Beirut weather ° C
تاريخ النشر May 7, 2023
A A A
هذا ما دوّنته “الديار” في سطور افتتاحيتها
الكاتب: الديار

عند بدء التقارب الايراني – السعودي، هلل عدد كبير من اللبنانيين لمناخ التهدئة الذي سينعكس على المنطقة ومن بينها لبنان واقتطعوا اشواطا كبيرة في تصور التسوية التي سيشهدها لبنان بما ان الساحة اللبنانية مكشوفة دائما للخارج علما ان الرياض وطهران كانتا تتحاوران لترتيب العلاقة وحسن الجوار دون ان تتدخلا فورا في ازمات الدول التي تدور في فلكهما منها اليمن، العراق ولبنان وغيرها. ومع تقدم المفاوضات بين البلدين، وضع كل فريق لبناني تصوره لمستقبل لبنان وما سيمر به البلد وان ازمته الاقتصادية والمالية شارفت على الانتهاء بما ان المملكة العربية السعودية والجمهورية الايرانية الاسلامية تتواصلان مع بعضهما وتعملان على اخماد التوتر قدر المستطاع. انما للاسف، غاب عن ذهن المسؤولين اللبنانيين ان هناك اولويات عند الرياض وطهران وان لبنان ليس بالضرورة على رأس القائمة فبدأوا بالتخبط السياسي ورفع السقوف عندما لم تتحقق امنياتهم بالسرعة التي تخيلوها. اضف على ذلك، وبعيدا عن الخطابات والتصاريح الوطنية والسيادية، اكملوا بربط مصير لبنان بـ»بورصة المنطقة» الملتهبة والتي تحتاج لحلول جذرية فزادوا البؤس واليأس عند الشعب اللبناني وبقي لبنان «في الانتظار» الى ان يأتي الفرج على يد الخارج. وهنا، اعادوا احباط المواطن اللبناني مرة جديدة حيث اظهروا انهم لا يملكون خطة سياسية واضحة وشاملة لنجدة لبنان وشعبه. واليوم، لا يزال الشعب اللبناني ينتظر كلمة السر من الخارج سواء من الرياض او طهران او واشنطن او فرنسا ليبني على الشيء مقتضاه ويعرف ما هو مصيره.

 

السعودية: لانتخاب رئيس صنع في لبنان
من خلال موقف السفير السعودي وليد البخاري، بات واضحا ان السعودية تريد ان يكون الاستحقاق الرئاسي «صنع في لبنان» دون ان تتدخل في المسار الانتخابي ولذلك اكد البخاري ان لا فيتو سعودي على اي مرشح كما لا دعم لاي شخصية للرئاسة. وقالت مصادر ديبلوماسية ان الموقف السعودي اراح بعض الشيء الساحة اللبنانية بعدم وجود فيتو الا انه ايضا لم يسهل الطريق الرئاسية وهذا يعني ان المفاوضات ستأخذ مجراها لبنانيا واقليميا الى حين التوصل الى ارضية مشتركة تتيح انتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية.

وسبق الموقف السعودي بيان اميركي يدعو الى «رئيس يتمتع بالصفات القيادية الملائمة لتجنّب لبنان المزيد من الكوارث» الامر الذي يشير الى ان واشنطن لا تريد وصول اي رئيس الى قصر بعبدا بل تريد رئيسا بمواصفات حددتها وبمعنى اخر رئيسا يجمع اللبنانيين ولا يكون في محور ضد اخر. وعليه، اضحى الموقف السعودي والاميركي متشابها الى حد ما في حين يتمايز مع الموقف الفرنسي حيث ان فرنسا ماكرون تدعم بشكل مباشر وواضح رئيس تيار المردة سليمان فرنجية رئيسا للجمهورية والذي يدعمه ايضا الثنائي الشيعي.

ولكن هذه المستجدات لم تشكل حافزا لتحريك الجمود السياسي الذي يحيط بالاستحقاق الرئاسي انما اوضحت ملامح المسار الرئاسي الذي يميل اكثر الى مرشح توافقي يجمع عليه اللبنانيون علما ان الملف الرئاسي لا يزال بحاجة الى عوامل اضافية لاستكماله اقليميا وداخليا.

