Beirut weather 17.41 ° C
تاريخ النشر May 30, 2020
A A A
هذا ما أوردته “الجمهورية” في إفتتاحيتها
الكاتب: الجمهورية

تحت عنوان “مفاوضات الصندوق: «سجال أرقام».. والتحذيرات الدولية تتوالى: عجّلوا بالإصلاحات”، كتبت صحيفة الجمهورية في افتتاحيتها:

الواقع الداخلي لا يبشّر بانفراج ينتزع البلد من أيدي العابثين به؛ العنوان الاساس، صراع دائم واشتباكات سياسية تستولد اشتباكات حتى على جنس الملائكة، واختلاف لا ينتهي على الكهرباء وما تَستبطنه من فيول مغشوش وعمولات وصفقات، وعلى المحاصصة في التعيينات والتشكيلات القضائية وغير القضائية لمصلحة بعض المحاسيب والأتباع، وسباق محموم على الشعبوية، التي ظهرت في ذروة تجلياتها في مقاربة بعض البنود المسمّاة اصلاحية ومحاولة تجييرها لصالح هذا الطرف او ذاك، وكذلك في المحاصصة التي لم تتمّ على اقتراح العفو العام، الذي زاد من حدّة التوتر بين «تيار المستقبل» و»التيار الوطني الحر»، وتجلّى ذلك في تغريدات نارية متبادلة بينهما أمس.
أمّا السلطة فأشبه بسلحفاة عجوز تنتظر ريحاً «تدفشها» الى الامام، ومع ذلك تدّعي الصِبا والشباب، وامتلاكها قدرات خارقة لمواجهة الازمة، فيما الحقيقة هي خلاف ذلك تماماً، حيث أثبتت هذه السلطة، منذ تربّعها على عرش الحكم وحتى الآن، أنّها ليست قادرة الّا على خداع اللبنانيين بلغة التخدير ووعود فارغة وعراضات اعلامية وتلفزيونية متتالية تطفح بتعابير انشائية مملّة، فيما هي لم تتمكّن حتى الآن، سواء عن قصد او عن عجز، من الخطو، ولو خطوة واحدة جديّة وملموسة، تطمئن من خلالها المواطن اللبناني الى حاضره ومستقبله.
واضح انّ هوة سحيقة تفصل هذه السلطة، ومعها معظم الطاقم السياسي، عن الواقع بما يتطلبّه من تحمّل للمسؤولية حيال أزمة تشدّ البلد نحو الانهيار الكارثي، وهو بحسب معلومات «الجمهورية»، ما عبّر عن الخشية منه ممثلون عن المؤسسات المالية الدولية، وما نبّهت منه ايضاً رسائل متتالية نقلها سفراء غربيون الى كبار المسؤولين في الدولة من جهات دولية سياسية ومالية، تقاطعت حول سؤال اساسي: اين إصلاحات الحكومة اللبنانية؟
وبعض هذه الرسائل وصل قبل أيام معدودة، وبمضمون يأخذ على الحكومة «تلكؤها غير المفهوم او المبرر في ولوج باب الإصلاحات العلاجيّة الملحة، ويحذّر من الإنعكاسات السلبيّة للصراع السياسي (بين السلطة وأهل السياسة)، الذي يصبح معه العثور على مفاتيح الحلول للأزمة الاقتصادية والمالية متعذراً وفي منتهى الصعوبة، ما قد يقود الى وضع اقتصادي ومالي واجتماعي شديد التعقيد لا طاقة للبنانيين على تحمّله».
تلك الرسائل، وبحسب معلومات «الجمهورية» ايضاً، تتقاطع مع تحذيرات ونصائح وجّهها ممثلون عن الهيئات الاقتصادية، وخبراء في الاقتصاد والمال والأعمال الى الحكومة، بوجوب مقاربة الازمة الاقتصادية والمالية بعقلية ما بعدها وليس بعقلية ما قبلها، ولا يجب ان نرى لبنان كما هو عليه حالياً، بل يجب ان نراه كما يجب ان يكون عليه.
