Beirut weather 14.41 ° C
تاريخ النشر June 30, 2020
A A A
هذا ما جاء في افتتاحية “البناء”
الكاتب: البناء

سيطر قرار وزارة الطاقة في كيان الاحتلال بتلزيم البلوكات المحاذية للمياه الإقليمية اللبنانية للتنقيب عن النفط والغاز الحدث الأول بامتياز، مع تأكيدات الخبراء والمختصين، بأن التلزيم الذي تفادى الاستفزاز والتورّط في مواجهة عبر تحييد التلزيم عن المناطق التي تدخل في المياه الإقليميّة اللبنانيّة وينازعه عليها كيان الاحتلال، يحمل مخاطر حقيقيّة على الثروات اللبنانية، سواء لجهة صعوبة التحقق من احترام عمليات التنقيب لمياه لبنان الإقليمية في ظل غياب ترسيم تقني وقانوني للحدود المائية، خصوصاً أن المنطقة موضع القلق اللبناني تمثل شريطاً رقيقاً عرضه بين 200 متر وواحد كلم يمتد على عمق يتراوح بين 15 و45 كلم في داخل البحر، بالإضافة إلى أن خزانات الغاز والنفط الجيولوجية في المنطقة كما تشير الدراسات متداخلة ويسهل سحب كميات تجارية وافرة من الحصة اللبنانية تحت سطح البحر، من دون أن يكون التحقق من ذلك ممكناً.

الموقف الرسمي اللبناني صدر عن رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، الذي أكد أن لبنان لن يفرط بذرة من سيادته على ثرواته السيادية، معلناً بدء التنقيب في البلوك 9 المستهدف خلال شهر، ويترأس عون اليوم اجتماعاً للمجلس الأعلى للدفاع، سيكون الموضوع على جدول أعماله، بينما يتوقع أن يصدر موقف حكومي رسمي في ختام الجلسة التي تعقدها الحكومة.

في الشأنين العدلي الدبلوماسي والمالي الإداري، تواصلت تداعيات قرار القاضي محمد مازح حول تصريحات السفيرة الأميركية دوروتي شيا، التي حضرت إلى وزارة الخارجية بموجب استدعاء رسمي، خرجت في نهايته لتطوي صفحة تصريحاتها الاستفزازية، وتتحدث عن أولوية التعاون في الملفات الاقتصاديّة، بعدما كانت تعمدت أول أمس الظهور الإعلامي لمواصلة حملتها، والتحدث بتعجرف مع الحكومة، سخرت خلاله من وزيرة الإعلام التي نفت تقديم اعتذار للسفيرة، التي ردّت بالقول إن الوزيرة لا تعرف شيئاً، وبخلاف هذه الصورة بدت السفيرة بتصريحات أمس بصورة من يسعى لطي الصفحة وتفادي الخوض في سجال، بينما أحبطت محاولات فرض معادلة خاسر خاسر على جبهة شيا مازح، بعدما سرت شائعات عن استدعاء مازح أمام التفتيش القضائي أسوة باستدعاء السفيرة إلى الخارجيّة، وكان لتلويح مازح بالاستقالة ولحملة التضامن الواسعة التي لقيها موقفه، دورٌ في وضع الأمور في نصابها حيث يتوقع أن يستمع إليه مجلس القضاء الأعلى للاطلاع منه على حيثيات حكمه، ومحاولة رسم إطار قانوني للتعامل مع القضايا المشابهة.