تقاطع ايراني – سعودي على عدم التدخل في انهاء الشغور الرئاسي
رغم ان فرنسا تريد ان تتدخل السعودية وايران في لبنان والتكلم مع حلفائهما لحصول انتخاب رئيس للجمهورية الا ان الرياض وطهران اعلنتا موقفهما بان الاستحقاق الرئاسي يقرره اللبنانيون. هذا الموقف السعودي والايراني يشير الى ان كلا البلدين لا يريدان ان يضغطا على حلفائهما اللبنانيين وان يقدم اي منهما على تنازلات تحسب انتصارا لفريق على اخر.

واشنطن لا تريد رئيسا يدعمه حزب الله
الى ذلك، يؤكد البيان الاميركي الاخير تمايز الادارة الاميركية عن المبادرة الفرنسية ويشير الى انه لا يدعم رئيسا يرشحه حزب الله وما هي العقوبات على الاخوين رحمة الا اشارة واضحة بانها لا تؤيد وصول رئيس تيار المردة سليمان فرنجية الى قصر بعبدا.

هل الخلاف بين الموارنة هو سبب الشغور الرئاسي؟
في المقابل، هل الخلاف ماروني – ماروني كما تعلن اوساط الرئيس بري يعرقل عمليا انتخاب رئيس للجمهورية؟ ام انه خلاف بين خط بري وحزب الله وفرنجية من جهة يقابله خط اخر من القوات والكتائب والوطني الحر وفئة كبيرة من المستقلين والتغييريين؟ الجواب هو انه ليس هناك خلاف ماروني ـ ماروني كما تعلن اوساط عين التينة بل خلاف سياسي داخلي بامتياز وليس خلافا ضمن طائفة الموارنة.

اوساط المعارضة للديار:

ما قبل 3 أيار ليس كما بعده
من جانبها، اكدت اوساط المعارضة للديار ان الجهود لم تتوقف لتأمين نصف زائد واحد للمرشح ميشال معوض او تامين نصف زائد واحد لمرشح معارض اخر بالاتفاق مع جميع مكونات المعارضة على اختلافها وتنوعها انما لغاية اللحظة لم تثمر هذه الجهود الى النتيجة المرجوة. لكن في الوقت ذاته ما تم التوصل اليه الان هو ان المعارضة صدت كل محاولات انتخاب مرشح للممانعة وبالتالي تمكنت من اقامة توازن سياسي على الصعيد الرئاسي. واغلب الظن، ان تقتنع الممانعة باستحالة ايصال مرشحها الى قصر بعبدا وعندها قد تنتقل الى مرحلة التوافق حول المرشح الذي يتناسب مع طبيعة المرحلة الانهيارية التي يشهدها لبنان اي مرشح اصلاحي سيادي انقاذي.

ولفتت اوساط المعارضة الى ان اهمية ما تحقق هذا الاسبوع ان ما قبل 3 ايار ليس كما بعد 3 ايار من ناحية ان الفريق الاخر كان يراهن على تدخل الادارة الفرنسية مع السعودية من اجل ان تطلب الاخيرة من حلفائها في لبنان انتخاب مرشح الممانعة ترجمة للمبادرة الفرنسية. ولكن هذا الامر لم يحصل وكان للسعودية موقف اخر اذ اعلنت ان الانتخابات الرئاسية في لبنان شأن سيادي لبناني. وانطلاقا من الموقف السعودي، دعت اوساط المعارضة ان على جميع المكونات التي تدور في محور المعارضة ان تتلقف هذا المنحى السعودي وان تثبت انها قادرة على الوصول الى نصف زائد واحد.

حركة النائب بو صعب وغسان سكاف
وامس استكمل نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب جولته فالتقى النائب السابق سليمان فرنجية في بنشعي.