وبحسب المعلومات، فإنّ تقديرات الاقتصاديين لا تتوقع انفراجاً وشيكاً في المفاوضات الجارية مع صندوق النقد الدولي، بل قد تطول هذه المفاوضات لِمَديات غير محسوبة وربما لأشهر طويلة، وهذا لا يعني ان تتجمّد الحكومة عند نقطة الانتظار لِما سيقرّره الصندوق، بل ان تواكبه بخطوات تحصّن موقف لبنان في هذه المفاوضات، وهذا ما طلبه وفد صندوق النقد صراحة من المفاوض اللبناني.
الى ذلك، علمت «الجمهورية»، انّ المفاوضات مع صندوق النقد الدولي ستُستأنف الإثنين المقبل، في جلسة تتابع البحث مع «مصرف لبنان» حول أرقام خسائر لبنان، التي حدّدها، والتي تناقض ارقام الخسائر المقدّرة في خطة التعافي الاقتصادي والمالي التي قدّمتها الحكومة الى صندوق النقد.
واذا كانت مفاوضات أمس الأول مع صندوق النقد، قد جاءت بنتائج عكسية ومفاجئة لحاكم مصرف لبنان، حينما شكّك الصندوق بأرقام مصرف لبنان وتبنّى ارقام الحكومة، فإنّ ما لفت الانتباه امس، هو البيان الصادر عن حاكم مصرف لبنان واشار فيه الى انّه، اي الحاكم، يتفاوض وفريق عمله مع صندوق النقد بحسن نية، والمفاوضات لم تنته حول الحسابات، وانّه «باقٍ على رأيه».
وفسّرت مصادر مراقبة بيان سلامة، بأنّه جاء أولاً لينفي بعض المعلومات التي جرى تداولها حول موقف خبراء صندوق النقد من وجهة نظر المصرف بالنسبة الى الخسائر، وهدفَ ثانياً الى توجيه اصابع الاتهام الى فرقاء في داخل الوفد المفاوض، يسرّبون معلومات مغلوطة عن مضمون المفاوضات.
وقالت مصادر وزارية معنية لـ»الجمهورية»: «اي تباين ضمن الوفد اللبناني من المالية ومصرف لبنان، سواء حول ارقام الخسائر وغيرها، من شأنه أن يُضعف موقف لبنان ويرتّب انعكاسات سلبية، وفي اي حال لننتظر اجتماع الاثنين الذي سيحسم الامر نهائياً في ما خصّ الارقام، علماً انّ وفد صندوق النقد قاربَ ارقام خطة الحكومة بموضوعية، ولم يكن مقتنعاً بأرقام مصرف لبنان».
في هذا الوقت، يبقى العبث مستمراً في معيشة الناس، في ظل غلاء الاسعار المستفحل بلا رقيب يردع المتلاعبين وجشع تجّار لقمة العيش. فيما تفقد الليرة اللبنانية مزيداً من قيمتها في موازاة الدولار الاميركي.
وفيما تجمع الاوساط المالية على اختلافها بأنّ الليرة لا يمكن ان تشهد تحسناً امام الدولار طالما انّ تحويلات «الفريش ماني» بالدولار شبه منعدمة في الوقت الحاضر، عُلم انّ اجتماعاً سيُعقد اليوم بين رئيس الحكومة حسان دياب ووفد من الصرافين. وتوقعت مصادر السرايا ان يؤدي هذا الاجتماع الى اعلان الصرافين فك اضرابهم والعودة الى مزاولة عملهم، وضمن الضوابط القانونية التي يفرضها مصرف لبنان.
يُذكر في هذا السياق، انّ الاسبوع الجاري انتهى كما بدأ على صعيد سعر الدولار، حيث لم يسجل في السوق السوداء المحدودة تراجعاً يُذكر، اذ بقي في حدود الـ4000 ليرة.
وفي مجال آخر، قالت مصادر رئيس الحكومة لـ»الجمهورية»، انّ الحكومة ماضية في سياستها في الاتجاه الذي يحمي المواطنين ويخفّض الاسعار ويحدّ من ارتفاع الدولار. والأولوية اليوم هي لمعالجة الشأن الاقتصادي، ومتابعة اجراءات مصرف لبنان في ما خصّ تسهيل التحويلات لاستيراد السلع والمواد الاستهلاكية والغذائية بسعر مخفض للدولار، فهذا الامر يشكّل حجر الزاوية في تخفيف الاسعار.
