Beirut weather 18.41 ° C
تاريخ النشر June 24, 2020
A A A
هذا ما أوردته “الجمهورية” في إفتتاحيتها
الكاتب: الجمهورية

تحت عنوان “”لقاء الساعتين” في بعبدا غداً بمَن حضـــــر… وبارقة أمل بوديعة سعودية”، كتبت صحيفة الجمهورية في افتتاحيتها:

حسمت رئاسة الجمهورية رسمياً أمس مصير «اللقاء الوطني» الذي دعت اليه بتأكيد انعقاده بمَن حضر الحادية عشرة قبل ظهر غد الخميس ويدوم ساعتين فقط، فاسحاً المجال لجلسة مجلس الوزراء الاسبوعية التي ستنعقد في السرايا الحكومية عند الاولى والنصف بعد الظهر، فيما بَدا انّ الأفق مقفل، ولا حلول مطروحة على بساط البحث، وأنّ لقاء بعبدا لن يتجاوز المشهدية السياسية التي مَلّ اللبنانيون منها أساساً ويريدون خطوات عملية تضع حداً لارتفاع سعر الدولار وتخفّف من غلاء الأسعار، في وقت لم تظهر أيّ مؤشرات بعد إلى حلول قريبة في ظل التَخبّط المستمر في الأرقام وغياب الإصلاحات المرجوّة. فيما برز موقف أميركي عَبّر عنه مساعد وزير الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى ديفيد شينكر يُبرّىء ساحة واشنطن من الاتهام بأنها تقف خلف ارتفاع سعر الدولار وشح العملة الخضراء في لبنان، ويردّ سبب هذه الازمة الى «عوامل داخلية تتعلق بالفساد وبتهريب الدولار إلى سوريا والتهرّب الضريبي والجمركي لـ«حزب الله»، بحسب قوله.
قالت مصادر معارضة للقاء بعبدا لـ«الجمهورية» انّ التكتيك الذي اعتمد هذه المرة بتوسيع الحوار لم ينفع في محاولة للتغطية على احتمال المقاطعة مجدداً، فباستثناء الرئيس ميشال سليمان فإنّ جميع المدعوين الجدد سيقاطعون اللقاء، ومَن قاطَع في المرة السابقة أعلن مقاطعته مجدداً، ولم يبق سوى «القوات اللبنانية» التي سيعلن تكتل «الجمهورية القوية» الموقف من المشاركة أم عدمها في اجتماعه اليوم، مع مَيلٍ واضح إلى عدم المشاركة في ظل تساؤلات مصادره عن «الجدوى من دعوة مسلوقة ومن جدول أعمال واضح وفي ظل رفض فريق السلطة اتخاذ أيّ خطوات إصلاحية تُبعد شبح الانهيار الشامل».
ولاحظت هذه المصادر انه «بدلاً من ان يكون الحوار مدخلاً لتنفيس الاحتقان والتشنج ورسم خريطة طريق للإنقاذ، تحوّل مساحة اشتباك جديدة على خلفية من سيُشارك ومن سيقاطع وفي ظل إصرار بعبدا على موقفها عَقد الحوار بمَن حضر، فيما كان رئيس الجمهورية والفريق الحاكم في غِنى عن هذا الاشتباك في لحظة وطنية حساسة مالياً وشعبياً وتستدعي أوسع توافق ممكن للخروج من الأزمة المالية».
وقالت المصادر نفسها «انّ القوى التي قررت المقاطعة لا تُلام على موقفها طالما انّ دعوتها الى لقاء بعبدا تقتصر على توفير الغطاء لنهج يواصل جَرّ لبنان نحو الأسوأ، وكأنّ المطلوب منها ان تكون شاهدة زور على سياسات لا قرار لها فيها، وبالتالي لن تضع نفسها في موقع المصفّق او المتفرّج على من يقود لبنان إلى الانهيار». وأضافت: «إذا كان الحوار يشكل مطلباً للتلاقي، إلّا انّ للتلاقي شروطاً وفي طليعتها النقاش بمسؤولية حول سبل إخراج لبنان من هذا المأزق الكبير، فيما المطروح دردشة في أفضل الحالات وكأنّ الوضع في ألف خير، فيما مدى خطورة اللحظة تستدعي حواراً إنقاذياً لا حواراً شكلياً، وإنّ العودة عن الدعوة ليست تراجعاً، إنما دليل مسؤولية وطنية من أجل إعادة تحديد موعد جديد بشروط المرحلة الحالية».
وكان رئيس الجمهورية العماد ميشال عون قد حسم مصير لقاء الخميس، فأكدت المصادر التي تشارك في الترتيبات الخاصة باللقاء لـ»الجمهورية» انه سيُعقد بمَن حضر من القيادات السياسية والحزبية والنيابية في الموعد المحدد الحادية عشرة قبل ظهر غد في قاعة 22 تشرين في القصر الجمهوري التي تنعقد فيها عادة جلسات مجلس الوزراء، وذلك وفق الترتيبات التي تحافظ على التباعد الإجتماعي بين المشاركين في اللقاء بسبب وباء كورونا.
