Beirut weather 17.41 ° C
تاريخ النشر August 3, 2019
A A A
هاني صافي لموقع “المرده”: لبنان لا يحتمل السيناريوهات “الحادّة”
الكاتب: سعدى نعمه - موقع المرده

جوّ شديد القتامة يخيّم على لبنان في الفترة الأخيرة بحيث ان الحلول مفقودة والحوارات مقطوعة والتفاهمات معدومة، في وقت نحن فيه أحوج ما نكون لاعطاء صورة مشرقة للسياح وحثهم على القدوم الى لبنان وتحريك عجلة اقتصاده. ومن المعروف ان “كل اتكالنا على هذا الموسم” علّنا نعزز اقتصادنا الوطني وننعشه في ظل “الجو السياسي السلبي”.
أمام هذا المشهد، علق الاستاذ الجامعي والكاتب السياسي الدكتور هاني صافي في حديث خاص لموقع “المرده” قائلاً: “نحن نعيش على فوهة بركان، في محيط اقليمي مضطرب، وهذا يستدعي وعياً وحكمةً من قبل المسؤولين اللبنانيين كي لا تتحوّل الأزمة السياسية إلى أزمة وطنية طائفية”، مشيراً الى أن “المُلفت في المشهد السياسي السائد حالياً اننا نغرق في تفاصيل ومسائل صغيرة تعيق عمل المؤسسات الدستورية وعلى رأسها مجلسي النواب والوزراء اللذين يفترض بهما أن يكونا “خلية نحل” تعمل جاهدة لمواجهة الانهيار الاقتصادي وأزمة البطالة وهجرة الادمغة والازمات المستجدة في الداخل وفي الاقليم، خصوصاً في ظل المواجهة الأميركية الإيرانية التي سترتدّ بشكل او بآخر على الداخل اللبناني. فعوضاً عن ان يكون الهمّ منصبّاً اليوم على هذه الازمات الكبيرة، ترانا نغرق في مسائل طائفية ومذهبية وسياسية صغيرة، مع العلم ان جزءاً كبيراً من هذه المسائل يمكن أن يحلّ بحوار صريح تحت قبة البرلمان او في مجلس الوزراء، فالامور لا تحل بتفرد كل شخص بموقفه الخاص”.
ولفت صافي الى أن “المشكلة هي في الاصطفافات السياسية الحادة التي تفرز اهل السلطة وتمنع تلاقيهم”.
وأوضح صافي أن “السياسة تؤثر بشكل مباشر في الاقتصاد، وكفانا تسلية بالموضوع الاقتصادي، لأن الدول المانحة في مؤتمر سيدر 1 تنتظرنا، ليس فقط لانجاز الموازنة التي خفضنا فيها العجز بطريقة دفترية، بل لتطبيق الخطوات التي تكلمنا عنها في الخطة الحكومية والتي أعادت اللجان تعديلها ووافق عليها مجلس النواب. وفيما هي بانتظارنا لتساعدنا، مطلوب منا مجهود اضافي كي نسيطر على الازمة التي نعيشها والتي قد تؤدي بنا الى الانهيار الاقتصادي. لذلك علينا جميعاً أن ندرك أن الازمات السياسية التي نخلقها من لا شيء تضر فينا بشكل مباشر، وأن الاقتصاد قد يطيح بالجميع و”يُغرق مركبنا”.مما يعني أنه لا يمكننا الاستمرار بحالة الترف والتسلية بالسياسة، لأن الازمة الراهنة قد تصبح وجودية اذا مضينا في هذا الاستخفاف”.
واستطرد صافي قائلاً: “نعيش أزمة حكم دائمة في لبنان بسبب سيطرة الطائفية الضيقة التي تضع الوطن في المرتبة الثانية. ما يجعل كل ازمة او حادثة تتحوّل طائفية.”