ولفتت المصادر الى انّ هذا التخفيض، يؤمل ان ينعكس ايجابيات فورية على المواطن، ومن شأنه ان يمنع التفلّت الحاصل في الاسعار، وان يعيد من جهة ثانية جزءاً من مكتسبات الرواتب للموظفين التي خسروها.
لم يمر بند التعيينات في جلسة مجلس الوزراء، التي عقدت في بعبدا برئاسة رئيس الجمهورية ميشال عون وحضور رئيس الحكومة حسان دياب، الذي قام أمس بجولة تفقّدية للحدود الشرقية. وكان هذا البند يشمل تعيين محافظ مدينة بيروت، ورئيس مجلس الخدمة المدنية، والمدير العام للاستثمار في وزارة الطاقة والمياه، والمدير العام لوزارة الاقتصاد والتجارة. وتمّ ترحيله الى وقت لاحق، ربما تجنّباً لأيّ تصادم مع القانون الذي أقرّه مجلس النواب أمس والمتعلق بآلية التعيين في الفئة الاولى.
وعلمت «الجمهورية» انه عند طرح بند التعيينات، طلب الرئيس دياب من امين عام مجلس الوزراء محمود مكيّة إعطاء معلومات حول رندة يقظان، وهي مرشحته لرئاسة مجلس الخدمة المدنية. وقال: لقد تناولت وسائل الاعلام معلومات عن يقظان، وحصل التباس حولها فهي ليست معنية بما حصل حينها في الملف الذي نشر في وسائل الاعلام. ودافعَ دياب عنها بقوة، وقال: أنا اطلعتُ على ملفها وهو خال من الشوائب، لكن وسائل الاعلام أساءت إليها.
وتدخّلت وزيرة العدل مُستاءة، واكدت انها لم تطّلع على الملف ولم يطرح عليها. وقالت انه من الافضل عندما يتم تناول قضاة أن تُسأل وزيرة العدل لتقدّم تقارير مفصّلة عمّن تريدون تعيينه. واضافت: أنا لا أعترض على القاضية بحدّ ذاتها، إنما في الشكل هناك خطأ. واعتبرت انها شخصياً تعارض تعيين القضاة في مراكز ادارية، وحصل نقاش كبير هنا حول وضع عدة قضاة مفصولين الى الادارة.
وقال الوزير مرتضى: لماذا كلما طرح اسم للتعيينات يتعرّض لحملات تشهير وابتزاز؟ يجب ان ننهي هذا الامر.
وتحدث الوزير نجار عن ضرورة التوافق على الشفافية، وسأل عن مصير آلية التعيينات؟ وقال: يجب ان تتضح لنا الامور وان نعلم ماذا يحصل في موضوع التعيينات. فأجابه دياب موضحاً انّ مركز رئيس الخدمة المدنية لا يخضع للآلية، والقاضية ظُلمت، وأنا لا أحبّذ الظلم، وأي تعيين يجب ان يكون بالتوافق وخصوصاً منصب مجلس الخدمة المدنية الذي هو على تواصل مع كل الوزراء، والافضل ان تكون الحكومة يداً واحدة في هذا الموضوع.
وفيما اكد مقربون من رئيس الحكومة أنّ زمن المحاصصة في التعيينات قد انتهى الى غير رجعة، قالوا إنّ أيّ تعيينات لن تتم لاحقاً الّا وفق معيار الكفاءة وضمن الآلية التي وضعت .
الى ذلك، ينتظر أن تُحال القوانين التي أقرّها مجلس النواب الى رئاسة الجمهورية الاسبوع المقبل، لنشرها في الجريدة الرسمية ومن ضمنها القانون المتعلق بآلية التعيين.
وبحسب مصادر معنية بملف التعيينات، فإنّ نشر القانون في الجريدة الرسمية خلال الايام المقبلة، سيمهّد لوضع التعيينات الملحّة على النار من جديد لإصدارها وفق الآلية التي يحددها هذا القانون، ومن ضمنها التعيينات المالية اضافة الى التعيينات التي كان مقرراً أن تصدر عن مجلس الوزراء امس، الّا انّ هناك عائقاً مزدوجاً قد يبرز في الطريق: الأول الطعن بالقانون امام المجلس الدستوري الذي لوّح به تكتل لبنان القوي، والثاني احتمال أن يردّ رئيس الجمهورية العماد ميشال عون القانون المذكور الى المجلس النيابي لإعادة النظر فيه.