وقبل 48 ساعة على الموعد المحدد لم يبق هناك موقف غامض إزاء المشاركة من عدمها سوى موقف رئيس حزب «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع الذي سيقول كلمته النهائية في هذا الصدد عصر اليوم.
وفي انتظار جواب جعجع بات ثابتاً انّ المُتغيبين عن اللقاء هم، الى الرئيسين اميل لحود وأمين الجميّل، رؤساء الحكومات السابقين الاربعة فؤاد السنيوة، سعد الحريري، نجيب ميقاتي وتمام سلام، ورئيس تيار «المرده» سليمان فرنجيه، ورئيس حزب الكتائب اللبنانية النائب سامي الجميّل.
وفي برنامج اللقاء كلمة ترحيبية لرئيس الجمهورية يشرح فيها الظروف التي دفعته الى الدعوة، شارحاً ما أراده من هذا اللقاء الجامع. وإن شاء رئيس مجلس النواب نبيه بري إلقاء كلمة فستكون الثانية قبل ان يلقي رئيس الحكومة حسان دياب كلمته، ثم يكون للمشاركين إن ارادوا مساحة من الوقت ليُدلي كلّ منهم بدلوه.
وعلمت «الجمهورية» انه سيكون لسليمان كلمة يشرح فيها الظروف التي دفعته الى المشاركة في اللقاء، وسيحدد موقفه من التطوارت الأخيرة وخصوصاً من بعض الملفات التي ما زالت مطروحة منذ ايامه الى اليوم، ولا سيما منها ملف «السلاح غير الشرعي» وسيجدد الدعوة الى البحث في الإستراتيجية الدفاعية.
وفي ختام الجلسة سيناقش المجتمعون مشروع بيان ختامي أعدّه رئيس الجمهورية في صيغة أولية سيطرح للمناقشة ثم يُذاع في نهاية اللقاء.
وفي المواقف، غرّد فرنجيه مؤكداً مقاطعته اللقاء، وكتب عبر «تويتر» أمس: «لن نشارك في لقاء بعبدا بعد غد الخميس (غداً)، مع التمنّي للحاضرين التوفيق في مسيرتهم لإنقاذ الوضع الاقتصادي والامني والمعيشي وإيجاد الحلول المرجوّة».
وقال النائب فيصل كرامي لـ«الجمهورية» انه سيحضر لقاء بعبدا، اذا انعقد، ممثلاً «اللقاء التشاوري» للوقوف «الى جانب الرئيس حسان دياب والتعبير عن موقفنا من المأزق الاقتصادي – المالي والواقع الاجتماعي – المعيشي وخطر الفتنة وأداء الحكومة بإيجابياته وسلبياته».
وعلمت «الجمهورية» انّ مجلس وزراء «بالمفرّق» انعقد طوال ساعات نهار أمس في السرايا الحكومية، حيث ترأس دياب سلسلة اجتماعات ضَمّت كلّ وزير على حِدة او مجموعات منهم تباعاً، وتمحور النقاش حول إنتاجية الوزارات بعدما تكاثَر الكلام عن أنّ الوزراء يضيّعون ساعاتهم في اللجان ويهملون عمل وزارتهم.
وطلب دياب من الوزراء البدء بالبحث الجدي في سبل وقف الهدر في الادارات، سائلاً كل وزير عمّا نفّذ من مشاريع وأعمال في وزارته، وطالباً تنشيط عمل الوزارات على كافة الصعد وإطلاق ورش لبدء الانتاج السريع وتحقيق نتائج في اوقات محددة.
إقتصادياً ومالياً، واصَل المشهد الدولاري أمس مسيرته التصاعدية بوتيرة سريعة مُسجّلاً رقماً قياسياً جديداً وصل الى 6 آلاف ليرة في السوق السوداء، في حين استمر سعره على حاله لدى الصرّافين، بسعر 3850 ليرة للشراء و3900 ليرة للبيع.
وواكبت استمرار ارتفاع العملة الخضراء، شائعات سَرت كالنار في الهشيم، تدّعي انّ سعر الدولار يتجه الى بلوغ الـ9 آلاف ليرة في الاسبوع المقبل.
وفي المقابل، يستعد مصرف لبنان لبدء العمل بالمنصّة الالكترونية التي ستكون مهمتها الاساسية تسعير الدولار في سوق الصرافة، لكنّ الآمال المعلّقة على نتائج عمل المنصّة ليست كبيرة.
ودعت مصادر وزارية معنية بالاقتصاد عبر «الجمهورية» الى التوقّف عند الفارق في سعر صرف الدولار بين المصارف والصرافين الشرعيين والسوق السوداء، بحيث بلغ هذا الفارق بين الاطراف الثلاثة نحو 2500 ليرة، ما يعني صعوبة ضبط هذا السعر وتوحيده في المرحلة الراهنة، خصوصاً انّ السوق السوداء هي السوق الفعلية التي تحدد سعر الدولار بما أنها مُتاحة لكل الناس لتغطية حاجاتهم بنسبة 75 %.
