكنه ترك في الذاكرة بصمةً لا تُمحى.
ومن خصاله في الشدائد والمحن، في ليالي الشمال الحزينة، كانت أول الخيل خيله إذا أقبلت، وآخر الخيل خيله إذا أدبرت.
رحمه الله، وعزاؤنا لأهله وأحبائه، ونعزي زغرتا التي فقدت اليوم إبناً من أعزّ أبنائها، وبطلاً من أشجع أبطالها.
رحمك الله يا أبو طنوس، يا من لم ترضَ لزغرتا إلا المجد، ولا لنفسك إلا الكرامة.
كما كتب الاعلامي سركيس كرم:
رحل ميلاد طنوس قبشي… ترجل الفارس، واستراح البطل الهدناني.
سنفتقد محبتك يا بو طنوس، سنشتاق كلنا لطلتك، لأصالتك، لشهامتك وفروسيتك..
تحية لروحك يا ريس ميلاد، يا ريس البطولة والشجاعة والمروءة الزغرتاوية.. تحية وفاء لسيرتك الغنية بالعنفوان والبسالة.
أمثالك لا يرحلون… بل يبقون في الذاكرة، والضمير، والوجدان.
ليغمر الرب روحك برحمته يا حبيب الكل..
من جهته كتب الشاعر اسعد المكاري: ميلاد أبشي هذا الإسم وهذه الهامة وهذا الوقار… بطل إهدني في زمن ندرت فيه الأبطال وفي ايام كل شيء تبدّل فيها حتى الهواء الذي نتنشّقه…
أبو طنّوس زرناكم في الصيف الماضي برفقة صهركم الأخ سركيس كرم والأخ أنطوان فنيانوس وفي ذلك النهار شعرت بالألم وبالسعادة في آن…
شعرت بالألم لأنني وجدتك لا تقوى على النهوض وقد أصاب المرض جسدك القوي أنت الذي لم تقوى عليه عواصف ولا جيوش الغزاة ولا الخيانات…
وشعرت في السعادة كثيراً لأنّني جلست في حضرة بطل من أبطال إهدن، شجاع، إبن العنفوان، إبن البيت الذي قدّم الكثير من أجل الآخرين وزغرتا، تضحية ووفاء ودفاعاً عن كراماتنا، عن أولادنا وأهلنا والأجيال القادمة.
فارس من فوارسنا كبا عن صهوة جواده ليعتلي مجد السماوات… نم قرير العين أيها البطل لك الخلود والأبد…