وفي جانب آخر من جلسة مجلس الوزراء، علمت «الجمهورية» انه في مستهلّ الجلسة طلب رئيس الجمهورية اعادة النظر في القرار الذي اتخذ في جلسة السرايا بتاريخ 14 الجاري، قائلاً: أخذتُ قراراً ويحقّ لي ان اعود واطرحه، واطلب منكم إعادة النظر فيه».
وقالت مصادر وزارية لـ»الجمهورية»: انّ الوزراء، ورغم تسريب موضوع عزم رئيس الجمهورية الطلب من مجلس الوزراء اعادة النظر بالقرار الحكومي الذي اتخذ في جلسة السرايا وفق صلاحياته التي تنص عليها المادة 56 من الدستور، الّا اننا شعرنا انّ عودة سلعاتا الى النقاش كانت بمثابة غارة وهمية. ورغم انّ محاولة إدخالها الى قرار مجلس الوزراء المُثبت في محضر رسمي أُجهضت، الّا انّ كلام وزير الطاقة مُستغرب حول انّ التصويت عليه هو لزوم ما لا يلزم، فالقرار اتخذ ولم يعدّل. أمّا الاخراج فكان لحفظ ماء الوجه بغَضّ النظر عن الخطة والمراحل والمعامل التي تضمنتها، وسلعاتا مذكورة في الخطة والجميع يعلم هذا.
واضافت المصادر: ما حصل في الجلسة كان إخراج تسوية حتى لا ينكسر احد. فسلعاتا موجودة، وبدء العمل لا يزال من الزهراني. وختمت المصادر بتوصيف المخرج بقولها: «لا تطير سلعاتا ولا يفنى القرار الحكومي».
وعلمت «الجمهورية» انّ رئيس الحكومة طلب من وزير المال غازي وزنة داخل الجلسة ان يقدّم ملخصاً عن اجتماعات الوفد اللبناني مع صندوق النقد الدولي، فأجاب وزنة: لقد عقدنا 8 جلسات وهناك رغبة في الاستعجال وكل جلسة مخصّصة لمحور معين، مؤكداً انّ الانطلاق هو من خطة الحكومة وهم لا يفرضون رأيهم بشروط سياسية.
وأضاف وزنة: البحث علمي وتقني انطلاقاً من خطة الحكومة، وهم يستمعون الى وجهة نظر الفريق اللبناني. وخلال أمس الاول كان هناك جلسة بحضور الحاكم، وقبل أسبوعين حضر وزير الطاقة. فناقشنا الهيئة الناظمة ومجلس ادارة الكهرباء، وناقشنا ايضاً الكابيتال كونترول. يدخلون في التفاصيل الصغيرة ونحن حاضرون لكل سؤال، وأستطيع القول انّ المفاوضات بنّاءة وتتم بشكل ايجابي. وحتى الآن نقول لهم ما لدينا، ونتوقع بعد اسبوعين أو ثلاثة أن نبدأ بالاستماع اليهم والى آرائهم، ونأخذ اجوبة عمّا نعرضه عليهم.
في سياق متصل، توقعت مصادر حكومية عبر «الجمهورية» صدور مرسوم فتح دورة استثنائية للمجلس النيابي بالتوافق بين رئيسي الجمهورية والحكومة خلال الايام المقبلة، على ان تستمر حتى بداية العقد العادي الثاني للمجلس النيابي في اول ثلاثاء بعد 15 تشرين الاول المقبل.
ولفتت المصادر الى انّ ثمة حاجة ملحّة لفتح هذه الدورة، وخصوصاً في ظل وجود مجموعة من المشاريع الاصلاحية التي ينبغي التعجيل بإقرارها، اضافة الى مواكبة المجلس النيابي للمفاوضات مع صندوق النقد الدولي عبر تناول مجموعة مشاريع مرتبطة بالخطة الانقاذية التي قدّمتها الحكومة وتفاوض صندوق النقد الدولي على أساسها.