وتؤكد اوساط نيابية في «الثنائي الشيعي» ان التكتم هو سيد الموقف حول المبادرة من بو صعب نفسه ومن الرئيس نبيه بري ونواب كتلته الملتزمين بعدم التعليق عليها وحتى عدم الكشف عن «طبخة بري» الرئاسية والجهود التي يبذلها. وتلفت الى ان زيارة بو صعب لفرنجية تكشف مباركة رئيس تكتله النائب جبران باسيل والمواقف الايجابية تجاه فرنجية من بنشعي تكشف عن تقدم في ملف ترشيح فرنجية.

وتؤكد الاوساط ان بوصعب بلقاءاته والتي شملت حزب الله والقوات وبكركي والمردة والكتائب قد حركت الاجواء الراكدة سياسياً وتعزز من اسهم فرنجية طالما ان المعارضة لم تتفق حتى الساعة على اسم مرشح منافس يقابله فرنجية في اول جلسة رئاسية قد تعقد مع تقدم التفاهمات الاقليمية.

بموازاة ذلك، يقوم النائب غسان سكاف بحركة سياسية مشابهة لحركة بو صعب ولكن الفرق ان سكاف يعمل على توحيد صفوف المعارضة والتوصل الى مرشح توافق عليه جميع مكوناتها.

النائب بلال عبدالله للديار: ربط لبنان بالتطورات الاقليمية يطيل الازمة الداخلية
وردا على سؤال عن سبب تأخير انعكاس التهدئة الحاصلة بين ايران والسعودية على لبنان، قال النائب بلال عبدالله وهو عضو في اللقاء الديمقراطي: «قبل ان نلوم الايراني والسعودي فلنلوم انفسنا اولا» في عدم حل الازمة التي يشهدها لبنان واخرها الشغور الرئاسي. واضاف: «جميعنا يجب ان نرفض اي تسوية تأتي على حساب لبنان بالحد الادنى». واعرب عن اسفه بان المسؤولين اللبنانيين باتوا ينتظرون نتائج اللجنة الخماسية او لقاء مع موفدين خارجين او زيارة وزير الخارجية السعودي او نظيره الايراني ليبنوا على الشيء مقتضاه في حين يدّعون الديمقراطية ويطلقون مواقف سيادية انما الحقيقة هي ان المسؤولين اللبنانيين اظهروا انهم قاصرون وغير راشدين لادارة بلدهم. ولفت النائب بلال عبد الله ان تبادل التهديد بتعطيل النصاب امر معيب وما هكذا تبنى الاوطان مشددا انه «لا يجب ان ننتظرالخارج لنحل امورنا الداخلية ولا يجوز ان نظهر اننا غير قادرين على انجاز اي تسوية داخلية». وعلى سبيل المثال، قال النائب عبدالله ان الخارج عندما يفرض تسوية فهي لن تكون فقط رئاسية بل حكومية وبرنامج اقتصادي وفي هذه الحال كيف سيتمكن المسؤولون اللبنانيون من تسيير امور الدولة اذا كانوا دائما مختلفين في ما بينهم.

وعاد النائب عبدالله ليذكر ان الحزب التقدمي الاشتراكي لا يزال على موقفه وهو انتخاب رئيس للجمهورية باسرع وقت ممكن تجنبا لمزيد من البؤس والانهيار الذي يعانيه الشعب اللبناني. وشدد ان التقدمي الاشتراكي يرى انه لا يجوز ان تفرغ المؤسسات وان يستمر البلد دون هذه المؤسسات الدستورية مؤكدا ان ربط ازمة لبنان بالتطورات الاقليمية والخارجية يؤدي الى اطالة الازمة اللبنانية.

مصادر مقربة من الوطني الحر: لا نخضع للضغوطات
من جهتها، قالت مصادر مقربة من التيار الوطني الحر للديار ان اليوم لا جهود تبذل سواء من جانبنا او من حزب الله لترتيب العلاقة بيننا اذا جاز التعبير مشيرا الى ان الامور جامدة على هذا الصعيد.

وعن الملف الرئاسي، اكدت هذه المصادر ان الوطني الحر منفتح على مبادرات تتمحور حول مرشحين للرئاسة بهدف التوصل في نهاية المطاف الى مرشح واحد لا يشكل استفزازا لطرف وهنا قد تتقاطع المصالح مع القوات اللبنانية والكتائب والتغييريين. واضافت مصادرالتيار الوطني الحر انه حتى اللحظة لم تتوصل هذه المبادرات الى الاجماع على مرشح واحد والمحاولات مستمرة في هذا المجال.