على جبهة موازية في الملفات المالية الإدارية نتيجة معاكسة، حيث شكلت استقالة مدير عام المالية ألان بيفاني، كتتويج للخلافات حول أرقام الخطة الحكومية المالية، التي كان بيفاني من أبرز واضعيها، وشكل حاكم مصرف لبنان وجمعية المصارف جبهة مالية سياسية إعلامية بوجهها، وتعتبر استقالة بيفاني التي احتفلت بها جمعية المصارف ببيان علني، إضعافاً للتوازنات التي كان الحفاظ عليها داخل المؤسسات المالية بمثابة ضمانة لعدم سيطرة كارتلات المصارف على القرار، وينتظر أن يناقش مجلس الوزراء الاستقالة، كما يتوقع ان تكون لرئيس الجمهورية مقاربة للموضوع، بصورة أبقت مصير الاستقالة مفتوحا على ردها وتراجع بيفاني عنها، مع ضمانات بالتضامن الحكومي دفاعاً عن موقف الحكومة، أمام هجمة جمعية المصارف خصوصاً لتحميل الدولة النصيب الرئيسي من خسائر الأزمة، عبر الدعوة لتسييل الثروات السيادية للدولة، وبيع أصولها وعقاراتها، لتمويل المصارف، بينما تحمّل خطة الحكومة المصارف نسبة رئيسية من الخسائر لقاء سوء إدارتها للودائع، وتحقيقها أرباحاً غير مشروعة في محطات الأزمة وصولا للانهيار، وتفرض عليها بموجب ذلك تحمل نسبة من الخسائر توازي مسؤوليتها، تسدد من رأسمال المصارف وملكياتها.

وفي أول موقف رسمي لبناني على قرار العدو الإسرائيلي التنقيب عن النفط والغاز في المنطقة المتنازع عليها مع لبنان قرب «البلوك الرقم 9»، أكد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون أن «هذه المسألة في غاية الخطورة وستزيد الأوضاع تعقيداً»، مؤكداً أن «لبنان لن يسمح بالتعدّي على مياهه الإقليمية المعترف بها دولياً لا سيما المنطقة الاقتصادية الخالصة في جنوبه حيث «بلوكات» النفط والغاز وخصوصا «البلوك رقم 9» الذي سوف يبدأ التنقيب فيه خلال أشهر».

ولفت خبراء استراتيجيّون وعسكريون لـ»البناء» الى أن «قرار كيان الاحتلال يندرج ضمن احتمالين: جس نبض الدولة اللبنانية لاستكشاف حدود الاستفادة من فرصة استغلال الأوضاع السياسيّة والداخلية اللبنانية لسرقة الغاز والنفط اللبناني، أو دفع الدولة اللبنانية للتنازل والقبول باستئناف المفاوضات من موقع ضعيف بوساطة أميركية أملاً بالحصول على تنازلات لبنانية». ويشير الخبراء الى «أن الحرب بين لبنان والعدو الإسرائيلي تبقى فرضية قائمة لكن احتمالها ضعيف لاسباب عدة»، معتبرين أن «استمرار العدو الإسرائيلي في قراره والبدء بالتنقيب وسرقة الثروة اللبنانية سيؤدي الى ردة فعل من الدولة اللبنانية والمقاومة». وأكدت مصادر مطلعة على موقف المقاومة لـ»البناء» أن حزب الله لا يزال على موقفه الذي أعلنه أمينه العام السيد حسن نصرالله بأن المقاومة ستردّ على أي اعتداء على حدودنا البحرية النفطية.

وفي سياق ذلك، دعا رئيس الجمهورية المجلس الأعلى للدفاع الى اجتماع بعد ظهر اليوم قبيل جلسة مجلس الوزراء، وذلك للبحث في الأوضاع الأمنية والتطورات الأخيرة على الحدود الجنوبية وحالة التعبئة العامة.

وتوقعت مصادر «البناء» أن يخرج المجلس برسائل بالغة الدلالة للإسرائيليين والأميركيين بأن لبنان لن يتنازل عن حقوقه وسيدافع عنها بالوسائل كافة بما فيها المقاومة العسكرية والشعبية المشروعة.

وفي سياق ذلك، شوهد مرور قافلة عسكرية كبيرة تابعة للقوات الدولية العاملة في جنوب لبنان (اليونيفل) على طريق صيدا – بيروت مؤلفة من عشرات الآليات العسكرية ومحملة بعناصر مسلحة وأسلحة وعتاد مقبلة من الجنوب الى بيروت ولم تعرف أسباب انتقالها وإذا ما كان ذلك مرتبطاً بمستجدات الوضع على الحدود بعد قرار العدو بدء التنقيب عن النفط والحديث المستجدّ عن مخاطر اندلاع حرب عسكرية بين العدو الإسرائيلي وحزب الله!