وعلّق نائب نقيب الصيارفة محمود حلاوي على هذا الامر، فقال لـ«الجمهورية» رداً على الهجمة التي يتعرّض لها سوق الصيارفة: «نحن نطلب الاوراق والوثائق من المواطنين الذين يتوجهون الينا لطلب الدولار بهدف تصويب العمل، وحتى لا يذهب هذا الدولار الى السوق السوداء او الى المضاربة او التجارة، ونحن نعلم انّ استعمالها في هذا المجال سيؤدي الى ارتفاع سعر الدولار. نحن نتسلّم من مصرف لبنان كمية من الدولارات يومياً بالسعر المحدد ونبيعها الى السوق بسعر ايضاً محدد بربح ضئيل جداً وبهدف ترييح السوق، واذا أردنا أن نأخذ هذه الدولارات ونفرّط بها فنكون قد أسأنا للتعميم ولقرار تسيير جزء من المستحقات للمواطنين، ونحن ملزمون بهامش صغير جداً ما بين البيع والشراء للمواطن وخصوصاً المحتاج للدولار للأسباب التي أصدرناها في تعميم خاص بطريقة مدروسة حتى لا يذهب الدولار هدراً. والمعنيّ بهذه الاموال هو مصرف لبنان، ونحن ننفّذ قراراً حكومياً بالاتفاق مع مصرف لبنان وننفّذ تعميمه، ونسأل أين الخطأ اذا كنّا نسدّ فراغاً او نعوّض تقصير قطاعات اخرى في تأمين الخدمات التي يحتاجها اللبنانيون، ولا سيما منها تأمين المواد الغذائية التي يستفيد منها كل بيت في لبنان والمستلزمات الطبية وكذلك تحويل الاموال الى الطلاب وغيرهم».
وعلى صعيد آخر، أعلنت لجنة المال أمس، فور انتهاء اجتماعها مع وفد صندوق النقد، أنّ «الاجتماع اتّسَم بالإيجابية والصراحة، خصوصاً في ما يتعلق بالاصلاحات التي يجب ان لا تنتظر البرنامج مع الصندوق، وفي منطلقات عدد من الأرقام خصوصاً التسليفات المتعثرة وسبل معالجة الخسائر حفاظاً على استمرارية الاقتصاد اللبناني الحر وحماية الملكية الفردية».
وفي هذا المشهد السوداوي، لاحت بارقة أمل مصدرها معلومات عن اتجاه سعودي الى دعم الليرة من خلال إحياء فكرة إيداع مصرف لبنان وديعة سعودية بالعملة الصعبة.
وتأتي هذه المعلومات عقب استقبال السفير السعودي وليد البخاري امس الاول حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ونائبه السابق محمد بعاصيري. واللافت انّ البخاري استقبل امس السفير الفرنسي في بيروت برونو فوشيه، الأمر الذي ربطه المراقبون بمجمل التحرّك السعودي المُستجِد لدعم الوضع المالي في لبنان ووقف الانهيار السريع.
إلى ذلك، بدأت تتكشّف خيوط جديدة للخطة التي يدعمها وزير الاقتصاد راوول نعمة لرفع الدعم عن المحروقات والخبز وبيع المادتين بسعر دولار السوق، بدلاً من الدولار المدعوم من مصرف لبنان، والذي يستنزف الاحتياطي القائم.
وفي السياق، كشف نعمة لـ«الجمهورية» انّ الخطة التي اقترحها لا تقضي برفع الدعم بمقدار ما تعني توفير المحروقات والخبز للبنانيين غير المقتدرين بسعر مدعوم، مقابل ان يدفع الميسور ثمن هذه المواد وفق سعر الدولار، بحسب ما يحدده مصرف لبنان.
ويذهب نعمة بعيداً الى القول، انه «في حال تمّ رفع الدعم فقط عن غير اللبنانيين الذين يقيمون في لبنان فهذا كاف لتوفير كميات كبيرة من الدولارات يحتاجها اللبناني قبل سواه، خصوصاً مع وجود نحو مليون ونصف مليون شخص غير لبناني يعيشون في لبنان». وأكد «انّ دولاً عدة نجحت في السير بآلية مماثلة حيث لا يطاول الدعم كل شرائح المجتمع مثل الأردن، ولا شك في انها ستساعدنا على التقليل من استخدام دولارات مصرف لبنان المركزي، وبالتالي يمكن هذه الآلية ان تنجح، ولذا نطالب بالكف عن التحريض عليها».
وفي ظل هذه التطورات دخلت الولايات المتحدة الاميركية للمرة الاولى مباشرة على خط الازمة المالية التي يعيشها لبنان ويزيد في تفاقمها ارتفاع سعر الدولار الاميركي، وذلك في ضوء توجيه بعض القوى السياسية اللبنانية الإتهام لواشنطن بالتورّط في هذا الامر ومنع دخول العملة الخضراء الى لبنان، والتي يتزايد الطلب عليها منذ الخريف الماضي وحتى اليوم.