أما عن أزمة الموازنة فقال “إن هناك بنداً يحفظ حق الناجحين في مجلس الخدمة المدنية، فيما هناك نسبة مرتفعة من المسلمين ونسبة ضئيلة من المسيحيين، فأتت خطوة رئيس الجمهورية على خلفية ان ذلك يخلّ بالتوازن الوطني، لذلك لجأ الى تجميد الموازنة واعاد توقيعها عندما كان هناك استثناء لبند تثبيت الموظفين الناجحين في مجلس الخدمة المدنية. والمشكلة في هذا الموضوع انه كان من المفترض على القوى السياسية المسيحية ان تعمل على حثّ المسيحيين للإقبال على وظائف الدولة بشكل اكبر. وعندما نريد ان ننظر الى الارقام علينا التوقف عند الخلفيات والابعاد قبل ان نقول ان هناك 90% من المسلمين نجحوا يقابلهم 10% من المسيحيين، وهذا بالطبع خلل وطني .ولكن في البدء هناك خلل على مستوى ايمان المسيحي بهذه الدولة وعلى مستوى اقباله عليها. فالاعداد التي تقدمت الى الامتحانات هي اعداد قليلة”، وقد دعا صافي السياسيين اللبنانيين الحريصين على التوازن الوطني ان يسألوا انفسهم “لماذا لا يتقدم الشباب المسيحي الى الوظائف العامة؟ وبالتالي العلاج يبدأ من هنا وعندها لا تعود هناك مشكلة على مستوى التوازن”.
واعتبر صافي ان “لا حل الا بعودة الاطراف المتنازعة الى الاجتماع في مجلس الوزراء، وان تعود الحكومة الى لعب دورها ونحن لا نحتمل حالياً السيناريوهات “القصوى” او الحادة على شاكلة استقالة رئيس الحكومة أو انكسار فريق امام آخر”…، مضيفاً “نحن مضطرون الى ايجاد الحلول ومدير عام الأمن العام اللواء عباس ابراهيم يقوم بمسعى تُبيّن الايام القليلة المقبلة نتائجه. ونأمل عودة الحكومة الى العمل قريباً إذ لا بد للمتنازعين ان يعرفوا ان التسويات السياسية قدر اللبنانيين. ما يعني أنه لا بدّ من ايجاد ارضية وسطية بين طرفي النزاع وخصوصاً رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط والنائب طلال ارسلان، تترجَم مخرجاً يحفظ ماء الوجه للجميع، فنكون بذلك قطعنا دابر الفتنة وتعود الحكومة الى الاجتماع”.
وتابع صافي قائلاً: “من حق رئيس الجمهورية ان يوجه رسالة او رسائل الى مجلس النواب، وهذا حق يكفله الدستور. وبالتالي عندما يرى رئيس الجمهورية ان هناك مادة دستورية ليست واضحة او بحاجة الى تفسير له الحق في ان يطلب من مجلس النواب تفسير هذه المادة. مشيراً الى ان النقطة المحورية تكمن في كيفية تعامل مجلس النواب مع هذا الموضوع. يجب ان يصار الى دعوة المجلس للاجتماع خلال ثلاثة ايام لبحث الرسالة الرئاسية واتخاذ موقف حيالها. الموضوع ليس جديداً وقد حصل على أيام الرؤساء الهراوي ولحود وسليمان الذين وجهوا رسائل الى مجلس النواب. وقد تراوح موقف البرلمان بحسب الموضوع المطروح، معتمداً تدوير الزوايا على الطريقة اللبنانية، تلافياً للأزمات السياسية. وشدد صافي على ان “مجلس النواب مدعو الى تفسير المواد الدستورية المبهمة التي لها علاقة بالأنصبة في الجلسات الانتخابية وبغياب النواب وبأمور كثيرة، حتى من غير ان يكون هناك رسالة موجهة من رئيس الجمهورية، لأن ذلك من صلب عمله. وبذلك نوفّر على انفسنا عناء الاختلاف حول البنود الدستورية عند كل استحقاق”.
وختم صافي محذراً: “من خطورة مقاربة المسائل الوطنية من زوايا طائفية ومذهبية في هذا الظرف بالذات”.