وتفاعل قرار قاضي الأمور المستعجلة محمد مازح بحق السفيرة الأميركية في بيروت دوروثي شيا على المستويات الديبلوماسية والقضائية والسياسية والاعلامية والشعبية.

واستدعى وزير الخارجية ناصيف حتي أمس، السفيرة شيا التي حضرت الى مبنى وزارة الخارجية في قصر بسترس وسط إجراءات أمنية مشددة ولافتة اتخذها جهاز الأمن في السفارة. وبحسب المعلومات فقد أبلغ الوزير حتي السفيرة شيا بأن الوضع الراهن بغنى عن تصريحات تثير البلبلة. كما تطرّق الطرفان بحسب المعلومات الى القرار القضائي الذي صدر أخيراً. وشدّد حتّي على حرية الإعلام وحق التعبير اللذين هما حقان مقدسان. كما ناقشا بشكل صريح المستجدات الحالية على الساحة المحلية. وتناولا ايضاً العلاقات الثنائية التي تجمع البلدين والشعبين اللبناني والأميركي وشدّدا على أهمية التعاون بين الحكومتين في المجالات كافة وذلك دعماً للبنان للخروج من الازمة الاقتصادية التي يعاني منها.

وقالت شيا بعد اللقاء: «كان الاجتماع إيجابياً واتفقنا على طي صفحة القرار المؤسف الذي جاء لتحييد الانتباه عن الأزمة الاقتصادية وطوينا الصفحة للتمكن من التركيز على الأزمة الفعلية والولايات المتحدة ستستمر في مساعدة لبنان وتبقى الى جانبه وعلاقتنا الثنائية قوية ومتينة». وأكدت أن «العلاقات بين البلدين قوية جداً وستكون ذات فائدة على البلدين والشعبين».

وفي موازاة ذلك، نفذ عدد من الناشطين اعتصاماً أمام وزارة الخارجية احتجاجاً على التدخل الأميركي في الشؤون الداخليّة اللبنانيّة وسط انتشار أمني كثيف.

ويستدعي مجلس القضاء الأعلى القاضي مازح اليوم لاستيضاحه خلفيات وحيثيات قراره بحق السفيرة الأميركية. وفيما نُقل عن مازح أنه لن يلبي الاستدعاء وهو سيتقدّم باستقالته قبيل موعد الاستدعاء، أفادت معلومات مؤكدة بأن توجه مجلس القضاء الأعلى هو لعدم اتخاذ أي إجراء عقابي بحق القاضي مازح. ما يعني أن الأخير لن يقدّم استقالته وسيتابع عمله في السلك القضائي كالمعتاد بحسب ما نقل عنه.

وأشارت أوساط سياسية لـ»البناء» الى اتصالات وجهود رسميّة لتطويق ذيول التصعيد القضائي والدبلوماسي بين لبنان والولايات المتحدة وذلك ضمن ضوابط أربعة: تفادي تفاعل الاشتباك الدبلوماسي الاعلامي السياسي بين لبنان والولايات المتحدة، الحفاظ على هيبة القضاء عبر حماية القرار القضائي والقاضي الذي اتخذه، إفهام السفيرة الأميركية بأن تصاريحها الفتنويّة أدّت الى امتعاض شعبي لبناني عارم وخرق القواعد والأصول الدبلوماسية، توجيه رسالة سياسية للأميركيين مع تفادي أي معركة معها لا تخدم مصالح لبنان في هذا الظرف الدقيق، وبالتالي انتهى الأمر على قاعدة بلا غالب ولا مغلوب. لكن الأمر فضح مرتزقة الأميركيين الذين دافعوا عن السفيرة الاميركية أكثر من السفيرة نفسها.

