حيا الموقوف الفلسطيني نعيم عباس هيئة المحكمة العسكرية الدائمة والحضور لدى دخوله قاعة المحكمة العسكرية الدائمة، مبتسما على عادته، مرتديا لباسا رياضيا وطاقية رمادية، وآتيا من مقر توقيفه في الريحانية من دون الزي المخصص لموقوفيه، وهو الكحلي المقلم بالاحمر.

تراجع عباس عن صمته وامتناعه عن الاجابة عن اسئلة المحكمة لعدم نقله من الريحانية الى سجن رومية. وخلال استجوابه اطلق العنان للكلام. تحدث بارتياح كلي وأخبر الهيئة بالتفصيل عن كل ما طرحته في شأن التهم الموجهة اليه.

وقد أبلغه رئيس المحكمة العميد الركن حسين عبدالله، في حضور ممثلة النيابة العامة العسكرية القاضية مايا كنعان، انه سيعيد استجوابه بعدما قرر ارجاء ثلاثة ملفات عالقة في حقه الى المرافعة في جلسة سابقة لاعتصامه بالصمت. وعقّب المتهم عباس مذكرا المحكمة بعدم تلبية طلبه بنقله من مقر توقيفه الحالي. واردفت وكيلته المحامية زينة المصري طالبة تسهيل ظروف مقابلة موكلها في الريحانية ومشيرة الى انها انتظرت ساعتين في الشارع لتتمكن من مقابلته، متمنية تخفيف الاجراءات وخصوصا عندما تكون الجلسة مخصصة للاستجواب.

بدأ عباس حياته العسكرية في “جبهة النضال” الفلسطينية ملتزما حتى عام 1987، ثم انتقل الى حركة “فتح” عام 1986 حيث تابع دورة 20 يوما على الاسلحة الخفيفة. بعدها خضع لدورة على المتفجرات عند احد الفلسطينيين، فدورة امنية. وبين 1997 و1999 كان عند “حزب الله”. ويفيد ان صلته الوحيدة بـ”حزب الله” كانت عام 1993 “عندما دخل الاسرائيليون كفرا وياطر في الجنوب وقاتلنا الى جانبه”. ويضيف انه في الاشتباكات بين الحزب وحركة “امل” عام 1990 “كنت لا ازال في صفوف حركة “فتح” التي كانت تقف الى جانب “امل”. واستمرت تلك الاحداث سبعة ايام لم اطلق خلالها طلقة واحدة ضد الحزب الذي خضعت عنده لدورات امنية وحماية الشخصيات لنكون مرافقين للامين العام في”فتح”.

وقيل له: حصل ان جرى توقيفك لاطلاقك صواريخ في الجنوب على كريات شمونة ومستوطنة اسرائيلية؟. فأجاب: “حصلت معركة في جنين داخل فلسطين المحتلة. وحينذاك كنت في حركة “فتح الاسلامية” ولم تكن قيادتها لترضى بإطلاق صواريخ في الجنوب من دون موافقة “حزب الله”. عام 2000 بدأنا العمل ليكون لدينا عمل خاص بلا الحزب في الجنوب في اتجاه اسرائيل بتمويل ذاتي. واطلقنا صواريخ عام 2002 على فلسطين المحتلة. وكان سعر الصاروخ مئة دولار. وعام 2004 اتصل الشيخ صالح القبلاوي من تنظيم “القاعدة” بالمتهم عباس وطلب منه ان يسافر الى العراق، ففعل بهوية مزورة وبرفقة مواطنه توفيق طه، بعدما ابلغه ان الطريق مؤمنة ويحتاج الى وثيقة قيد مزورة. وبوصوله التقى الشيخ سليمان التونسي المسؤول في التنظيم، ولم يكن المسؤول في التنظيم ابو مصعب الزرقاوي موجودا. بقيت شهرين ونصف شهر. أرادوا عملية ضد اليهود. هذا ما طلبوه. ونقدني تكاليف العمل. وساعدته في تدريب مجموعاته. كما بحثنا في انشاء ارضية ل”القاعدة” في لبنان. وتوافقوا على القيام بعمل امني في الجنوب تجاه الاراضي الفلسطينية”.

