Beirut weather 17.41 ° C
تاريخ النشر March 19, 2018
A A A
هدوء لبناني ما قبل عاصفة إقليمية تنذر بها إقالة تيلرسون
الكاتب: ميرا جزيني عساف - اللواء

تشي المتغيّرات المتسارعة في الإدارة الأميركية وآخرها إقالة الرئيس دونالد ترامب وزير الخارجية ريكس تيلرسون، بإصرار ترامب، الذي أعلن صراحة انّ سبب خلافه مع تيلرسون هو اختلاف النظرة إلى الاتفاق النووي الإيراني، على السير بتغيير مفصلي على صعيد هذا الاتفاق يتأرجح بين إلغائه، حدّا أقصى، أو وضعه على الطاولة من جديد، الأمر الذي ترفصه طهران.

ليس هذا تفصيلا على صعيد المنطقة، تقول أوساط متابعة للشأنين الإقليمي والدولي، فإعادة البحث في الإتفاق النووي بين طهران والغرب، الأميركي والأوروبي، لا يمكن أن تمرّ مرور الكرام بعد سنوات من التفاوض تمكّنت فيها طهران من رفع عقوبات استمرّت عقودا وأسهمت في خنق الاقتصاد الإيراني ورفع نسبة البطالة تماما كما تمكّنت من رسم سياسات إقليمية طوّرت من خلالها دورها في المنطقة ليصبح محوريا وأساسيا في الأزمات والحروب كما في مساعي الحلول السياسية. وتضيف الأوساط أنّ ما يُطرح أميركياً من إعادة للنظر في الاتفاق الذي لم يطوِ سنواته الثلاث بعد، لا يبدو أمرا طبيعيا غير انّه لا يخرج عن إصرار ترامب على السير بكلّ ما وعد به في خلال حملته الإنتخابية، وإن بدت بعض الأمور إنتحارية، كما تبيّن في بعض قراراته السابقة، إن لم تكن غالبيّتها.

وفي نظر الأوساط، فإنّ اعتبار إيران إقالة تيلرسون تصميما أميركيا على الانسحاب من الاتفاق النووي ومقابلة تهديده بتهديد مماثل، بأنّ أي انسحاب أحادي الجانب يلُوِّح به البيت الأبيض لن يجرّ إيران إلى إعادة الاتفاق إلى طاولة التفاوض، في موازاة التمسّك برفض التجاوب مع الرسائل التي بعثت بها واشنطن عبر الوسيط الأوروبي، كلّها عوامل مقلقة ورسائل سلبية تؤشّر الى عودة الاشتباك الاقليمي والدولي على خلفية الاتفاق النووي، ما سينعكس تعقيدا في الملفّات الكبرى في الإقليم ويعيد رسم الصورة وفق توازنات جديدة.

وسط هذه الأجواء، تبدو المنطقة على ضفاف المزيد من الأحداث الهامة المتوقّعة من البوابة الأميركية، بعد القرار المدوّي لواشنطن نقل سفارتها الى القدس في كانون الأوّل الماضي. ويرى مراقبون أنّ هذه المرحلة تشكّل فرصة للهدوء وإعادة صوغ السياسات وفق قواعد جديدة. ولا يبدو لبنان بعيدا من هذا السياق، وإن انشغل في الآونة الأخيرة في التحضير للاستحقاق الإنتخابي المرتقب في السادس من أيّار.  وفي هذا الإطار، تندرج عودة القائم بالأعمال السعودي وليد البخاري الى لبنان ليتولّى المهام الديبلوماسية إثر مغادرة السفير وليد اليعقوب، في إشارة، يضعها البعض في إطار حرص المملكة على السير بتطوير العلاقات بين البلدين إيجاباً والحفاظ على أمن واستقرار لبنان، وهو ما يتجسّد فعليا من خلال مشاركة الرياض الإيجابية في المؤتمرات الدولية المزمع عقدها من أجل لبنان، وكان أوّلها مؤتمر «روما- إثنان». كما تشير مصادر مطّلعة على لقاء البخاري- باسيل في وزارة الخارجية هذا الأسبوع، الى انّ النقاش كان إيجابيا وتطرّق إلى إمكان رفع التحذير عن سفر المواطنين السعوديين إلى لبنان كمقدّمة لتشجيع الدول الخليجية المعنيّة على القيام بذلك، وهو مؤشّر إلى رغبة سعودية عربية أكيدة في تدعيم الإستقرار اللبناني والسعي الى تحييده عن أي تداعيات إقليمية متوقّعة أو مرتقبة ربطا بالملفّ الإيراني.

لكن المصادر المطّلعة تبدي قلقا مشوبا بالحذر من جراء أي تفلّت في سياقات المواجهة الأميركية – الإيرانية، قد يجد لبنان نفسه محشورا فيه من دون حول أو قدرة، وهو الأمر الذي يستوجب الكثير من التشاور والتعقّل، وخصوصا عند اللاعبين اللبنانيين المعنيين مباشرة بهذه السياقات.