وعلّقت السفارة الإيرانية في لبنان، عبر تويتر، على التصريحات الأخيرة للسفيرة الأميركية بالقول: «كلما ثرثرت أكثر، بهدلت نفسها وبلادها أكثر. وهي لا يحق لها أن تنال من بلد آخر، من خلال الأراجيف التي تختلقها».

ورأى الحزب السوري القومي الاجتماعي أنّ المواقف الأخيرة لسفيرة الولايات المتحدة الأميركية في لبنان بما تضمّنته من تحريض فتنوي على شرائح لبنانية، ومن تدخل سافر في شؤون لبنان الداخلية، هي مواقف مُدانة بكل المعايير السياسية والدبلوماسية والأخلاقية، وتشكل انتهاكاً صارخاً للقوانين والاتفاقيات الدولية التي تحكم العمل الدبلوماسي.

وشدّد الحزب في بيان على ضرورة أن تتخذ الدولة اللبنانية الإجراءات والتدابير كافة، لإلزام السفيرة الأميركية التقيّد باتفاقية فيينا للعمل الدبلوماسي، ووضع حدّ لتدخّلاتها السافرة في شؤون لبنان، ولتحريضها الفتنويّ على قوى وشرائح لبنانية، لأنّ هذا التدخل وهذا التحريض يشكلان تهديداً للوحدة الوطنية والسلم الأهلي، وإساءة لكرامة الدولة وسيادتها.

ولفت الحزب إلى أنّ السيادة الوطنية والكرامة الوطنية، تُحتّمان على جميع القوى، أن تكون في موقع الدفاع عن السيادة والكرامة، فلا تبقيان مجرّد شعار للاستهلاك. وما هو مؤسف بل جارح أنّ البعض في لبنان ممن ينام ويصحو على شعار السيادة واستقلالية القضاء، لم يجد حرجاً في «تأييد» مواقف السفيرة الأميركية من بوابة الهجوم على قرار أصدره قاضي الأمور المستعجلة في صور، من ضمن عمل القضاء اللبناني وسيادته واستقلاليّته، بالاستناد الى القانون الذي يحمي مصالح الدولة وحقوق الأفراد.

واعتبر أنّ استسهال البعض مهاجمة قرار قضائي، من دون سلوك المسارات القانونية التي تتيح الطعن بالقرار، إنما يستهدف إضعاف القضاء والمسّ بهيبته واستقلاليته، تماماً مثلما استهدفت السفيرة الأميركية في تصريحاتها توهين الاقتصاد اللبناني، في سياق السياسات التي تستهدف إضعاف البلد برمّته.

واستمر مسلسل قطع الطرقات في عدد من المناطق لا سيّما التي تخضع لسيطرة القوات والكتائب وما تخلله من مشهد إذلال المواطنين على الطرقات من بعض الاشخاص الذين يدعون أنهم ثوار، ما أثار امتعاض وسخط أغلب المواطنين المارّين على الطرقات. فضلاً عن الاعتداء على الجيش اللبناني الذي سقط منه عشرات الجرحى في مواجهات السبت الماضي. واتهمت مصادر مطلعة السفارة الأميركية بتجنيد بعض الأشخاص لقطع الطرقات مستغلين الظروف الاقتصادية الصعبة والمطالب الحياتية المحقة، وذلك بهدف إثارة توترات أمنية ونقمة على الحكومة وتحميل مسؤولية الأوضاع لحزب الله. ولفتت الى أن التلاعب بالدولار قرار أميركي بتنفيذ من سلامة وبعض المسؤولين الآخرين للضغط على لبنان لاجبار حزب الله والموقف الرسمي للتنازل في الملفات السيادية. ولفت إعلان وزير الداخلية والبلديات محمد فهمي تخوفه من انفلات أمني نتيجة تدهور الوضع الاقتصادي. وفي حديث لـ»الحدث»، لفت إلى أن «أكثر من مليون ونصف مليون لبناني تحت مستوى الفقر». وأسف فهمي لأن «الشائعات حول ندرة المواد الغذائيّة تزيد من تعقيد الوضع».