وعن قرار صرف القاضية غادة عون من الخدمة، اعتبرت هذه المصادر انه اذا كان هناك طرف يهدف الى ارسال رسالة سياسية معنوية لايلام الوطني الحر او للضغط عليه، فنحن عشنا اقسى رسالة وهي 13 تشرين وتم اقصاؤنا من لبنان من قبل المجتمع الدولي ورغم ذلك لم ننكسر ولم نرضخ للضغوطات ولم تستطع اي دولة او اي طرف ان تلغينا.

بري لعب دورا وطنيا في معالجة احداث خلدة
الى ذلك، قالت اوساط عين التينة، ان الرئيس نبيه بري اختار المصالحة على المواجهة مع عرب خلدة مذكرا اياهم بمعركة خلدة حين تلقى العدو الاسرائيلي اول هزيمة على تخوم بيروت يوم قاتلت حركة امل الى جانب ابناء العشائر والحقت خسائر في صفوف العدو. واضاف بري: «انا والسيد حسن نصرالله مستعدان للنزول على الارض لطي صفحة الخلافات والتوصل الى مصالحة بأسرع وقت ممكن».

كما تكشف اوساط معنية بالملف لـ «الديار» ان «الإرادات الطيبة تلاقت فمن جهة رئيس مجلس النواب نبيه بري بسعى لحل الملف بعد مساع بذلت من اكثر من طرف ولا سيما من عشائر العرب في لبنان والتي وضعت ثقتها لدى الرئيس بري بما يملكه من رصيد وطني وسياسي».

وتكشف الاوساط ان لقاء وفد العشائر العربية مع الرئيس نبيه بري في عين التينة وضع الاطار العملي لتحقيق مصالحة بين العشائر وحزب الله، وايجاد حل لقرارات المحكمة العسكرية بما يحفظ حقوق كل الاطراف.

وتكشف ان المبادرة التي تدخل على اساسها بري اصبحت في عهدة النائب محمد سليمان والذي حضر اللقاء في عين التينة كممثل للعشائر. وتتركز على كيفية تمييز الاحكام التي صدرت بين 5 و10 سنوات وكذلك ايجاد الية لتسليم الفارين انفسهم لتعديل الاحكام التي صدرت بالاعدام عليهم.

البخاري عند تمام سلام: لضرورة انتخاب رئيس للجمهورية
من جهته، زار السفير السعودي وليد البخاري رئيس الحكومة السابق تمام سلام في المصيطبة وتم خلال اللقاء التشديد على ضرورة انتخاب رئيس للجمهورية في اقرب وقت ممكن منعا لاطالة مدة الفراغ ودخول لبنان في المجهول.

ماكرون يواجه ازمة داخلية وخارجية ايضا
على صعيد اخر، يقول خبراء ديبلوماسيون ان الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون لا يملك رؤية عميقة للمنطقة ومن بينها لبنان. ذلك انه فشل في تحقيق اهدافه بعد انفجار 4 أب وها هو اليوم يكرر الاخطاء ذاته لقراءته غير الدقيقة للواقع اللبناني وللتوازنات السياسية الداخلية. واضاف الخبراء ان ماكرون ايضا يعاني من ازمة في فرنسا حيث ان كثيرين من خبراء ومستشارين في ادارته قدموا استقالتهم وعليه اضطر الرئيس الفرنسي الى استدعاء مستشارين قدماء كانوا يعملون معه سابقا. وقول هؤلاء الخبراء الديبلوماسيين ان ماكرون يواجه صعوبات كثيرة في مقاربة ملفات فرنسية داخلية ناهيك عن تضرر نفوذ فرنسا في افريقيا حيث كان الفشل الذريع له.

استنادا على هذه المعطيات، يستبعد الخبراء الديبلوماسيون ان ينجح ماكرون بسياسته في لبنان التي يشوبها نقص في البعد الاستراتيجي.