وعندما سئل عن اعترافه أوليا بالانتماء الى “القاعدة” عام 2005، قال المتهم عباس: “في الاصل كنا موجودين قبل ذلك العام وتحوطت لابقى في منأى عن الاجهزة الامنية لكي لا تطالني. عامذاك ذهبت الى العراق وانفضحت قصتي بالانتماء الى هذا التنظيم. وبعودته الى لبنان حصلت محاولات عدة لاطلاق صواريخ في اتجاه الاراضي المحتلة من الجنوب، بعضها ثمانية صواريخ من يارين، بمعية محمد جمعه استهدفت كريات شمونة وشلومو، وكذلك اطلق صاروخان من الاردن عام 2008 من خلال اشخاص موجودين حاليا في السجن”.

“الموساد حاول قتلي”
ضحك عباس عندما سئل عن محاولة قتله، متهما مواطنه محمد عوض وروبير خوري وغيرهما بالعمالة ل”الموساد”. وتحدث عن معرفته بالموقوف جمال دفتردار في العراق، “وصار الطلب اليه لنقله الى لبنان عبري، وأقام في منزلي خوفا لانه كان مطلوبا. واستغرب استمرار توقيفه منذ اربعة اعوام، مشيرا الى انتفاء علاقة الاخير بالتكفير. وكان عاد من العراق وحاول ان يتزوج وفشل لانه مطلوب. وعندما تزوج أوقف بعد شهر”.

وعن دوره في تنظيم كتائب عبدالله عزام قال: “لم أبايع هذا التنظيم. بايعت”القاعدة” فحسب حيث كان اسامة بن لادن وايمن الظواهري، فكيف لي بمبايعته؟”. وذكر ان امير كتائب عزام ماجد الماجد (اعتقل عام 2014 في لبنان وتوفي لاحقا) التجأ فترة طويلة الى “عصبة الانصار” في مخيم عين الحلوة حيث تواصل مع الفلسطيني توفيق طه واتفقا على فكرة انشاء تنظيم عمل في الجنوب في اتجاه اسرائيل. ووجّها رسائل عدة الى ايمن الظواهري لمبايعته، لكنه رفض ولم يقتنع بفكرهما.

وأين كنتم قبل تحرير الجنوب عام 2000؟. أجاب: “كنا موجودين عام 1998 في كفرفالوس مع “قوات الفجر”. نفذنا عمليات بقذائف هاون في اتجاه الاراضي المحتلة من الجنوب ايضا من خلال “الجهاد الاسلامي” وقتذاك، وعندما اكتشف أمره لم يعد ينفذ اي عمل في الجنوب. عندها قصدت “عصبة الانصار” وحاولت عند الكل لمتابعة العمل من الجنوب ولكن بدون صدى.

وبالانتقال الى الحرب في سوريا انشئت خلايا وتوجهتم الى القصير، قال له العميد عبدالله، فاجابه: “عام 2010 لم اعد اعتبر اطلاق حفنة من الصواريخ في اتجاه اسرائيل مجديا في مقابل مئات الصواريخ التي اطلقها “حزب الله” في حرب 2006. لازمت منزلي الى حين بدء الثورة السورية. وكنت فكَرت في الهجوم على مستعمرة في الاراضي المحتلة”.

قصف قصر الاسد
هل كنت على قدر ذلك؟. اجاب مستشهدا بقول اسامة بن لادن: “ان قتال الاميركيين واليهود لا يحتاج الى تكليف من احد. وانا حاضر ان شاءالله”. وتناول ذهابه الى سوريا عام 2012 بعد تعرفه الى نعيم نعيم (قضى حكم بحبسه مدى الحياة عن القضاء اللبناني): “عملنا في القصير على تدريب مجموعات مختلفة للواء الاسلامي والجيش الحر على الاسلحة الخفيفة على مدى ثلاثة اشهر. تعرف خلالها الى احمد طه . وعدنا معا الى لبنان لعدم انسجامي مع الناطق المسؤول في كتائب عزام سراج الدين زريقات، وشعوري بعدم جدوى بقائي في سوريا بعد تدريب المجموعات. وكان ثمة مشروع لقصف القصر الجمهوري لبشار الاسد، وتم تسويفه”.

وتوجه رئيس المحكمة الى عباس: “اتفقت مع احمد طه على ضرب الضاحية الجنوبية انتقاما لدخول حزب الله الى سوريا”. فذكر المتهم ان منزل صديقه احمد طه في حارة حريك: “اقمت عنده. وبعد سقوط القصير اقترحنا احضار ثلاثة صواريخ 107 من عنده. قصدت عيتات فوجدتها مرمى جيدا من خلال غوغل ايرث. وتدرب احمد طه على اطلاقها. وتبعا لرغبته نفذ العملية واحب ان اصوره خلالها. وخشي ان يصيب منزله خطأ نظرا الى ان الكاتيوشا “ترقص” بعد اطلاقها فكيف ان يتم هذا الامر في منطقة سكنية؟”. لم يُصب احد. سقط جرحى فحسب”.