وتوقعت المصادر المذكورة أن تصل المساعدات الايرانية الى لبنان في غضون أسابيع قليلة، وذلك لكسر عقوبات قانون قيصر على الشعب اللبناني.

وفي ذروة التعقيد الداخلي والظروف الاقتصادية والنقدية الصعبة، فجر مدير عام وزارة المال ألان بيفاني قنبلة تمثلت بإعلان استقالته من منصبه في وزارة المال وتقديم كتاب استقالته الى وزير المال غازي وزني. كاشفاً عن أسباب الاستقالة وعن أسرار بعض الملفات المالية.

وقال بيفاني في مؤتمر صحافي: «اخترت أن أستقيل لأنني أرفض أن أكون شريكاً أو شاهداً على الانهيار، ولم يعُد الصبر يجدي اليوم». وقال «بعد أن وصلنا الى طريق مسدود وارتفعت نسبة المخاطر الى مستوى لم يعد من الممكن التعامل معه بصمت تقدمت باستقالتي طالباً إعفائي من كل المهام الموكلة اليّ ويبدو أن النظام استخدم شتى الأنواع لضرب الخطة الحكوميّة، وأظهروا بأننا فاسدون، ولكن ستكون للقضاء الكلمة الفصل لهذه الاتهامات الرخيصة»، لافتاً الى انه بات شبه المؤكد ان المشروع الذي يُفرض على اللبنانيين سيأخذ منهم مرة أخرى قدرتهم الشرائية وسينتقلون لمزيد من الفقر وارتفاع البطالة وزيادة الانكماش الاقتصادي وكان من المفترض أن نكون اليوم منهمكين في عملية استرداد ما أخذ من الناس».

واضاف: «اليوم تأكّد أنّ أرقامنا ومقاربتنا صحيحة ولقد انهمكوا بتقصي حقائق الخسائر. والمفارقة أن ذلك حصل ونحن ما زلنا من دون تدقيق محاسبيّ»، مؤكداً أن «قوى ظل» سعت لإجهاض ما أقوم به وانكشف من يهرب من المسؤولية ومن يقف وراء الفساد ونحن مشرفون على مرحلة جديدة من الاستيلاء على أصول اللبنانيين بالمواربة، مع نتيجة معروفة مسبقاً وهي سحق الطبقة غير الميسورة وتحميل فئات الدخل الأدنى والمتوسط الأكلاف الباهظة وفي حال الاستمرار في تأجيل الحلول ستتضاعف نسب البطالة وعلينا مصارحة الناس أن هذه المرة كانت الفرصة حقيقية إذ إن لبنان أنتج خطة مقبولة».

وأشار خبراء ماليون لـ»البناء» الى أن «استقالة بيفاني وتصريحاته تدلّ على كباش قويّ بين الدولة ممثلة بالحكومة من جهة ومصرف لبنان والمصارف من جهة ثانية»، مشيرين الى أن «ألان بيفاني يُشهد له بكفاءته وخبرته ونزاهته وتؤشر ايضاً الى أن المفاوضات مع صندوق النقد الدولي أصبحت بخطر إن لم تكن قد أجهضت وتوقفت أو لن تحقق نتائج مستقبلية جدية».