عباس يعترف
ألم تفكر في سقوط ضحايا، وخصوصا ان العملية تستهدف منطقة سكنية؟. اجاب: “هذه حرب. بدو يروح فيها ناس. وحزب الله عندما دخل الى القصير ما فرقت معو ان كان في اطفال”. عام 2013 اتفقت مع احد عناصر كتائب زياد الجراح على القيام بعمل امني بعدما ازدادت ممارسات حزب الله في سوريا والسيد حسن نصرالله صرح في حينه” حتى لو اضطر الامر ان اذهب الى سوريا سافعل. وكان طه الذي غادر الى سوريا عرض ان يؤمن لي مواد التفجير. وسلبت سيارة على الطريق البحرية في الناعمة وفخختها. الثامنة صباح 09 07 2013 كانت السيارة المفخخة جاهزة. قدتها الى محلة بئر العبد ورصفتها وعدت عبر الطريق الجديدة. وانفجرت بواسطة ساعة توقيت، نافيا علاقته بانفجار السيارة المفخخة في الرويس في 17/8/2013 قادها شخص سوري. وهي كانت جاهزة واجهل من اين أُحضرت”.

“الشغل”
افدت انه عام 2013 نقلك احمد طه الى يبرود عبر عرسال ودربت عناصر من “جبهة النصرة”، وفكرت وقتذاك في ضرب الحزب، نافيا علاقته بعملية تفجير ثالثة استهدفت الضاحية الجنوبية. وقال: “وحدي ما بتزيد او بتنقص. ان بهاء السيد واحمد طه وابو هريرة الذي بدو يشتغل. وطلب مني ان اتواصل معه فاتصلت به على هاتف منزل اهله ولم يكن موجودا. ثم اخبرني ان سيارة جيب شيروكي زيتية آتية. فجرها انتحاري في الهرمل. بعد ذلك الحادث رحت اتواصل مع احمد طه. ارادت “النصرة ان تشتغل في لبنان. فتواصلت مع ابو الفاروق عبدالله . ارادت الجبهة استهداف شارع الامانة العامة للحزب في الشارع العريض في حارة حريك. تسلم ابو الفاروق سيارتين مفخختين (عام 2014 ). احداهما بقيت في ارض جلول خمسة ايام. وزورت دفتر سيارة باسمي وقدتها وسلمتها الى الساطم واستطلعنا المكان في شارع المبنى القديم لقناة المنار”.

“لازم اعمل هيك”
وردا على سؤال قال عباس” كنت مستمرا ولم اتوقف. فما كان يفعله النظام السوري الا يستحق الرد؟. وهل تقف الى جانبه؟.ضيَع نصرالله كل مقاومة. عندما اعتقلت سئلت عن سبب تصرفي؟. فأجبتهم لان البندقية انحرفت في اتجاه سوريا”.

وبسؤال آخر قال: “كنت تسلمت سيارة (مفخخة) وحاولت الاستفسار من الدولة الاسلامية هل هناك ارادة للعمل في لبنان ضد الحزب؟ .كانت النصرة ارسلت شابا استقبلها. ووضعت على حدة الى حين وصول المنفذ، الا ان السيارة ضبطت. وكل التفجيرات الاخرى لا علاقة لي بها”، مشيرا الى انه استأجر مستودعا لوضع الصواريخ وال تي ان تي”. وتحدث عباس عن عملية كانت تستهدف تلفزيون “المنار” فشل تنفيذها من “النصرة” بواسطة شخص فر خشية افتضاح امره كان عباس يراقبه من بعد نحو 40 مترا.

وردا على سؤال آخر هل شعر بالندم بعد اربعة اعوام على توقيفه قال عباس ان “حملة حزب الله (في سوريا) احوجتنا ان نعمل هيك .طبيعي التفجيرات. هذه حرب”.

ألم تخشوا سقوط ضحايا اطفال وعائلات؟. اجاب: “دخلوا مخيم نهر البارد وعرسال والتبانة والمنية. كلها راح فيها ابرياء. انا مش مبسوط اني عملت هيك بس لازم اعمل هيك”.

وطلبت وكيلة عباس المحامية المصري ضم ملفات عدة لموكلها نظرا الى تلازم الموضوع. وارجئت الجلسة الى السادس من آذار المقبل للمرافعة والحكم.كما ارجئت خمسة ملفات اخرى لعباس الى العاشر من نيسان المقبل.