وتشير مصادر رسمية لـ»البناء» الى وجود خلاف بين الحكومة والمصرف المركزي وجمعية المصارف في مقاربة أرقام الخسائر المالية لكل من الفئات الثلاث، وتباين في آلية الاحتساب، موضحة أن «الوفد الحكومي اكتشف فجوة مالية كبيرة في مصرف لبنان جرى إخفاؤها والتغطية عليها بأرقام وحسابات غير علمية ومموّهة، كما اكتشف فريق الحكومة عبر جردة التدقيق وجود ديون للدولة لم تدرج على جدول الديون، كما ترفض المصارف اعتبار خسائرها بمثابة إفلاس بل مجرد تعثر». أما التباين بين الحكومة ولجنة المال والموازنة فيكمن بحسب المصادر في أن «الحكومة تلحظ 66 ألف مليار ليرة ديون تستحق حتى العام 2043 فيما تقدر لجنة المال الديون بـ 16 ألف مليار فقط، لاعتبارها بأن هذه المبالغ يمكن تشغيلها والاستفادة من أرباحها، والتباين الآخر هو تقدير الحكومة ديون المصارف المتعثرة بـ 76 ألف مليار ليرة بينما تقول المصارف ولجنة المال إن المصارف تملك ضمانات تتمثل بأصول وعقارات واستثمارات يمكن بيعها لتحصيل ديونها المتعثرة وتقليص خسائرها كما يشمل الخلاف حول سعر صرف الدولار في احتساب الخسائر».

وتذكر المصادر الرسمية قول المسؤول الفرنسي بيار دوكان عن أرقام الحكومة بأنه «للمرة الأولى نرى ورقة حسابات تتضمن أرقاماً دقيقة».

وتحضر استقالة بيفاني على طاولة مجلس الوزراء الذي يعقد جلسة بعد ظهر اليوم في بعبدا ستناقش الوضع المالي الاقتصادي.

وكان سعر صرف الدولار ارتفع أمس، في السوق السوداء، حيث تراوح بين 8200 و8300 ليرة لبنانية للدولار الواحد. بعدما بلغ صباح أمس، ما بين 7800 ليرة و7900 ليرة للدولار الواحد. فيما أعلنت نقابة الصرافين تسعير سعر صرف الدولار بهامش متحرّك بين الشراء بسعر 3850 حدا أدنى، والبيع بسعر 3900 حداً أقصى.

وأعلن مصرف لبنان في بيان أنّه تم تحديد سعر التداول في العملات بين الدولار الاميركي والليرة اللبنانية لدى الصرافين عبر التطبيق الالكتروني «Sayrafa» على سعر 3850/3900 ليرة للدولار الواحد.

وأشار الخبير المالي والاقتصادي د. وليد أبو سليمان الى «أن ارتفاع سعر الصرف الى هذه المعدلات متوقع بسبب السياسات الخاطئة وعدم التعامل الجدّي مع الأزمة»، موضحاً لـ»البناء» أنه اذا لم تحدث صدمة ايجابية على الصعيد السياسي فإن الدولار سيرتفع أكثر ولن يستطيع أحد ضبطه في ظل فقدان الثقة الداخلية والخارجية بلبنان وسلطته السياسية وزيادة الطلب الذي يصل الى ثلاثة أضعاف»، محذراً من قرار المصارف زيادة سعر الصرف الى 3850 ل.ل ما يعني زيادة 30 في المئة من الكتلة النقدية بالليرة اللبنانية في السوق ما يؤدي الى تضخم وفقدان اضافي في قيمة العملة الوطنية».

وعُقد في وزارة المال امس، الاجتماع الرابع لخليّة الأزمة الوزارية المكلّفة متابعة المواضيع المالية برئاسة وزير المال غازي وزني، وحضور عدد من الوزراء ونواب حاكم مصرف لبنان ومدير عام الأمن العام اللواء عباس إبراهيم، ورئيس جمعية المصارف سليم صفير، ونائب نقيب الصرافين محمود حلاوي. وتمحور الاجتماع حول تقييم انطلاقة عمل المنصّة الإلكترونية التي تنظم التداول بين الصيارفة على أسعار العملة، وضخّ السيولة للمصارف واتخاذ الإجراءات المناسبة للاستقرار النقدي. علماً أن ابو سليمان يشير الى أن المنصة الالكترونية لم تستطع ضبط سعر الصرف.

وكان حاكم مصرف لبنان رياض سلامة زار بعبدا وبحث مع رئيس الجمهورية في الإجراءات التي يتّخذها المصرف لمعالجة الوضع النقدي في البلاد.